
أعلن الرئيس الفنلندي سولي نينيستو، الأحد، أن بلاده ستتقدم بطلب لعضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فيما ينتظر أن تعلن السويد عن ذلك لاحقاً، في خطوة تعهّدت ألمانيا بتسريعها، ونالت دعماً متزايداً من الدول الأعضاء، في وقت أعرب الحلف عن ثقته بإمكانية معالجة مخاوف تركيا بشأن عضوية هلسنكي وستوكهولم.
ويعقد مسؤولون بارزون في الحلف اجتماعاً في برلين، انضمّ إليه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
ويأتي إعلان فنلندا، واستعداد السويد لتقديم طلب الانضمام إلى الحلف، الذي يضمّ 30 عضواً، رداً على ما يعتبره البلدان وضعاً أمنياً تبدّل بشكل جذري، نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن موسكو اعتبرت الخطوة "خطأ"، ملوّحة بتدابير انتقامية.
ويعود الحياد العسكري لفنلندا إلى أكثر من 75 عاماً، وإلى القرن التاسع عشر بالنسبة للسويد. لكن البلدين قطعا حيادهما، مع انتهاء الحرب الباردة في تسعينيات القرن العشرين، عبر إبرامهما اتفاقات شراكة مع "الناتو" والاتحاد الأوروبي.
واتخذت فنلندا المبادرة أولاً، قبل السويد التي لا تريد أن تصبح الدولة الوحيدة المطلّة على بحر البلطيق، غير العضو في الحلف.
فنلندا تحسم موقفها
وأعلن الرئيس الفنلندي سولي نينيستو رسمياً قرار هلسنكي، الأحد، بعد 3 أيام على بيان مشترك مع رئيسة الحكومة سانا مارين، كشف عن رغبة بلدهما في الانضمام إلى الحلف "دون تأخير".
وقالت مارين، السبت: "نأمل أن نتمكّن من إرسال طلباتنا هذا الأسبوع، مع السويد. لدى (السويديين) إجراءات خاصة بهم، لكنني آمل أن نتخذ القرارات في وقت واحد".
وأجرى الرئيس الفنلندي اتصالاً هاتفياً، السبت، بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، لإبلاغه بترشيح بلاده لعضوية "الناتو". لكن الأخير اعتبر أن إنهاء سياسة الحياد العسكري التاريخية لفنلندا سيكون "خطأ، إذ ليس هناك أيّ تهديد لأمنها".
نقاش في السويد
ويعقد قياديو الحزب الاشتراكي الديمقراطي في السويد، بقيادة رئيسة الوزراء ماجدالينا أندرسون، اجتماعاً الأحد للبتّ في ما إذا كان على الحزب التخلّي عن خطه التاريخي المناهض للانضمام إلى الناتو، والذي أكده مجدداً خلال مؤتمر في نوفمبر الماضي، علماً أن شخصيات في الحزب تدين ما اعتبرته قراراً متسرّعاً وتهرّباً من النقاش، بحسب "فرانس برس".
وأقرّ روبرت دالشو، وهو محلل في وكالة أبحاث الدفاع السويدية، بأنه "قد لا يكون هناك الشعور بالإلحاح نفسه"، كما هو الحال في فنلندا. واستدرك: "أدرك القادة السويديون أنه ليس لديهم خيار آخر، وما إن تذهب فنلندا إلى هناك حتى يكون عليهم أن يفعلوا الأمر ذاته".
وأجرى الحزب نقاشات داخلية الأسبوع الماضي، بشأن إسقاط معارضة مديدة لعضوية "الناتو"، علماً أن السويد كانت أكثر تردداً في التخلّي عن عدم الانحياز، منذ إحلال السلام بأوروبا بعد حروب نابليون بونابرت، من فنلندا التي خاضت صراعاً دموياً مع الاتحاد السوفيتي في القرن العشرين، وفقاً لوكالة "رويترز".
وتفيد استطلاعات للرأي بأن نسبة الفنلنديين الراغبين في الانضمام إلى الحلف تجاوزت ثلاثة أرباع، أي ثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب في أوكرانيا. وفي السويد أيضاً ارتفعت نسبة مؤيّدي الانضمام إلى "الناتو"، لكنها بلغت نحو 50% مقابل معارضة 20%.
موقف تركيا
وأعلن ميرتشا جوانا، نائب الأمين العام للحلف، عن ثقته بإمكانية معالجة مخاوف تركيا بشأن انضمام فنلندا والسويد إلى "الناتو"، إذ اتهمتهما بدعم "إرهابيين"، في إشارة إلى "حزب العمال الكردستاني". ويستغرق البتّ في الترشيح والانضمام أشهراً، ويتطلّب مصادقة الدول الأعضاء بالإجماع.
وقال جوانا في برلين، الأحد: "تركيا حليف مهم وأبدت مخاوفها التي يتم تناولها بين الأصدقاء والحلفاء. أثق بأنه إذا قررت هاتان الدولتان السعي للحصول على عضوية الحلف، فسيمكننا الترحيب بهما والتوصّل إلى كل شروط التوافق في الآراء".
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الأحد، إن بلاده تدعم سياسة "الباب المفتوح" للناتو، مشيراً إلى أن التضامن "أمر بالغ الأهمية".
وأضاف جاويش أوغلو أنه "أجرى محادثات جيدة مع نظراء من السويد وفنلندا"، مشدداً على أنقرة لا تعارض توسع الحلف، لكنها تعارض "الدول التي تدعم الإرهاب".
وأجرى وزراء خارجية دول "الناتو" نقاشاً صريحاً مع تركيا، بشأن إمكانية انضمام السويد وفنلندا، بحسب "بلومبرغ". ونقلت عن وزيرة الخارجية الكندية، ميلاني جولي، تشديدها على أهمية تسريع عملية الانضمام، مشيرة إلى "حملات تضليل جارية في فنلندا والسويد"، إضافة إلى "مخاوف أمنية" لم تحدّدها. وأعربت عن "أملها بأن يتم ذلك في غضون أسابيع".
"مسار جيد"
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اعتبر أن البلدين تحوّلا إلى "فندق لإرهابيي حزب العمال الكردستاني"، الذي تعتبره أنقرة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة "منظمة إرهابية".
وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، اتهم السويد وفنلندا بتقديم "دعم علني لحزب العمال الكردستاني، والتعامل معه ومع وحدات حماية الشعب" الكردية في سوريا، مضيفاً: "هذه منظمات إرهابية تهاجم قواتنا كل يوم". وتابع: "إذا أرادت دولة أن تصبح عضواً في الناتو، فيجب ألا تدعم منظمات إرهابية".
لكن وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو، أبدى ثقته بـ"أننا سنجد حلاً في النهاية، وأن فنلندا والسويد ستصبحان عضوين" في الحلف.
وعلّق وزير خارجية لوكسمبورج، جان أسيلبورن، على تصريحات نظيره التركي، قائلاً: "لا ينبغي السماح لأيّ من الحلفاء الثلاثين بمقاومة" عضوية السويد وفنلندا. وأضاف: "إنها لعبة من شأنها أن تجعل الناتو يبدو سيئاً، لذلك آمل ألا يكون الأمر كذلك"، بحسب "بلومبرغ".
لكن وزير الخارجية الكرواتي، جريليك رادمان، ذكر أن المحادثات بين تركيا وفنلندا والسويد "تسير على مسار جيد، ونأمل أن نحقق نتيجة جيدة اليوم، لإظهار التضامن والتحدث بصوت واحد".
وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، قالت إن السويد وفنلندا ستنضمان إلى الحلف "بسرعة كبيرة"، إذا قررتا ذلك، مؤكدة أنه لن تكون هناك "منطقة رمادية" في عملية الانضمام. وأضافت أن "ألمانيا أعدّت كل شيء لإجراء عملية مصادقة سريعة".
اقرأ أيضاً: