هكذا يمهد "الشيوعي الصيني" لتتويج شي جين بينج "زعيماً أبدياً"

time reading iconدقائق القراءة - 8
زائر يتأمل صوراً للرئيس الصيني شي جين بينج في متحف الحزب الشيوعي ببكين، 11 نوفمبر 2021 - REUTERS
زائر يتأمل صوراً للرئيس الصيني شي جين بينج في متحف الحزب الشيوعي ببكين، 11 نوفمبر 2021 - REUTERS
دبي- الشرق

أقرّ الحزب الشيوعي الصيني الخميس، قراراً يعيد صوغ تاريخه وإنجازاته، ممهّداً لتمديد حكم الرئيس شي جين بينج العام المقبل، ما قد يجعله "زعيماً مدى الحياة".

"القرار التاريخي" هو الأول منذ 4 عقود، واختتمت الجلسة السادسة الكاملة للجنة المركزية للحزب، وهي مجموعة من نحو 370 عضواً تختار قادتها الجدد كل 5 سنوات، بدأت اجتماعاً مغلقاً الاثنين في بكين، كما أفادت وكالة "رويترز".

وأشارت وكالة "بلومبرغ" إلى أن هذه المجموعة التي تضمّ قياديين في الدولة وقادة عسكريين ورؤساء أقاليم وأكاديميين بارزين، دعمت رؤية شي جين بينج لماضي الحزب ومستقبله، مرجّحة أن يغيّر القرار مسار الصين. علماً أن الزعيمين الراحلين ماو تسي تونج ودينج شياو بينج فقط حظيا بهذه المكانة، واستخدماها للسيطرة على السياسة الحزبية، حتى وفاتهما.

وسيمهّد القرار المذكور، للمؤتمر العشرين للحزب المرتقب العام المقبل، والذي يُرجّح أن يمنح شي ولاية ثالثة كزعيم للصين، في ما يُعتبر سابقة قد تمّهد لبقائه في الحكم مدى الحياة.

وبعد إلغاء الحدّ الأقصى المفروض على عدد الولايات، في تعديل دستوري أُقرّ في عام 2018، لم يُعيّن شي جين بينج خلفاً واضحاً له، علماً أنه يُعتبر الزعيم الأكثر نفوذاً في البلاد، منذ ماو تسي تونج، مؤسّس جمهورية الصين الشعبية، ودينج شياو بينج.

"أروع ملحمة في تاريخ الصين"

وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية (شينخوا) بأن "الحزب والشعب كافحا على مدى قرن، فدوّنا أروع ملحمة في تاريخ الأمّة الصينية على مدى آلاف السنين". ووَرَدَ في القرار أن "الاشتراكية على الطراز الصيني دخلت حقبة جديدة"، منذ تسلّم شي الحكم في عام 2012. وأضاف أن "فكر (شي) هو خلاصة الثقافة والروح الصينيتين"، معتبراً أن لوجوده في "قلب" الحزب الحاكم "أهمية حاسمة.. من أجل تشجيع آلية التجدّد الكبير التاريخية للأمّة الصينية"، بحسب وكالة "فرانس برس".

وتابعت "شينخوا" أن اللجنة المركزية قرّرت أن الدرس الذي يمكن استخلاصه من تاريخ الحزب، الذي أُسّس في عام 1921، يتمثل في صموده في 10 مجالات، مع إعطاء قيادة الحزب الأولوية القصوى.

صحيفة "نيويورك تايمز" أوردت أن ملخصاً رسمياً عن الاجتماع أفاد بأن الصين حققت بقيادة شي "إنجازات تاريخية وشهدت تحوّلاً تاريخياً"، مشيداً بما وصفه الحزب بنجاحات في الاقتصاد والسياسة الخارجية ومكافحة التلوّث واحتواء كورونا. وأضاف أن الصين حققت، في ظلّ حكم ماو ودينج، وشي الآن، "تحوّلاً هائلاً من النهوض والنموّ المزدهر إلى القوة".

واستبقت وسائل الإعلام الرسمية الاجتماع، بالإشادة بقيادة شي، إذ وصفته "شينخوا" بأنه "رجل الأفكار والمشاعر العميقة الذي ورث إرثاً لكنه تجرّأ على الإبداع، وصاحب رؤية استشرافية وملتزم بالعمل من دون كلل". أما صحيفة "الشعب" الناطقة باسم الحزب الشيوعي، فذكرت أن اجتماعاً عقده المكتب السياسي للحزب الشهر الماضي، أعلن تجديداً ضخماً للأمّة الصينية بوصفه "حتمية تاريخية" في حقبة شي.

"هزيمة المعارضين السياسيين"

قرار اللجنة المركزية سيكون الثالث في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني. علماً أن القرار الأول، الذي أُقرّ في عام 1945، ساعد ماو في ترسيخ هيمنته على الحزب قبل 4 سنوات من تسلّمه السلطة. وكانت الوثيقة حينها بعنوان: "قرار بشأن بعض الأسئلة في تاريخ حزبنا"، ووَرَدَ فيها أن لدى ماو وحده "خطاً سياسياً صحيحاً" لقيادة الحزب، كما أفادت "بلومبرغ".

أما الثاني، الذي أُقرّ في عام 1981 خلال عهد دينج، فتبنّى إصلاحات اقتصادية وأقرّ بـ"أخطاء" ارتكبها ماو، بما في ذلك "القفزة الكبرى إلى الأمام" و"الثورة الثقافية".

وفي اجتماع مشابه، عُقد في عام 2016، اعتبر الحزب شي زعيماً "أساسياً"، وهذا مصطلح خُصّص سابقاً لدينج وماو وجيانج زيمين، ويمنحهم حق النقض (فيتو) بحكم الأمر الواقع على القرارات الأساسية، بحسب "بلومبرغ" التي اعتبرت أن القرار بشأن التاريخ سيمكّن شي من تنفيذ مزيد من الإصلاحات الاقتصادية، ومواجهة الولايات المتحدة بشأن الحرب التجارية والتحقيقات حول منشأ كورونا، وتايوان.

وكتب الدبلوماسي البريطاني السابق تشارلز بارتون، وهو باحث في ملف الجغرافيا السياسية للمحيطين الهندي والهادئ، في تقرير نشره "مجلس الجيواستراتيجيا"، في إشارة إلى قرارَي ماو ودينج: "في كلتا الحالتين، استخدم الفائزان، ماو ودينج، اجتماعات اللجنة المركزية وقراراتها للتأكيد على هزيمة المعارضين السياسيين وقوتهما البارزة".

"حقبة جديدة للصين"

وذكرت "بلومبرغ" أن لدى شي "عدداً محدوداً" من المنافسين السياسيين، مشيرة إلى إقصاء خصومه خلال حملة واسعة لمكافحة الفساد شنّها منذ عقد، ما يعني أن اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي، أعلى هيئة لصنع القرار في الصين، تفتقر إلى شخص لديه السنّ اللازمة أو الخبرة الكافية ليكون خليفة لشي.

ونقلت الوكالة عن يو جي، وهي باحثة بارزة في شؤون الصين بـ"معهد تشاتام هاوس"، أن القرار سيبرّر مركزية أقوى للسلطة حول الحزب. وتابعت: "إنها تشكّل أيضاً حقبة جديدة حقيقية للصين بقيادة (شي)، أكثر ثراءً من الناحية الاقتصادية وتشهد ثقة أقوى لأداء دور عالمي أكبر".

لكن وكالة "أسوشيتد برس" نبّهت إلى أن محاولة شي البقاء في السلطة قد تنفّر شخصيات حزبية شابة، يمكن أن تشكو تضاؤل فرصها لارتقاء مراتب أعلى. وأضافت أن خبراء سياسيين يذكّرون بتجارب لبلدان أخرى، في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، محذرين من أن فترات طويلة من حكم شخص واحد تؤدي إلى قرارات رسمية وأداء اقتصادي أكثر سوءاً.

وأشارت الوكالة إلى أن وسائل الإعلام الرسمية الصينية تربط شي بنجاحات وطنية، بما في ذلك مكافحة بكين لكورونا، وبروزها في قطاع التكنولوجيا، وإرسالها مهمة ناجحة إلى القمر في العام الماضي.

وأضافت أن قرار دينج في عام 1981 نأى بالحزب عن الاضطرابات العنيفة التي واكبت الثورة الثقافية في الصين خلال عهد ماو، بين عامَي 1966 و1976. في المقابل، روّج شي جين بينج لصورة إيجابية عن العقود الأولى للحزب في السلطة، داعياً إياه إلى إحياء "مهمته الأصلية"، بوصفه قوة اقتصادية وسياسية وثقافية رائدة في الصين.

وأشارت "فرانس برس" إلى أن شي أدخل نظرياته السياسية المعروفة بـ"فكر شي جين بينج"، في المناهج الدراسية. كذلك دعا أخيراً إلى "الرخاء المشترك"، للحدّ من التفاوت في الثروة وتشديد الرقابة على عمالقة عالم المال والأعمال بالصين، في حملة بدّدت نحو تريليون دولار من قيمة الأسهم الصينية بالعالم في يوليو الماضي.

اقرأ أيضاً: