انتخابات لبنان.. المعارضة والشباب يواجهان تحديات "غياب التنسيق"

time reading iconدقائق القراءة - 10
رجل يجلس قرب لافتة ممزقة لأحد المرشحين للانتخابات النيابية في بيروت- 27 أبريل 2022 - REUTERS
رجل يجلس قرب لافتة ممزقة لأحد المرشحين للانتخابات النيابية في بيروت- 27 أبريل 2022 - REUTERS
بيروت -أ ف ب

يواجه مرشحو الشباب والمعارضة صعوبات عدّة في الانتخابات البرلمانية اللبنانية، المقررة الأحد المقبل، أبرزها عدم نجاحهم في خوض السباق ضمن قوائم مشتركة، بالإضافة إلى معضلة "غياب الناخبين" في ظل "فقدان الأمل" و تكلفة المواصلات الباهظة، في حين أعلنت الخارجية اللبنانية، وصول نسبة المشاركين في تصويت اللبنانيين بالخارج إلى 60%، وفق الإحصاءات الأولية. 

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن خبراء قولهم إن الصعوبات التي تواجه المعارضة في لبنان تحد من قدرتها على قلب موازين القوى وإحداث تغيير حقيقي، إلّا أنها سلطت في الوقت نفسه الضوء على خوض شباب سبق لهم المشاركة في مظاهرات أكتوبر 2019 "ثورة تشرين" للسباق الانتخابي رغبةً منهم في التغيير.

أزمات متلاحقة

وقالت "فرانس برس" إنه "رغم أنّ الأزمات المتلاحقة التي استنزفت الحماسة الشعبية التي أشعلتها تظاهرات ضد السلطة في لبنان قبل 3 أعوام، أقدم مرشحون معارضون كانوا من بين الناشطين الذين صنعوا "الثورة" على خوض الانتخابات البرلمانية، سعياً إلى تغيير سياسي يدركون سلفاً صعوبته.

ويختار اللبنانيون في منتصف مايو، 128 نائباً، في انتخابات لا يتوقع خبراء أن تحدث تغييراً كبيراً في المشهد السياسي العام في البلاد الغارقة في أزمة سياسية واقتصادية حادة منذ أكثر من سنتين.

وتقول فيرينا العميل (25 عاماً) التي دأبت على المشاركة في تظاهرات غير مسبوقة شهدها لبنان بدءاً من 17 أكتوبر 2019، إن "خوض الانتخابات النيابية بالنسبة لي هو استمرار للمواجهة ضد الطبقة السياسية".

وتشكّل الانتخابات أول اختبار حقيقي لمجموعات معارضة ووجوه شابة تصدّرت ما بات يُعرف بـ"ثورة 17 تشرين (أكتوبر)"، وطالبت بتنحي الطبقة السياسية، محمّلة إياها مسؤولية التدهور المالي والاقتصادي والفساد الذي نخر مؤسسات الدولة.

واستمرت التظاهرات لأشهر قبل أن تتراجع تدريجياً على وقع تفشي فيروس كورونا، ثم انفجار مرفأ بيروت المروّع في 4 أغسطس 2020 الذي أودى بحياة أكثر من مئتي شخص وألحق دماراً واسعاً بأحياء العاصمة، بخلاف تسارع وتيرة الانهيار الاقتصادي الذي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.

وتضيف العميل وهي من بين الشباب الأصغر سناً المرشحين للانتخابات، "بعد الثورة، أصابنا إحباط وحدثت موجة هجرة كبيرة"، لكن "في ظلّ ذلك كلّه، ما زلنا نريد المحاولة. أترشح حالياً لأبرهن أننا ما زلنا نرغب بالإطاحة بالطبقة الحاكمة منذ عقود".

ورغم النكسات في مواجهة سلطة متجذّرة وفشل مجموعات المعارضة والمرشحين المستقلين في الانضواء ضمن قوائم موحّدة في العديد من الدوائر الانتخابية، إلّا أن الحراك الشعبي أفرز عدداً أكبر من المرشحين المناوئين للأحزاب التقليدية مما كان الوضع عليه في آخر انتخابات في العام 2018.

وبحسب مبادرة سياسات الغد، وهي مؤسسة بحثيّة مقرها بيروت، يشكل المرشحون المعارضون والمستقلون 284 من إجمالي 718 يخوضون السباق الانتخابي، مقارنة مع 124 مرشحاً عام 2018.

ويتوزع هؤلاء على 48 قائمة انتخابية في أنحاء البلاد، بما في ذلك في المناطق على الأطراف حيث تواجه قوى السلطة في بعض الدوائر تحدياً حقيقياً للاحتفاظ بكامل مقاعدها.

"مواجهة مستمرة"

وفي الانتخابات الماضية، مارست العميل حقّها بالانتخاب للمرة الأولى. وبعد أربع سنوات، تستعد لمنازلة قوى السلطة بعد ترشحها في دائرة المتن الشمالي (شمال شرق بيروت)، بعدما أثرت مشاركتها في التظاهرات ونشاطها المدني مسيرتها الناشئة.

وتتحدث المحامية الشابة بينما تجلس في أحد مقاهي بيروت، عن مغادرة العدد الأكبر من زملائها على مقاعد الدراسة، البلاد، وتقول "سنمضي في المواجهة". وتضيف "الخطاب الذي صدحت به حناجرنا خلال الثورة سنكمله في الحملات الانتخابية وداخل المجلس النيابي".

وللمرة الثانية بعد عام 2018، يخوض الناشط والكاتب ومخرج الأفلام لوسيان بو رجيلي الاستحقاق الانتخابي. ويقول لـ"فرانس برس": "النقطة الأهم هي أن ينظر الناس إلى الانتخابات بوصفها تظاهرة".

ويتابع: "كما وثّقنا تعرّض متظاهرين للضرب وخسارة عيونهم والقتل على الطرقات، علينا أن نوثّق كيف تُسرق الأصوات وكيف يحصل الغش".

 وتحاول أحزاب السلطة، وفق بو رجيلي، "إضعافنا وتستخدم الأموال" لجذب الناخبين في بلد يقوم نظامه السياسي على تقاسم الحصص بين الطوائف.

وتواجه مجموعات المعارضة تحديّات جمة، مع إدراكها أن أدوات المواجهة مع قوى السلطة غير متكافئة من ناحية القدرة على تجييش القواعد الشعبية والإعلام والقدرات المادية، وفي ظل قانون انتخاب فصّلته القوى السياسية على مقاسها.

صعوبات منتظرة

ورأى محللون أن عدم نجاح المعارضة في خوض السباق الانتخابي على قوائم مشتركة، يحدّ من قدرتها على قلب موازين القوى وإحداث تغيير حقيقي.

وتقول أستاذة الإدارة العامة في الجامعة الأميركية في بيروت كارمن جحا لـ"فرانس برس" إن "ثمة قوائم معارضة متنافسة في غالبية الدوائر وهذا أمر غير مقبول". وتابعت: "كنا بحاجة إلى الأمل، والأمل لا يمكن أن يأتي إلّا من حملة وطنية".

ويشكّل إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع معضلة، مع فقدان الأمل في إحداث تغيير، بالإضافة إلى تكلفة المواصلات الباهظة مع اضطرار الناخبين للتوجه الى المناطق التي ينحدرون منها للإدلاء بأصواتهم.

وأظهر استبيان للآراء أجرته منظمة أوكسفام، أنّ نحو 54% من أكثر من 4 آلاف و 670 شخصاً شملهم الاستطلاع، أبدوا استعدادهم للاقتراع في الانتخابات.

وقالت المنظمة التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها في تقرير نشرته الشهر الماضي حول سلوك الناخبين، إنّ "تدني المعدل نسبياً.. ربما يعود إلى شعور عارم بخيبة الأمل واليأس".

وأعرب أكثر من نصف من قالوا إنهم سيمتنعون عن الإدلاء بأصواتهم عن اعتقادهم بعدم وجود "مرشحين واعدين"، وفق المنظمة.

في المقابل، أفاد قرابة 50% ممن سيدلون بأصواتهم أنهم سيقترعون لصالح مرشحين مستقلين.

وعلى صعيد مقاطعة الانتخابات، قرّر الناشط السياسي ماهر أبو شقرا الذي كان في عداد قياديي "لِحقي"، مجموعة معارضة برز اسمها خلال التظاهرات المناوئة للسلطة، العزوف عن خوض الانتخابات بعد فترة وجيزة من إعلان ترشّحه.

وبرر خطوته لـ"فرانس برس"، بأن "عمر النظام اللبناني مئات السنين.. ومواجهته صعبة جداً"، مضيفاً "لا يُواجه بطريقة عبثية وغير منظمة".

مشاركة المغتربين

وفي سياق مواز، قالت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين اللبنانية، الاثنين، إن نسبة اقتراع المغتربين في الانتخابات البرلمانية اللبنانية، بلغت في نسبة أوليّة نحو 60%.

وخلال مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية، قال السفير هادي هاشم من لجنة مراقبة انتخابات المغتربين: "لدينا نسبة عامة بحوالي 60 % في العالم كله، ما يعني أن 128 إلى 130 ألفاً شاركوا في عملية الاقتراع".

وأضاف: "هذه نسبة جيدة جداً"، مشيراً إلى أن "الأرقام أوليّة، على أن تنشر الأرقام النهائية يوم الانتخابات المقررة 15 مايو الجاري".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات