بعد طرد "داعش".. مخاوف من توترات جديدة في سنجار شمالي العراق

time reading iconدقائق القراءة - 6
نازحون من سنجار بعد مهاجمتها من تنظيم داعش - 17 أغسطس 2014. - REUTERS
نازحون من سنجار بعد مهاجمتها من تنظيم داعش - 17 أغسطس 2014. - REUTERS
بغداد-الشرق

بعد مرور 6 أعوام على طرد مقاتلي تنظيم"داعش" من قضاء سنجار شمال غربي العراق، يهدد التوتر المستمر بسبب التدخلات الإقليمية لتصفية حسابات بين خصوم بأعمال عنف جديدة تشكل خطراً على الأقلية الأيزيدية التي يتركز وجودها في المنطقة. 

وقال ياسين طه، وهو محلل سياسي يسكن القضاء في تصريح لوكالة "فرانس برس": "سنجار اليوم بؤرة لتجمع الأجندات المتضاربة والأطراف المتخاصمة".

وأضاف أن البلدة تعيش حالياً في "وضع معقد يمكن أن يؤدي إلى انفجار الأوضاع في أي لحظة، لأن كل طرف يرفض التخلي عن النفوذ الذي حصل عليه".

ويقع القضاء الذي تسكنه غالبية أيزيدية بالإضافة إلى عرب وأقليات بينها تركمان، على بعد 80 كيلومتراً شمال مدينة الموصل، عاصمة محافظة نينوى.

ويشكل هذا القضاء مثلثاً يجمع العراق بتركيا شمالاً وسوريا غرباً، ما يجعله منطقة استراتيجية مهمة، وعلى الرغم من طرد المتطرفين على يد قوات كردية بدعم من التحالف الدولي في نوفمبر عام 2015، ما زالت البلدة تعيش حالة من عدم الاستقرار تقطع الطريق أمام عودة النازحين لمناطقهم.

وسيطر مقاتلون من كردستان العراق على المنطقة في عام 2015، بمساندة مقاتلين أكراد سوريين وبدعم من تحالف دولي تقوده واشنطن.

وكانت سنجار قبل عام 2014 منطقة تتنازع عليها الحكومة المركزية وإقليم كردستان، ثم سقطت في قبضة "داعش"، فيما تعرضت آلاف الفتيات والنساء الأيزيديات للخطف والاغتصاب والسبي، بينما قتل مئات الرجال وجند الأطفال بالقوة.

وفي المناطق المحيطة بالقضاء، انتشرت فصائل من قوات الحشد الشعبي، وأدى وجود هذه التشكيلات المسلحة إلى "عرقلة عودة النازحين" إلى سنجار، حيث الوجود المحدود لقوات الحكومة الاتحادية ومنظمات الإغاثة الدولية.

واتفقت حكومتا بغداد وإقليم كردستان في أكتوبر الماضي على إدارة مشتركة في سنجار تستند إلى وجود قوات من الحكومة الاتحادية فقط وإخراج الفصائل المسلحة، وبينها قوات "حزب العمال الكردستاني" المعارض لحكومة كردستان.

تركيا "متربصة"

وأشار المحلل السياسي ياسين طه إلى أن تركيا "تراقب وضع سنجار وتزايد نفوذ حزب العمال فيه"، إذ تعتبر حكومة إقليم كردستان، سنجار جزءاً من مناطق الحكم الذاتي الخاضعة لسيطرتها، لذلك لا تنظر بارتياح إلى وجود "حزب العمال الكردستاني" فيه.

ويتخذ هذا الحزب معاقل له في شمال العراق، ما يثير غضب أنقرة التي تعتبره "منظمة إرهابية"، داعمة لحرية التمرد التي يخوضها الحزب منذ عقود داخل تركيا، ما دفع أنقرة لعبور الحدود ومهاجمة معاقله هناك مراراً.

وفي يناير الماضي، صعّدت أنقرة تهديداتها بقصف منطقة جبلية قرب سنجار مهددة بغزو المنطقة. فيما هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبل أيام، قائلاً: "بخصوص إخراج الإرهابيين من سنجار لدي وعد دائم يمكننا أن نأتي فجأة ذات ليلة. مستعدون دائماً للقيام بعمليات مشتركة، لكن هذه العمليات لا تتم بالكشف عنها".

وتعطي هذه التهديدات ذريعة لفصائل الحشد الشعبي للتمسك بالبقاء في سنجار. ونقل بيان لحركة "عصائب أهل الحق"، وهي فصيل في الحشد، استعداد الحركة "للتصدي لأي سلوك عدواني من جانب تركيا".

ولفت طه إلى أن "الفصائل الشيعية تعتبر سنجار محطة مهمة للوصول إلى سوريا، حيث توجد فصائل أخرى موالية لإيران تقاتل إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد".

من جانبه، أكد مسؤول أمني عراقي رفيع في سنجار لم يذكر اسمه لـ "فرانس برس" أن "الجميع يبحثون عن مصالحهم في المنطقة"، موضحاً أن تركيا "تقول إن عناصر حزب العمال يوجدون في سنجار، والأكراد يدّعون عدم استقرار سنجار بهدف العودة مجدداً إلى هناك، والفصائل تقول نريد الاستقرار لسنجار".

الأيزيديون "يدفعون الثمن"

وحاول رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي نزع فتيل التوتر، إذ أشار مسؤول كبير في رئاسة الوزراء إلى "وجود اتصالات مستمرة بين بغداد وأنقرة لمنع أي توغل تركي في المنطقة".

من جهتها، قالت نسيبة يونس، الباحثة في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، إنه إذا وقع نزاع في سنجار "فسيخسر الكاظمي كثيراً".

وتابعت: "النزاع سيقوض الانتصار السياسي الذي حصل عليه الكاظمي من اتفاقية سنجار وسيلمع صورة باقي ميليشيات الحشد، كمدافعين عن العراق، على حساب الحكومة المركزية"، مشيرة إلى أن "النازحين الأيزيديين هم من سيدفعون الثمن".

وكشف علي عباس، الناطق الرسمي باسم وزارة الهجرة والمهجرين لـ"فرانس برس"، عن استمرار وجود حوالي "90 ألف عائلة مهجرة من سنجار، 90% منها لجأت إلى إقليم كردستان".

وفي السياق، قال محمد خليل، قائم مقام سنجار الذي يسكن خارج القضاء حالياً إن "وجود عناصر حزب العمال الكردستاني بمباركة بعض فصائل الحشد الشعبي، يعرقل ويعيق عودة النازحين وإعمار سنجار واستقرارها"، مضيفاً: "يجب التوصل إلى حل من أجل استقرار سنجار.. يجب الاستفادة من دروس الماضي".

تصنيفات

قصص قد تهمك