اتفاق السلام في إثيوبيا.. "تحول مفاجئ" في صراع تيجراي قد ينهي الحرب

time reading iconدقائق القراءة - 8
امرأة تقف ضمن طابور لتلقي المساعدات الغذائية في مأوى مؤقت للنازحين بإقليم تيجراي شمال إثيوبيا. 15 مارس 2021 - REUTERS
امرأة تقف ضمن طابور لتلقي المساعدات الغذائية في مأوى مؤقت للنازحين بإقليم تيجراي شمال إثيوبيا. 15 مارس 2021 - REUTERS
دبي -الشرق

بدأت إثيوبيا في اتخاذ "خطوات هشة" نحو السلام، الخميس، بعد يوم من اتفاق الحكومة و"جبهة تحرير شعب تيجراي" شمال البلاد على وقف دائم للأعمال العدائية، في تحول مفاجئ للأحداث يمكن أن يُنهي الحرب الأهلية المستمرة منذ عامين، وهي واحدة من أكثر الصراعات المعاصرة دموية في العالم، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".

وقال خبراء في المنطقة، الخميس، إن الاتفاق يبدو انتصاراً حاسماً للحكومة الإثيوبية ورئيس وزرائها آبي أحمد، الحائز على جائزة نوبل للسلام والذي قاد الحرب، لكن قد يكون من الصعب على قادة إقليم تيجراي إقناع شعبهم به.

نزع سلاح تيجراي

الاتفاق، الذي تم توقيعه وسط ضجة كبيرة في جنوب إفريقيا عشية الذكرى السنوية الثانية للحرب، يدعو إلى نزع السلاح الكامل لقوات"جبهة تحرير شعب تيجراي" في غضون 30 يوماً، وفقاً لنسخة من الاتفاق النهائي، الذي لم يتم نشره، لكن حصلت عليه الصحيفة الأميركية، وينص على أن كبار القادة من كلا الجانبين سيجتمعون في غضون 5 أيام لمعرفة كيف سيحدث نزع السلاح.

كما يُمهد الاتفاق الطريق أمام القوات الفيدرالية الإثيوبية لدخول ميكيلي عاصمة إقليم تيجراي بطريقة "سريعة وسلسة وسلمية ومنسقة"، وقوات الأمن الفيدرالية للسيطرة على جميع المطارات والطرق السريعة والمرافق الفيدرالية داخل الإقليم.

والقوات الفيدرالية في إثيوبيا تُحارب "جبهة تيجراي" على مدى العامين الماضيين، وبعضها متهم من قبل جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة بارتكاب فظائع ترقى إلى جرائم حرب.

وأشاد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، متحدثاً أمام حشد في جنوب غرب البلاد، الخميس، بجيشه والاتفاق، قائلاً إن "انتصاره التاريخي" في ساحة المعركة مهد الطريق لاتفاق السلام. ودعا شعب تيجراي إلى إنهاء إراقة الدماء، وأضاف: "يجب أن تتوقف الحيل والشر والتخريب هنا".

ولم يرد زعماء تيجراي على طلبات للتعليق من جانب الصحيفة، لكن كجيتيل ترونفول، الباحث في السياسة الإثيوبية وأستاذ دراسات السلام والصراع في كلية أوسلو الجامعية الجديدة، قال إن "إقناع قوات تيجراي بنزع سلاحها طواعية وجعلها غير قادرة على الدفاع عن نفسها في مواجهة عدو تقاتله منذ عامين سيكون قضية مثيرة للجدل للغاية".

وأضاف أنه سيُنظر إلى هذه الخطوة بين سكان تيجراي وقواتهم على أنها "استسلام".

ورحبت الولايات المتحدة باتفاق الهدنة، معربةً أن أملها في وضع حد للنزاع بينهما، وأعربت عن انفتاحها على تحسين العلاقات مع أديس أبابا. وقالت في بيان: "نرحب بإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، وحماية المدنيين، وهما أمران يجب أن ينجما عن تنفيذ هذا الاتفاق".

وعود بالسلام والاستقرار

الحرب، التي اندلعت في 3 نوفمبر 2020، اعتُبرت آنذاك محاولة من آبي أحمد لممارسة السيطرة على قادة إقليم تيجراي المضطرب، الذين خالفوا سلطته من خلال إجراء انتخابات محلية.

وكان قادة مجموعة تيجراي العرقية، على الرغم من أنهم أقلية في إثيوبيا، لما يقرب من 3 عقود كتلة السلطة الرئيسية في الحكومة الإثيوبية، لكن آبي أحمد، طردهم بعد فترة وجيزة من وصوله إلى السلطة في عام 2018.

وتم التوصل إلى أحدث هدنة بين الطرفين المتشاحنين في محادثات السلام، التي عقدها الاتحاد الإفريقي الأسبوع الماضي في جنوب إفريقيا، وقبل بدء المحادثات مباشرة، استولى الجيش الإثيوبي على عدة بلدات في تيجراي، تاركاً مفاوضي الإقليم في موقف أضعف خلال المفاوضات الحساسة، حسبما قال محللون.

وخلّفت الحرب الطاحنة مئات الآلاف من القتلى وملايين النازحين، وألقت بظلالها على إثيوبيا، فضربت اقتصادها الذي كان في يوم من الأيام سريع النمو، وأدت إلى تآكل مكانتها الإقليمية، وتآكل النسيج الاجتماعي بين مجموعاتها العرقية المتنوعة.

الإنجاز الدبلوماسي الذي تحقق، الأربعاء، يحمل وعوداً بوقف التوترات واستنزاف البلاد السياسي والأمني والاقتصادي، حيث وقع الطرفان اتفاقاً مشتركاً لإلقاء أسلحتهما، والتوقف عن نشر "الدعاية العدائية"، وتسريع تدفق الإمدادات الإنسانية إلى تيجراي.

من جانبها، وعدت الحكومة الإثيوبية بإعادة "الخدمات الأساسية" إلى منطقة تيجراي، التي ظلت معزولة خلال الحرب عن الكهرباء والمياه والاتصالات السلكية واللاسلكية والبنوك. وقالت شركة "إيثيو تيليكوم" الحكومية للاتصالات، الخميس، إنها أعادت الخدمة إلى بلدات في جنوب تيجراي استولت عليها القوات الإثيوبية مؤخراً من قوات تيجراي.

كما وافقت الحكومة على "تسهيل رفع التصنيف الإرهابي" عن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي والقيادة السياسية في المنطقة وقواتها المقاتلة.

وتساءل مراقبون ومحللون إقليميون، الخميس، عن سبب عدم نشر الاتحاد الإفريقي بعد نسخة رسمية من الاتفاق، وما إذا كان طرفان مهمان لم يتم تضمينهما في الاتفاق قد يُعيقان نجاحه.

استبعاد إريتريا وأمهرة

من المسائل الصعبة التي تواجه الاتفاق بين الحكومة الإثيوبية و"جبهة تحرير شعب تيجراي" كيف سيحل الاتفاق مسألة الأراضي المتنازع عليها أو حتى يسهل عودة النازحين داخلياً واللاجئين وإعادة إدماجهم.

وقد تجاهل هذا الاتفاق بعض الأطراف، حيث لم يشمل إريتريا المجاورة، التي قاتلت قواتها إلى جانب الحكومة الإثيوبية في الحرب، واتُهمت بارتكاب بعض الفظائع، بما في ذلك المذابح العرقية والعنف الجنسي. كما لم يُعلق رئيس إريتريا أسياس أفورقي، ولا ممثلوه، على توقيع الاتفاق.

ويُشير اتفاق السلام إلى أن قوات الدفاع الإثيوبية ستزود الحدود الدولية بالأفراد اللازمين للحماية من أي "استفزاز أو توغل من جانبي الحدود"، في إشارة محتملة إلى إريتريا، مع عدم تحديد الحدود.

كما استُبعد من المحادثات أعضاء من منطقة أمهرة الإثيوبية الذين يقاتلون إلى جانب الحكومة الإثيوبية في الحرب ولديهم نزاع حدودي مع تيجراي.

وقال ديسالين شاني داجنو، وهو زعيم من عرقية الأمهرة وعضو في البرلمان يُمثل حزب الحركة الوطنية للأمهرة، إن جماعته تشعر بخيبة أمل لعدم إشراكها في المحادثات.

واعتبر أنه على الرغم من ترحيبه بالاتفاق، إلا أنه لا يزال قلقاً من أنه لم يُحدد أن المناطق المتنازع عليها، مثل ويلكايت ورايا، والتي تنتمي إلى عرقية الأمهرة، وليس إلى قاطني تيجراي، وأضاف: "أي ترتيب أو نتيجة لا تعترف بهذه الأراضي على أنها (تخص) أمهرة تعني أنه لن يكون هناك سلام دائم في المنطقة. هذا هو خطنا الأحمر".

وفي حين أن آبي أحمد ربما يكون قد هزم خصومه في منطقة تيجراي، إلا أنه لا يزال يواجه اضطرابات في أجزاء أخرى من البلاد.

وهزت موجة من الهجمات المميتة بين الأعراق منطقتي أوروميا والمنطقة الصومالية في إثيوبيا في الأشهر الأخيرة، ممّا زاد من زعزعة استقرار البلاد، التي تُواجه بالفعل جفافاً مدمراً وتفشي الأمراض.

وأعرب العديد من الإثيوبيين، الخميس، عن أملهم في أن يجلب الاتفاق فترة راحة تشتد الحاجة إليها.

وقال مار تيلاهون (45 عاماً)، وهو عامل بناء في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، فقد أحد أقاربه في الحرب: "السلام جيد، لكن لماذا كان يجب أن يأتي في وقت متأخر جداً؟ البلد في حالة سيئة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات