تقرير: اجتماع أميركي صيني بشأن المناخ رغم توترات ألاسكا

time reading iconدقائق القراءة - 9
جون كيري، حين كان وزيراً للخارجية الأميركية، يتحدث مع الموفد الصيني المكلّف بملف المناخ شيه زينهوا، قبل افتتاح مؤتمر باريس للمناخ، 12 ديسمبر 2015 - AP
جون كيري، حين كان وزيراً للخارجية الأميركية، يتحدث مع الموفد الصيني المكلّف بملف المناخ شيه زينهوا، قبل افتتاح مؤتمر باريس للمناخ، 12 ديسمبر 2015 - AP
دبي – الشرق

أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الموفدين المكلّفين بملف المناخ، في الولايات المتحدة والصين، سيجريان مناقشات رسمية، الثلاثاء، رغم التوتر الذي شهدته المحادثات التي عقدتها الدولتان في ألاسكا الأسبوع الماضي.

وتبادل الطرفان اتهامات عنيفة خلال تلك المحادثات التي شارك فيها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان، ومستشار الدولة الصيني يانغ جيتشي ووزير الخارجية وانغ يي. رغم ذلك، اعتبر الجانبان أن محادثاتهما كانت بنّاءة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الموفد الأميركي للمناخ، جون كيري، سينضمّ إلى نظيره الصيني، شيه زينهوا، في مؤتمر افتراضي بشأن المناخ يُعقد الثلاثاء.

وسترأس الصين "المؤتمر الوزاري حول العمل المناخي"، وهو اجتماع سنوي تعقده أبرز الدول اقتصادياً، وأكثرها تلويثاً للبيئة، وأنشأته الصين والاتحاد الأوروبي وكندا، بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ، في عام 2017.

"قضية وجودية"

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مصادر إن قرار كيري بالمشاركة في الحدث، يستهدف توجيه إشارة إلى أن الولايات المتحدة عادت إلى المفاوضات بشأن المناخ.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الحدث يشكّل أول تفاعل رسمي بين كيري وشيه، بعد شهرين على تنصيب الرئيس الأميركي جو بايدن، علماً أن الرجلين تحدثا بشكل غير رسمي، بشأن إمكانية إنشاء آلية أكثر رسمية، للتفاعل من أجل معالجة ملفات المناخ.

واعتبرت الصحيفة أن التفاعل بين كيري وشيه يمثل اختباراً لاستراتيجية إدارة بايدن إزاء الصين، والتي تتطلّع إلى تعاون في ملفات مثل الاحتباس الحراري وفيروس كورونا المستجد، فيما تتنافس الدولتان على النفوذ العالمي والسيطرة على التكنولوجيات الحيوية. كذلك تريد بكين وضع هذا التنافس على مسار أكثر قابلية للتكهّن به، بعد تدهور العلاقات بين الجانبين خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

ونقلت الصحيفة عن مصدر قوله: "المناخ قضية وجودية، يمكن العمل بشأنها، حتى في حالة وجود تنافس هائل على النفوذ".

وأعلنت بكين أن كيري وشيه لن يلتقيا بشكل منفصل خلال المؤتمر الافتراضي، فيما رفضت وزارة الخارجية الأميركية التعليق على احتمال تفاعل كيري مباشرة مع نظيره الصيني.

"إغراء الاستسلام"

وذكرت "وول ستريت جورنال" أن المناخ برز بوصفه مجالاً واعداً للتعاون بين أكبر دولتين ملوّثتين للمناخ في العالم، إذ جعل بايدن من هذه المسألة أولوية، فيما كرّر الرئيس الصيني شي جينبينغ، خلال مؤتمر سنوي عقده البرلمان في بكين أخيراً، وجوب الحدّ من الانبعاثات المسبّبة لغازات الدفيئة، وبلوغ الحياد الكربوني.

وشارك كيري حين كان وزيراً للخارجية، في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، مع شيه في التوصّل إلى اتفاق باريس للمناخ. وبعدما عيّن بايدن كيري موفداً في ملف المناخ، أعادت الحكومة الصينية تعيين شيه في المنصب الذي شغله لأكثر من عقد، قبل أن يتنحّى في عام 2018.

ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أن إدارة بايدن تتعرّض لضغوط سياسية داخلية، لالتزام الموقف المتشدد الذي وعدت به بشأن الصين. وحذر مشرّعون جمهوريون، ومسؤولون أمنيون يتخذون موقفاً متشدداً إزاء بكين، من أن الأخيرة قد تستخدم كيري ومفاوضات المناخ، كإسفين لتقسيم الإدارة وتخفيف نهجها إزاءها.

وخلال جلسة استماع، لاعتماد تعيين بلينكن وزيراً للخارجية، في يناير الماضي، قال له السيناتور الجمهوري ميت رومني: "آمل ألا تتعرّض أبداً لإغراء الاستسلام في استراتيجيتك بشأن الصين، من أجل الحصول على أفضلية في (ملف) المناخ، قد يروّج لها الوزير كيري". فأومأ بلينكن برأسه، موافقاً.

مخاوف صينية

في السياق ذاته، قال لي شو، وهو مستشار بارز في منظمة "غرينبيس"، يتخذ بكين مقراً، إن صنّاع السياسة الصينيين قلقون أيضاً من احتمال أن تحاول الولايات المتحدة الاستفادة من التعاون في ملف المناخ، لانتزاع تنازلات في مجالات أخرى.

وبعد محادثات ألاسكا، أفاد بيان رسمي باللغة الصينية نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية السبت بأن واشنطن وبكين ستشكّلان مجموعة عمل بشأن الاحتباس الحراري.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الجانبين ناقشا أزمة المناخ في ألاسكا، مستدركاً أنهما لم يشكّلا مجموعة عمل رسمية.

وقال كيري في يناير الماضي، إن الولايات المتحدة تعتزم العمل مع الصين بشأن الاحتباس الحراري، باعتباره "قضية حاسمة قائمة بذاتها"، من دون المساومة بشأن مخاوف أخرى. ونسبت الصحيفة إلى مصادر قولها إن كيري ينسّق عمله مع فريق الأمن القومي في البيت الأبيض.

وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن وبكين أظهرتا رغبة في تعزيز القيادة وحشد دول أخرى، لصوغ أهداف طموحة قبل مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، المرتقب في نوفمبر المقبل.

أهداف جديدة

ويُرجّح أن يعلن بايدن أهدافاً مناخية جديدة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، قبل قمة عالمية للبيئة، مقررة في 22 أبريل المقبل، أو خلالها. واقترح مسؤولون صينيون جدولة اجتماع افتراضي بين شي جينبينغ وبايدن، على هامش القمة، علماً أن الرئيس الصيني أعلن أن بلاده ستحقق حياد الكربون بحلول عام 2060، مع بلوغ الانبعاثات ذروتها قبل عام 2030.

وأفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن التزامات الصين تشكّل "خطوة مهمة إلى الأمام"، مستدركة أن بكين "لم تسلك بعد المسار الذي يمكّن العالم من الحفاظ على حدّ 1.5 درجة مئوية لارتفاع درجة الحرارة، في متناول اليد، وهذا ما يبلغنا العلماء بأنه ضروري لدرء التأثيرات الأكثر كارثية" للاحتباس الحراري.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مصدر إن المحادثات مع بكين لن تكون السبيل لدفعها إلى التحرّك، بالنسبة إلى واشنطن، إذ على الأخيرة الحصول على عروض أقوى بشأن المناخ من دول أخرى، وتشكيل "تحالف"، لا سيّما في آسيا، من أجل "تحريك الصين".

وذكّرت الصحيفة بأن إعلاناً مشتركاً لأوباما وشي جينبينغ، عن الأهداف المناخية في عام 2014، كان بمثابة لحظة جاذبة للدول الأخرى للانضمام إلى اتفاق باريس للمناخ.

اقرأ أيضاً: