رسائل مسرّبة بين ماكرون ورئيس وزراء أستراليا تؤجّج أزمة الغواصات

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون أمام قصر الإليزيه في باريس - 15 يونيو 2021 - REUTERS
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون أمام قصر الإليزيه في باريس - 15 يونيو 2021 - REUTERS
دبي-الشرق

شكّك رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون بمصداقية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي نشرت صحيفة أسترالية رسالة نصية تبادلها مع موريسون، أشارت إلى أن باريس رجّحت "أخباراً سيئة" بشأن صفقة الغواصات الملغاة مع كانبيرا.

وطرحت صحيفة "ذي أستراليان" تساؤلات بشأن إبلاغ الرئيس الأميركي جو بايدن ماكرون الأسبوع الماضي، أنه كان يعتقد بأن الفرنسيين أُبلغوا بأن اتفاق الغواصات بين باريس وكانبيرا سيُلغى، قبل وقت طويل من إعلان صفقة تزويد أستراليا بغواصات تعمل بالدفع النووي، في سبتمبر الماضي.

واتهم ماكرون، موريسون قبل أيام بالكذب عليه خلال مأدبة عشاء في باريس، في يونيو الماضي، بشأن مصير عقد أبرمته مجموعة "نافال" الفرنسية، قبل 5 سنوات، لتزويد كانبيرا بـ 12 غواصة تقليدية تعمل بالديزل والكهرباء، في صفقة بقيمة 90 مليار دولار أسترالي (66 مليار دولار).

وألغت أستراليا الصفقة، بعدما شكّلت تحالفاً أمنياً جديداً مع الولايات المتحدة وبريطانيا، لامتلاك أسطول من 8 غواصات تعمل بالطاقة النووية، تُشيّد استناداً إلى التكنولوجيا الأميركية.

ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن موريسون قوله لصحافيين أستراليين رافقوه إلى مدينة جلاسكو الاسكتلندية، للمشاركة في قمة الأمم المتحدة للمناخ، إنه أوضح لماكرون، خلال عشائهما في يونيو، أن الغواصات التقليدية لن تلبّي الاحتياجات الاستراتيجية المتطوّرة لأستراليا.

"هل أتوقّع أخباراً جيدة أم سيئة؟"

وذكرت "ذي أستراليان" أنه قبل يومين من إعلان موريسون وبايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عن صفقة الغواصات النووية، حاول رئيس الوزراء الأسترالي الاتصال بالرئيس الفرنسي لإبلاغه بالأمر، لكن الأخير أرسل إليه رسالة نصية، ورد فيها أنه لا يستطيع تلقّي اتصال هاتفي. وسأل ماكرون: "هل أتوقّع أخباراً جيدة أم سيئة لطموحاتنا المشتركة في ملف الغواصات؟".

وسأل صحافي لماذا قرر موريسون تسريب الرسالة النصية، بعدما اتهمه ماكرون بالكذب، لكن رئيس الوزراء لم يردّ مباشرة، مكتفياً بالقول: "تم الاتصال بنا عندما كنا نحاول إعداد المكالمة. وأوضح أنه قلِق من أن ذلك سيكون اتصالاً هاتفياً قد يؤدي إلى قرار تتخذه أستراليا بالامتناع عن المضيّ في العقد" مع الشركة الفرنسية.

وأعلن مسؤولون فرنسيون أن حكومتهم أُصيبت بصدمة نتيجة إلغاء العقد، في خطوة وصفها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بأنها "طعنة في الظهر".

وقال ماكرون قبل أيام إن صفقة الغواصات النووية كانت "أنباء سيئة جداً بالنسبة إلى صدقية أستراليا، وإلى الثقة التي يمكن أن يتمتع بها شركاء بارزون لأستراليا".

موريسون يشكو "افتراءات"

لكن موريسون اعتبر أن الاتهام الذي وجّهه ماكرون إليه بالكذب، والذي ينفيه رئيس الوزراء، يشكّل إهانة لأستراليا، علماً أن معظم المراقبين الأستراليين يرون في الأمر إهانة شخصية لموريسون، بحسب "أسوشيتد برس".

وقال موريسون: "لا أرغب في إضفاء طابع شخصي على هذا الأمر، ليس هناك أي عنصر من ذلك من وجهة نظري". وشكا من "تصريحات مشكّكة بنزاهة أستراليا وافتراءات مسّتها، وليس أنا"، وزاد: "يمكنني التعامل مع الأمر، لكن تلك افتراءات، لن أتحمّل الإساءة إلى أستراليا".

جاء ذلك بعدما علّق نائب رئيس الوزراء الأسترالي، بارنابي جويس، على قول ماكرون الأحد إنه "يعلم" أن موريسون كذب عليه بشأن المفاوضات السرية بين أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، معتبراً أن باريس تبالغ في ردّ فعلها.

وقال: "لم نسرق جزيرة ولم نشوّه برج إيفل. كان عقداً. للعقود شروط وأحكام، وأحد هذه البنود والشروط والاقتراحات تتمثل في أنك قد تنسحب من العقد، وانسحبنا من ذاك العقد".

انتقادات أسترالية لموريسون

وكان بايدن أقرّ لماكرون بأن واشنطن تعاملت بشكل "أخرق" مع تحالف صفقة الغواصات لأستراليا، مضيفاً: "ما فعلناه لم يكن ملائماً ولا يتّسم بمقدار كبير من اللياقة". وزاد: "كان لدي انطباع بأن فرنسا أُبلغت قبل فترة طويلة بأن الصفقة (الفرنسية) لن تُستكمل. لم أكن أعلم أنك لم تعرف ذلك".

لكن "ذي أستراليان" أوردت أن وثيقة من 15 صفحة، تفاوض بشأنها مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض مع مسؤولين أستراليين وبريطانيين، فصّلت كيفية إبلاغ العالم بشأن صفقة الغواصات الثلاثية، ونقلت عن مصدر في كانبيرا قوله: "تم توقيت كل شيء وفهمه تماماً".

رئيس الوزراء الأسترالي السابق مالكولم تورنبول، الذي وقّع عقد الغواصات الفرنسية ويعتبر ماكرون صديقاً شخصياً، اتهم الصحف التابعة لمجموعة "نيوز كورب"، التي يمتلكها الملياردير روبرت مردوك، بما في ذلك "ذي أستراليان"، بالتحيّز إلى حكومة موريسون المحافظة.

وقال إن موريسون يستطيع "تحريف... وتسريب رسالة نصية هنا، وتسريب وثيقة هناك، لأصدقائه في وسائل الإعلام، ولكن الفشل في النهاية يكمن في عدم الصدق"، مضيفاً: "على سكوت موريسون أن يعتذر... لأنه خدع فرنسا بشكل متقن ومزدوج".

في السياق ذاته، حذرت وزيرة الخارجية الأسترالية السابقة جولي بيشوب من أن تسريب الحكومة للرسالة النصية التي كتبها ماكرون سيفاقم التوتر بين كانبيرا وباريس، وقد يقوّض الثقة الدولية بأستراليا. وقالت: "لدى الرئيس الفرنسي انتخابات مرتقبة. إنه يتعرّض لكل أنواع الضغوط، وكيف نسرّب رسائل نصية خاصة؟".

وتابعت: "أنا قلقة من أن ينظر بقية العالم إلى أستراليا ويقول: هل يمكن الوثوق بأستراليا في عقود، بحيث تمتنع عن تسريب رسائل خاصة؟".

اقرأ أيضاً: