أليكس صعب.. ذراع لـ"مادورو" برتبة وزير

time reading iconدقائق القراءة - 8
رجل الأعمال الكولومبي أليكس صعب الذي سلّمته جمهورية الرأس الأخضر إلى الولايات المتحدة - Twitter/@ABA_ICLC
رجل الأعمال الكولومبي أليكس صعب الذي سلّمته جمهورية الرأس الأخضر إلى الولايات المتحدة - Twitter/@ABA_ICLC
دبي-إيلي هيدموس

يثير تسليم رجل الأعمال الكولومبي أليكس صعب إلى الولايات المتحدة، لمواجهة اتهامات بتبييض أموال، مخاوف في فنزويلا وإيران وتركيا؛ إذ إن اعترافاته المحتملة للأميركيين قد تكشف تفاصيل عن شبكات فساد، ولا سيّما أن ثمة من يعتبره واجهة لنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

ووصف نظام مادورو تسليم صعب بأنه عملية "خطف"، علماً أنه احتُجز في جمهورية الرأس الأخضر، في 12 يونيو 2020، عندما توقفت طائرته الخاصة للتزوّد بوقود، أثناء رحلة من فنزويلا إلى إيران.

وجمّدت السلطات الفنزويلية مشاركتها في مفاوضات مع المعارضة في مكسيكو سيتي، بعد تسليم صعب، علماً أنها كانت عيّنته عضواً في وفدها، لحمايته من عملية التسليم. كما أن فريقه القانوني اعتبر أنه يحظى بحصانة دبلوماسية، بوصفه موفداً فنزويلياً إلى إيران، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

"التربّح من مجاعة"

في عام 2019، وجّه مدعون عامون أميركيون اتهاماً إلى صعب، في ما يتعلّق بمخطط رشوة مكّنه من نيل نحو 350 مليون دولار، من مشروع إسكان حكومي في فنزويلا.

كما اتهمت واشنطن رجل الأعمال الفنزويلي بـ"التربّح من مجاعة"، من خلال تورّطه بمخطط، يُتهم فيه مع آخرين، برشوة مسؤولين فنزويليين بارزين لنيل عقود لاستيراد أغذية مخصّصة لمواطنين مسجّلين في برنامج "اللجان المحلية للإمداد والإنتاج" الذي أطلقته الحكومة في عام 2016 لتوزيع أغذية بأسعار مدعومة، نتيجة تفشي الجوع بعد الانهيار المعيشي والمالي في البلاد.

واعتبرت وزارة الخزانة الأميركية أن صعب جلب "جزءاً ضئيلاً فقط من الطعام" الذي كان يُفترض أن يستورده، فيما "جنى أرباحاً ضخمة".

واعتبر مسؤولون أميركيون أن ذلك كان جزءاً من مؤامرة أكبر، اشترى فيها حلفاء لمادورو طعاماً أقلّ جودة، أو أقلّ ممّا هو محدّد في العقود، ووزّعوا الأموال الإضافية على موالين لهم. وأضاف هؤلاء أن البرنامج كان أداة حاسمة للرقابة الاجتماعية، إذ استُخدم الطعام والمال لمكافأة داعمين سياسيين ومعاقبة معارضين.

كذلك فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، عقوبات على صعب لاتهامه باستخدام شركات وهمية منتشرة في كل أنحاء العالم، لإخفاء أرباح ضخمة من عقود لأغذية، تُبرم من خلال رشى وعمولات.

وزعمت إدارة ترمب أن صعب فاز بعقود بعد دفع رشى لثلاثة أبناء للسيدة الأولى الفنزويلية، سيليا فلوريس، يخضعون أيضاً لتحقيق فتحه مدعون عامون في ميامي، بزعم أنهم يشكّلون جزءاً من مخطط لسرقة 1.2 مليار دولار من شركة النفط الفنزويلية المملوكة للدولة.

اتهامات بتعذيب

صحيفة "لا ناسيون" الأرجنتينية نقلت عن صعب قوله إنه احتُجز لأسباب سياسية، متهماً حكومة الرأس الأخضر بـ"الركوع" أمام الولايات المتحدة التي شدد على أنه لن يتعاون معها، وسيبقى وفياً لمادورو. لكن رئيس الرأس الأخضر، خورخي كارلوس فونسيكا، أكد أنه "لا يستطيع التدخل" في هذا الملف، إذ إنه من صلاحيات المحكمة الدستورية، التي قرّرت تسليم صعب إلى الولايات المتحدة.

وشكا صعب تعرّضه لـ"تعذيب"، قائلاً: "قطعوا ذراعيّ أكثر من 26 مرة وتلقّيت أكثر من 200 ضربة في كل أنحاء جسدي، وحرموني من حق بسيط في الحصول على قلم، لكنني لن أوقّع أبداً على (عملية) تسليم تستند إلى أكاذيب،فضلاً عن إفادة كاذبة أتحدث فيها عن الرئيس مادورو وأسرته".

لكن مكتب المدعي العام في الرأس الأخضر ووزارة الخارجية الأميركية نفيا تعرّض صعب لتعذيب، فيما حذرت سلطات الرأس الأخضر من أنه يشوّه نفسه، علماً أن فريق الدفاع عنه أكد أنه مُصاب بسرطان في المعدة، بحسب "لا ناسيون".

ونشرت صحيفة "إلموندو" الإسبانية رسالة وجّهها صعب من سجنه في الرأس الأخضر، شكا فيها من أن "لدى الولايات المتحدة 4 موظفين يدخلون زنزانتي كل ليلة، ويضربونني بعنف للإدلاء بتصريحات كاذبة ضد مادورو"، مضيفاً: "أنا موفد خاص لفنزويلا إلى روسيا وإيران، لديّ حصانة دبلوماسية، وأطالب بالإفراج عني". وتابع: "كنت ذاهباً إلى إيران في زيارة رسمية، بحثاً عن طعام وأدوية وبنزين، للتخفيف من أزمة فاقمتها الإمبراطورية"، في إشارة إلى واشنطن.

رسالة إلى خامنئي

وأشار فريق الدفاع عن صعب، بأن الأخير كان يحمل رسالة مؤرّخة في 11 يونيو 2020، أي قبل يوم من اعتقاله في الرأس الأخضر، وجّهها مادورو إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، يطلب فيها مساعدة صعب للحصول على شحنة مستعجلة من 5 ملايين برميل نفط، بعد تلقّي كراكاس شحنات سابقة. ووَردَ في الرسالة: "أطلب دعمكم القيّم لتحديد شحن شهري ودوري للبنزين إلى فنزويلا لسنة"، بحسب "لا ناسيون".

وأشارت الصحيفة إلى أن صعب "أبرم صفقات مع إيران وروسيا وتركيا، شملت ذهباً ونفطاً"، لافتة إلى أن تلك الدول تطالب بالإفراج عنه. وأضافت أن البرلمان المُنتخب في عام 2015، والذي سيطرت عليه المعارضة الفنزويلية، أكد أن مجموعة Group Gran Limited التي يمتلكها صعب، تلقّت نحو 1.5 مليار دولار، بين عامَي 2016 و2018، من خلال استيراد أغذية ذات نوعية رديئة. وأضافت أن "عصابات استيراد" يظهر فيها اسم صعب، احتالت على كراكاس بما لا يقلّ عن 5 مليارات دولار، عبر تضخيم الأسعار وهوامش ربح واسعة من برنامج الغذاء المدعوم.

"مَن هو هذا الرجل؟"

صحيفة "إلباييس" الإسبانية وصفت صعب بأنه "خبير في التهرّب من العقوبات الاقتصادية لواشنطن، نقل سبائك ذهب إلى تركيا، واتصل بعلي خامنئي، وكسب ثروة بالمصادفة عبر التهرّب من الرقابة على سعر الصرف وبيع حليب مزيّف لأطفال جوعى".

ونقلت "بلومبرغ" عن الصحافي الفنزويلي روبرتو دينيز، المتابع لملف صعب، إن الأخير حصل في عام 2011 على أول عقد له من الدولة الفنزويلية لبناء مساكن، في إطار اتفاق بين كولومبيا وفنزويلا. واستدرك أن صعب لم يعمل سابقاً في قطاع البناء، بل في مجال النسيج في كولومبيا، حيث وُلد لأب لبناني وأم فلسطينية.

وبعدما تولّى مادورو الحكم، في عام 2013، نوّع صعب أعماله في فنزويلا، ونالت إحدى شركاته عقداً بقيمة 4.5 مليار دولار من شركة النفط المملوكة للدولة، في عام 2015. وسأل دينيز: "كيف تحوّل (صعب) في عام 2015 إلى رجل أعمال نفطي، وأعطوه عقداً بهذا الحجم؟". وأضاف أن العقد كان "فاضحاً جداً"، لدرجة أنه أُلغي. وتابع دينيز أن صعب يمتلك "شركات واجهة"، مضيفاً أنه "بات جزءاً أساسياً من نيكولاس مادورو وبيئته العائلية".

العقد بين بوغوتا وكراكاس لبناء المساكن، وقّعه الرئيس الكولومبي السابق خوان مانويل سانتوس ونظيره الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، وقدّرت "إلباييس" قيمته بـ 530 مليون دولار، مُنحت لشخص "مجهول". ونقلت عن سانتوس قوله لاحقاً إنه همس آنذاك في أذن وزير الخارجية الكولومبي: "مَن هو هذا الرجل؟".

وذكر الصحافي خيراردو رييس، الذي نشر كتاباً عن رجل الأعمال الكولومبي، أن صعب "شغل وظائف أكثر من أي وزير فنزويلي"، مضيفاً: "إذا نقص الحليب في فنزويلا، يتصلون بهاتف صعب. إذا لم يكن هناك وقود، يتصلون به لتسوية الأمر".

اقرأ أيضاً: