فلسطين تطالب "مؤتمر المانحين" بمساعدة عاجلة لمواجهة أزمة غير مسبوقة

time reading iconدقائق القراءة - 6
علم فلسطين يرفرف على أنقاض المنازل التي دمرتها الغارات الإسرائيلية في الحرب الأخيرة على غزة- 25 مايو 2021 - REUTERS
علم فلسطين يرفرف على أنقاض المنازل التي دمرتها الغارات الإسرائيلية في الحرب الأخيرة على غزة- 25 مايو 2021 - REUTERS
رام الله -محمد دراغمة

قال مسؤولون فلسطينيون، إنهم سيطالبون مؤتمر المانحين الذي يعقد في العاصمة النرويجية أوسلو، الأربعاء، بتقديم مساعدة مالية عاجلة، مشيرين إلى أن الحكومة تواجه أزمة غير مسبوقة، تهدد قدرتها على دفع رواتب موظفيها وتوفير الخدمات للمواطنين.

وأضاف المسؤولون، إن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية، الذي وصل إلى أوسلو، سيطلب من المانحين مساعدة عاجلة بقيمة 400 مليون دولار لتمكين حكومته من مواصلة دفع رواتب موظفيها، وتقديم الخدمات للمواطنين حتى مارس المقبل، إذ يتوقع أن يستأنف الاتحاد الأوروبي تقديم العون لها.

وأفاد المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة، استيفان سلامة لـ"الشرق"، بأن الحكومة تعاني أزمة مالية غير مسبوقة منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، جراء تراجع الدعم الدولي وتزايد الاقتطاعات الإسرائيلية ونتائج جائحة كورونا على الاقتصاد.

وتابع سلامة، أن "الحكومة تعاني من فجوة تمويلية كبيرة، وتخطت مستوى الاقتراض المسموح به من البنوك"، لافتاً إلى أنه حتى تستطيع الحكومة تقديم الخدمات ودفع الرواتب فأنها تحتاج بصورة عاجلة إلى 400 مليون دولار.

وأوضح أن إيرادات الحكومة تصل إلى نحو 750 مليون شكيل شهرياً (الدولار 3.17 شيكل)، بينما مصاريفها الجارية تصل إلى 1.2 مليار شيكل.

وقال سلامة إن الحكومة لجأت إلى الاقتراض من أجل التغلب على هذه الفجوة، لكنها تخطت المستوى المسوح لها بذلك ولم يعد الاقتراض خياراً  أمامها.

وبدأت السلطة الفلسطينية في مواجهة أزمة مالية تراكمية منذ مطلع عام 2020 جراء تراجع الدعم المالي الدولي، وقيام إسرائيل باقتطاعات كبيرة من الايرادات الجمركية الفلسطينية، بالاضافة إلى النتائج التي خلفتها جائحة كورونا على الاقتصاد المحلي.

المساعدات الخارجية

وقال المسؤول الفلسطيني إن حل هذه الأزمة يتطلب عودة المساعدات الخارجية ووقف الاقتطاعات الإسرائيلية، والقيام بإصلاحات داخلية.

وأوضح سلامة أن الدعم المالي الدولي تراجع في العام الجاري إلى أدنى معدلاته منذ تأسيس السلطة، مضيفاً أنه "بمقارنة بسيطة فإن قيمة الدعم الدولي لهذا العام بلغت 10% فقط مقارنة مع عام 2013". 

ووصل الدعم الخارجي المباشر للسلطة في عام 2013 إلى نحو مليار ونصف المليار دولار من موازنتها التي بلغت في حينه حوالي 4.5 مليار دولار.

وتابع، أن الدعم المالي الخارجي كان يأتي من ثلاثة مصادر رئيسية وهي الولايات المتحدة والدول العربية والاتحاد الأوربي، وذلك بمعدل حوالي الثلث من كل مصدر، إلى جانب اليابان وكندا، مشيراً إلى أن الغالبية العظمى من هذا الدعم لم يصل هذا العام.

الاقتطاعات الإسرائيلية

وقال إن الاقتطاعات الإسرائيلية المجحفة من الايرادات الجمركية فاقمت من الأزمة المالية، مشيراً إلى أن إسرائيل تقتطع بين 20-250 مليون شيكل شهرياً من الإيرادات التي تترواح بين 700-800 مليون شيكل، ومن هذه الاقتطاعات حوالي 110 مليون شيكل هي قيمة ما تدفعة السلطة من مخصصات لأسر الشهداء والأسرى.

وأشار إلى أن رئيس الوزراء سيطلب من الممثلين عن 30 دولة ومؤسسة دولية المشاركين في المؤتمر النصف سنوي للمانحين، الضغط على إسرائيل لوقف الاقتطاعات المالية.

وتأسس مؤتمر المانحين الدولي للسلطة الفلسطينية في العام 1993، بهدف تقديم مساعدة مالية للسلطة الفلسطينية لمساعدتها على بناء مؤسساتها وتقديم الخدمة للمواطنين، ويعقد مرتين في العام.

تراجع الدعم

وتراجع الدعم المالي للسلطة الفلسطينية في السنوات الأخيرة لأسباب سياسية وأخرى تتعلق بتحديات كورونا.

وأوقفت الإدارة الأميركية دعمها المباشر لموازنة السلطة الفلسطينية في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب والتي بلغت قيمتها السنوية 300 مليون دولار إضافة إلى حوالي 500 مليون لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" والمشاريع التنموية.

ولم تستأنف إدارة الرئيس جو بايدن الدعم المالي لموازنة السلطة بسبب وجود قوانين تحول دون ذلك سنت في الكونجرس الأميركي أثناء فترة ترمب، مثل قانون "تايلور فورس" الذي يتطلب من أية جهة تتلقى دعماً أميركياً تقديم تعهد بالامتثال أمام القضاء الأميركي.

وتخشى السلطة الفلسطينية من التعرض للمحاكمة أمام القضاء الأميركي، على خلفية عمليات مسلحة سقط فيها إسرائيليون يحملون الجنسية الأميركية في حال الموافقة على هذه الشرط، كما جرى في سنوات سابقة.

حقوق الإنسان

وأوقف الاتحاد الأوروبي دعمه المباشر لموازنة السلطة الفلسطينية في العام الجاري لأسباب تقول مصادر دبلوماسية غربية بأنها تتعلق بسجل السلطة في حقوق الإنسان.

لكن مسؤولين فلسطينيين يؤكدون أن الاتحاد تعهد باستئناف هذا الدعم العام المقبل.

وقال سلامة، إن الاتحاد الأوروبي تعهد لاشتية في اللقاءات التي عقدها مع ممثلين عن الاتحاد مؤخراً في بروكسل بتقديم الدعم المستحق من العام الجاري إلى جانب الدعم المقرر للعام المقبل سوية ابتداء من شهر مارس القادم.

وأوقفت الدول العربية أيضاً دعمها المباشر لموازنة السلطة لأسباب مختلفة.

وأشار سلامة، إلى أن رئيس الوزراء سيطالب بضغط دولي على إسرائيل لتعديل الاتفاقات المالية والاقتصادية المجحفة بحق الفلسطينيين مثل "اتفاق باريس".

مشاركة إسرائيل

وتشارك إسرائيل في مؤتمر المانحين. وذكرت صحيفة هآرتس العبرية، أن تل أبيب طلبت من إدارة بايدن، الضغط على الدول العربية والأوروبية لزيادة المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية خشية انهيارها.

وقالت الصحيفة، الاثنين، إن وزير الأمن بيني جانتس، "هو من يروج لهذه الفكرة، وأنه يعمل على حشد المجتمع الدولي للانضمام إلى جهود إسرائيل لتقوية السلطة الفلسطينية خوفاً من انهيارها، وفي محاولة لمنع تدهور الأوضاع الأمنية لاحقاً".

وذكرت أن وفداً إسرائيلياً غادر للمشاركة في المؤتمر، مشيرة إلى أن الوفد يضم وزير التعاون الإقليمي وممثلين عن مكتب منسق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في فلسطين ووزارتي الخارجية والمالية.

اقرأ أيضاً: