"قصر فرساي".. من استراحة صيد إلى فندق لهواة الترفيه

time reading iconدقائق القراءة - 7
جانب من قصر فرساي بالقرب من باريس في فرنسا 6 يونيو 2020 - REUTERS
جانب من قصر فرساي بالقرب من باريس في فرنسا 6 يونيو 2020 - REUTERS
القاهرة -ميّ هشام

بالنسبة للعالم أجمع، يرتبط اسم "قصر فرساي" في المقام الأول بتوقيع اتفاقية السلام التي انتهت بموجبها الحرب العالمية الأولى في الـ28 من يونيو عام 1919، غير أن القصر الفرنسي الشهير المصنف ضمن قوائم اليونسكو للتراث العالمي منذ 30 عاماً، تقلَّبت مصائره، من استراحة صيد، إلى مقر للحُكم، ثم رمز للثورة الفرنسية، وأخيراً وجهة سياحية، وفندق لهواة الرفاهية.

بديل اللوفر

استراحة صيد محدودة للملك الفرنسي لويس الثالث عشر، هي اللبنة التي أصبحت لاحقاً مقر الحُكم الفرنسي على مدار قرن من الزمان، ومرادفاً للذوق الفرنسي؛ منذ أن أصدر نجله لويس الرابع عشر قراراً بتأسيس قصر فرساي مقراً للحكم عام 1682، ليصبح لاحقاً ساحة للتنافس بين الملوك المتعاقبين، يضيف كل منهم لمسته عليه.

ويُعد قرار نقل مقر الحكم والحكومة الفرنسية إلى فرساي، بديلاً عن اللوفر بباريس، قراراً سياسياً بالمقام الأول، بمنأى عن الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في باريس.

ووفقاً لـ"الموقع الرسمي" لقصر فرساي، فإن القصر الذي يشمل حالياً 2300 حجرة، يمتد على مساحة تزيد على 63 ألف متر مربع، بعد التوسعات والتعديلات المتتالية عليه، ويقع في منطقة إيل دو فرانس جنوب غربي العاصمة باريس.

وتُعد قاعة المرايا، والكنيسة الملكية بفرساي، والحدائق المبنية على الطرازين الفرنسي والإنجليزي، ودار الأوبرا، أبرز معالم فرساي. فقاعة المرايا كانت لاستقبال زوار فرنسا رفيعي المستوى خلال هذه الفترة، فيما استضافت دار الأوبرا مأدبة الزفاف الملكي للويس السادس عشر، والملكة ماري أنطوانيت.

100 عام من الحُكم

بين عامي 1682 و1789، واصل فرساي كونه مقراً للحكم، في ما عدا سنوات واجه فيها إهمالاً لصالح باريس كمقر للحكم، وذلك حتى قيام الثورة الفرنسية.

ووفقًا لـ"ناشيونال جيوغرافيك"، انقطعت رمزية فرساي باعتباره مقراً للحُكم ومركزاً للسلطة الملكية خلال أحداث الثورة الفرنسية بعد قرن من الزمان، وبالتحديد عندما اقتحمت فئة من الثوار القصر، وطردوا لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت، مرسلين الثنائي إلى باريس، حيث نفذ فيهما حُكم الإعدام.

أواخر القرن الثامن عشر، تعرَّض قصر فرساي لحملة تجريد من غالبية التحف والأعمال الفنية التي جرى نقلها لمتحف اللوفر، ولاحقاً، وبعد فترة من التخبط، تحول فرساي إلى نقطة جذب سياحي، وأصبح بدوره متحفاً لبعض الوقت.

ارتبط اسم نابليون بونابرت لاحقاً بالسُكنى في القصر؛ فعلى الرغم من وعيه برمزيته، فقد اختار قصر تريانون المتواضع بالنسبة لباقي أجنحة القصر، وفي عام 1837، تحت حكم الملك الفرنسي لويس فيليب، أصبح متحفاً تاريخياً، ضم تحت مظلّته "كافة الأمجاد الفرنسية".

عودة السياسة

بانتصاف القرن التاسع عشر، كانت الصورة القديمة لفرساي المرتبطة بنمط الحكم المستفز والمحرض على الثورة قد زالت تماماً، وبدأ في استعادة دوره التاريخي، فقد شهد في الفترة بين عامي 1873 و1954 التصويت على 15 من الانتخابات الرئاسية خلال اجتماعات البرلمان التي كانت تعقد فيه.

وعمل أيضاً قصراً للضيافة خلال هذه الفترة لضيوف فرنسا من الملوك والأمراء والمقام العالي، مثل الملكة فيكتوريا التي أقامت فيه خلال عام 1855، كما شهد إعلان الإمبراطورية الألمانية بعد التوقيع على ذلك في قصر فرساي عام 1871، إثر هزيمة فرنسا في الحرب على يد البروسيين.

ومن النصر الألماني وإعلان الإمبراطورية، إلى الهزيمة في الحرب العالمية الأولى، وتوقيع اتفاقية السلام عام 1919، وقع الاختيار على فرساي لرمزيته في التاريخ الألماني.

وبحسب "ناشيونال جيوغرافيك"، فقد حوَّل الرئيس الفرنسي الأسبق، شارل ديغول الجناح الشمالي من فرساي إلى جناح رئاسي رسمي، ما يزال حتى الآن يستقبل ضيوف رؤساء فرنسا.

وجهة سياحية

ويُعد الدور السياحي هو المحطة الأخيرة في تاريخ فرساي، فالقصر يُعد واحداً من أهم 3 وجهات سياحية في فرنسا جنباً إلى جنب مع متحف اللوفر وبرج إيفل، ويستقبل ملايين الزوار سنوياً الذين يظهرون اهتماماً خاصاً بمقار الملكة الأخيرة لفرساي "ماري أنطوانيت" وكنوزها.

وقد خضع القصر لسلسلة من الترميمات بدءاً من القرن التاسع عشر استهدفت استعادة شخصيته الملكية في البداية، وإزالة آثار الحرب والزمن في مراحل تالية، كان آخرها ترميم الكنيسة الملكية بفرساي الذي استغرق 3 سنوات وانتهى أبريل الماضي.

ووفقًا لشبكة "سي إن إن" الأميركية، فإن قسماً من حجرات فرساي قد أصبح مؤخراً مؤهلاً لهواة الرفاهية والمعيشة الملكية وذلك في فندق "لو غراند كونترول"، والذي تكلف ليلة المبيت الواحدة فيه 1700 يورو.