"نيويورك تايمز": تقدم طالبان في أفغانستان يضغط على باكستان

time reading iconدقائق القراءة - 8
أشخاص يقفون على مركبة يحملون أعلام طالبان، بينما يتجمع الناس بالقرب من نقطة عبور بوابة الصداقة في بلدة شامان الحدودية الباكستانية الأفغانية، باكستان. 14 يوليو 2021 - REUTERS
أشخاص يقفون على مركبة يحملون أعلام طالبان، بينما يتجمع الناس بالقرب من نقطة عبور بوابة الصداقة في بلدة شامان الحدودية الباكستانية الأفغانية، باكستان. 14 يوليو 2021 - REUTERS
دبي - الشرق

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن التقدم الميداني الذي تحققه حركة طالبان في أفغانستان  يفرض ضغوطاً على باكستان، في ظل مطالبات لها بلعب دور أكثر نشاطاً لوقف تقدم الحركة، لاسيما مع نفوذها على الحركة خلال العقود الماضية، معتبرة أن "الوضع الأفغاني أدى مرة أخرى إلى تعقيد العلاقة بين باكستان والولايات المتحدة".

وأوضحت الصحيفة أنه بينما تريد الولايات المتحدة ودول أخرى من باكستان أن تضغط بقوة من أجل السلام، يرى العديد من الباكستانيين أن انتصار طالبان "أمر حتمي"، بل يؤيده البعض منهم.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، الجمعة، أن "الوضع في أفغانستان يخرج عن السيطرة"، في الوقت الذي زعمت فيه حركة طالبان أنها أصبحت تفرض سيطرتها على 18 ولاية من أصل 34 ولاية أفغانية، وسط تسارع وتيرة إجلاء الدول لبعثاتها الدبلوماسية من أفغانستان.

وقالت "نيويورك تايمز" إنه مع كل تقدم ميداني تحققه طالبان في أفغانستان، يتم التدقيق على قادة باكستان المجاورة.

ووفقاً للصحيفة، عملت باكستان على مدار عقود كملاذ آمن لطالبان أفغانستان "التي عبر عناصرها بسهولة الحدود الوعرة للبلاد، والتي يبلغ طولها 1660 ميلاً". 

وأقر مسؤولون باكستانيون بأن مقاتلي طالبان يحتفظون بمنازل وعائلات في باكستان، على مسافة آمنة من ساحات القتال، وفقاً للصحيفة الأميركية.

ورأت الصحيفة أنه بعدما أعلن الجيش الأميركي انتهاء دوره في الحرب الأفغانية، وبدت طالبان بشكل متزايد قادرة على السيطرة على البلاد، تمارس واشنطن ضغوطاً على باكستان من أجل تسوية تفاوضية.

وفيما أعربت حكومة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان عن دعمها لحل سلمي عالمياً، فإنها كانت أكثر هدوءاً في الداخل، ولم تتحدث علانية ضد التجمعات المؤيدة لطالبان داخل باكستان، كما أنها لم تدن "فظائع طالبان" بينما كانت تلك الحركة تسير نحو كابول، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

مخاطر على باكستان

وأفادت الصحيفة الأميركية بأن سقوط أفغانستان في يد طالبان سيحمل مخاطر لباكستان أيضاً، بما في ذلك موجة محتملة من اللاجئين، وتعزيز الحركات المسلحة التي تستهدف الحكومة الباكستانية.

وقالت الخبيرة في شؤون جنوب آسيا في "مركز ستيمسون" بواشنطن، إليزابيث ثريلكيلد، إن "باكستان في مأزق حقاً.. على الرغم من أن باكستان قلقة من انتشار العنف وتدفق اللاجئين، إلا أنها تريد إبقاء طالبان في صفها".

وكان رئيس وزراء باكستان عمران خان قال، في مقابلة مع "نيويورك تايمز" في يونيو، إن باكستان استخدمت "أقصى قدر ممكن من النفوذ على طالبان".

وينفي المسؤولون الباكستانيون مساعدة طالبان عسكرياً، ويصرون على أنهم "دفعوا بشدة خلال المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة لإجراء محادثات سلام مع طالبان. وكرروا علناً الخط الذي اتخذته الولايات المتحدة وأطراف أخرى في الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الدوحة، وأنهم حذروا من أن أفغانستان ستصبح دولة منبوذة إذا استولت عليها طالبان بالقوة".

نفوذ لا تمارسه باكستان

مسؤولون حكوميون في دول أخرى، وفقاً للصحيفة، يقولون إن باكستان لديها نفوذ لا تمارسه، واتهموا إسلام أباد بأنها تسمح لقادة طالبان بحرية الحركة داخل البلاد وخارجها، وتستمر في العمل كملاذ آمن حيث يمكن للمقاتلين وعائلاتهم تلقي الرعاية الطبية، على حد قولهم.

ويتهم بعض النقاد، خاصة في أفغانستان، باكستان بدعمها النشط لهجمات طالبان، قائلين:"لم يكن بإمكان عناصر الحركة القيام بمثل هذا الجهد الكبير من دون مساعدة".

وقلل مسؤولون في إسلام أباد من أهمية فكرة أن بإمكانهم التأثير على طالبان، لكن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال خلال زيارة إلى الهند، الشهر الماضي، إن على باكستان "بذل كل ما في وسعها للتأكد من ألا تسيطر طالبان على البلاد بالقوة".

كما قال الممثل الأميركي الخاص للمصالحة في أفغانستان، زلماي خليل زاده، هذا الشهر إن باكستان تتحمل مسؤولية خاصة بسبب عدد من قادة طالبان الذين يقيمون داخل حدودها، وإنه سيتم "الحكم عليها دولياً" بشأن ما إذا كان يُنظر إليها على أنها فعلت كل ما في وسعها لتعزيز تسوية سياسية.

وتسبب "تسامح" باكستان مع طالبان في خسائر دبلوماسية، وفقاً للصحيفة. وتقول الهند، التي تتولى رئاسة مجلس الأمن الدولي، وتسعى للحصول على نفوذ في أفغانستان، إن "الدعم اللوجستي والفني والمالي لطالبان لا يزال ينبع من باكستان"، بحسب "نيويورك تايمز".

آلاف المقاتلين

وقال الرئيس الأفغاني أشرف غني، في مؤتمر عقد الشهر الماضي في طشقند عاصمة أوزبكستان، إن عشرة آلاف مقاتل سافروا من باكستان للانضمام إلى الهجوم، وهو ما نفاه رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بشدة.

وعلى الرغم من ذلك، يقول المسؤولون الباكستانيون سراً إن لديهم القليل من القوة لمنع الأفغان الذين يعيشون في باكستان من عبور الحدود للقتال إلى جانب طالبان، بحسب "نيويورك تايمز".

وأضافت الصحيفة أنه قد يكون قادة باكستان أيضاً لديهم حساسية تجاه التأثير الذي يمكن أن يحدثه انتصار طالبان على أعمال العنف المسلح الذي تشهده بلادهم.

ونفذت حركة طالبان الباكستانية، وهي جماعة محظورة وتصنف إرهابية، مئات الهجمات على قوات الأمن الباكستانية والمدنيين، بما في ذلك هجوم على مدرسة في عام 2014 أسفر عن مقتل 145 شخصاً على الأقل، معظمهم من الأطفال.

وكانت "طالبان باكستان" تبدو في طريقها للانهيار حتى العام الماضي، بعدما قتل عدد من قادتها في هجمات بطائرات أميركية بلا طيار، وعانت من صدع داخلي، ودفعت حملة القمع المستمرة من قبل باكستان الحركة إلى أفغانستان.

لكن الحركة أعلنت الشهر الماضي وحده مسؤوليتها عن 26 هجوماً في باكستان. وقالت الحكومة الباكستانية، الخميس، إن الحركة تقف وراء انفجار محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية في يوليو، أسفر عن مقتل تسعة عمال صينيين وأربعة آخرين، وهو ما نفته الحركة.

وقال وزير الداخلية الباكستاني الأسبق أفتاب خان شيرباو، الذي نجا من ثلاث هجمات لطالبان الباكستانية: "إنها البداية .. ستكون هناك زيادة في الهجمات الإرهابية وسوف تكون مرتبطة بتقدم طالبان في أفغانستان".

تأييد عسكري لطالبان

وتقول الصحيفة إن بعض الأعضاء السابقين في المؤسسة العسكرية الباكستانية أعلنوا بوضوح دعمهم لحركة طالبان الأفغانية.

واعتبر جنرال متقاعد، شفاعت شاه، أن "العدالة السريعة" لطالبان تمثل أمراً إيجابياً مقارنة بالنظام القضائي الباكستاني "بطيء الحركة".

وقد لا تعكس كلمات هذا المسؤول وجهات نظر كبار قادة باكستان، ولكنها تشير إلى تعزيز موقف طالبان في البلاد، وفقاً للصحيفة.

وقال الدبلوماسي الباكستاني السابق آصف دوراني: "لا أعتقد أن الإعجاب الذي أبداه بعض الضباط العسكريين السابقين يعكس المزاج السائد في القوات المسلحة كمؤسسة لدعم طالبان".

وأضاف: "ومع ذلك، فمن الحقائق أيضاً أن طالبان أثبتت قوتها وبرزت كطرف معني لا يستهان به ومعترف به على النحو الواجب من قبل الجيران المباشرين وعواصم مهمة أخرى، بما في ذلك واشنطن".

تعقيد العلاقات

وتقول الصيحفة إن الوضع الأفغاني أدى مرة أخرى إلى تعقيد العلاقة بين باكستان والولايات المتحدة.

وزار مستشار الأمن القومي الباكستاني مؤيد يوسف، ومدير المخابرات فايز حميد، واشنطن مؤخراً لمناقشة الوضع في أفغانستان.

وقالت باكستان إنها لن تسمح للولايات المتحدة باستخدام قواعدها في أي عمل عسكري ضد طالبان.

 واعتبرت الصحيفة الأميركية أن الموقف الودي" لباكستان تجاه طالبان يمكن أن يؤدي أيضاً إلى إحراز نقاط سياسية لدى رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في الداخل.

اقرأ أيضاً: