أطفال لبنان بين الفقر والعنف الجسدي والنفسي

time reading iconدقائق القراءة - 4
أطفال يشاركون في أنشطة ترفيهية يشرف عليها متطوعون لتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص المتضررين من انفجار ميناء العاصمة اللبنانية بيروت - 20 أغسطس 2020 - REUTERS
أطفال يشاركون في أنشطة ترفيهية يشرف عليها متطوعون لتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص المتضررين من انفجار ميناء العاصمة اللبنانية بيروت - 20 أغسطس 2020 - REUTERS
دبي- الشرق

يعيش أطفال لبنان مرحلة في غاية القسوة، عنوانها، "الحرمان من أبسط مقومات الحياة الكريمة"، ويشكل هؤلاء الشريحة الأكثر هشاشة في مواجهة الانهيار المالي والاقتصادي، فهم معرضون لمخاطر نقص الغذاء، وتردّي الخدمات العامة في قطاعات التعليم، والصحة، ووقوعهم ضحايا أشكال مختلفة من العنف والاستغلال.

وتحت وطأة الأزمات، يضطر الأطفال في لبنان إلى هجر مرحلة الطفولة باكراً، وممارسة حياة الكبار، وتزداد المعاناة عند الفئات المهمشة والأكثر ضعفاً كاللاجئين، والمصابين بأمراض مزمنة، أو الأشخاص ذوي الإعاقة.

وخلص تقرير صادر عن منظمة "اليونيسف" إلى أن طفلاً من بين كل طفلين في لبنان معرّض لخطر العنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي، في الوقت الذي تكافح فيه الأسر لمواجهة الأزمة المتفاقمة في البلاد.

وحذر التقرير الذي صدر في بيروت، بتاريخ 17 ديسمبر (كانون الأول) 2021، من "بدايات مظاهر العنف"، لافتاً إلى أن نحو 1.8 مليون طفل، يعيشون في كنف الأزمات، أي أكثر من 80 في المئة من الأطفال في لبنان، وهم يعانون الآن  فقراً متعدد الأبعاد، بعد أن كان العدد نحو 900 ألف طفل عام 2019، وهم يواجهون خطر تعرضهم للانتهاكات، ولا سيما عمالة الأطفال، أو زواج الأطفال، بهدف مساعدة أسرهم في تغطية النفقات.

أطفال في الشوارع والمقاهي

حيثما تجوّلت في لبنان خلال أوقات الدراسة، تجد أعداداً متزايدة من الأطفال في الشوارع والمقاهي، يتسولون أو يعملون في الحرف التي لا تتطلب مؤهلات علمية وخبرات متقدمة، وتتعدد جنسيات هؤلاء الأطفال، ولكن يغلب عليها اللبنانية والسورية.

حسن (12 عاماً)، يعمل في أحد المقاهي الشعبية لقاء 60 ألف ليرة لبنانية أسبوعياً (أقل من ثلاثة دولارات)، وبدوام يتجاوز 14 ساعة يومياً خلال أيام نهاية الأسبوع، ويساهم الفتى الصغير في إعالة أسرته من خلال عمله في المقهى الذي يرتاده رجال كبار في السن، ولا يخلو الأمر أحياناً من تعرّضه لبعض الإساءات اللفظية.

وينتمي حسن إلى شريحة من العمال الذين يستعين بهم أصحاب العمل من أجل التوفير، نظراً لانخفاض الأجور والضمانات الاجتماعية التي يطالب بها هؤلاء، ومثل حسن، هناك أطفال آخرون يعملون في توزيع السلع من المحال إلى المنازل لقاء أجور زهيدة.

رحلة البحث عن الغذاء

وجه آخر لمعاناة أطفال لبنان، حيث أصبح من المتعذر على الأهل شراء الحلوى والشوكولاتة، مثلاً، كما كانت الحال سابقاً. وتتحدث إحدى السيدات عن معاناتها، فتقول، "أتجنب إدخال ابني معي إلى السوبرماركت، لئلا يختار الأنواع الغالية من الشوكولاتة".

وفي عملية حسابية بسيطة، فإن تكلفة سلة تحتوي بعض ما يشتهيه الأطفال تساوي تكلفتها الأسبوعية الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة لبنانية (نحو 25 دولاراً).

كما تزداد المعاناة لتأمين حليب للأطفال الرضع، وتقول إحدى الأمهات، "كنت أقضي نهاراً كاملاً خارج المنزل، أتنقل من صيدلية إلى أخرى بحثاً عن علبة حليب وصل سعرها لاحقاً إلى 15 دولاراً أميركياً"، مع صعوبة في تأمينها، ما اضطرها إلى التواصل مع صديقات لها في الخارج لإرسال الحليب إلى لبنان.

* هذا المحتوى من إندبندنت عربية