بلومبرغ: تقرب بايدن من الجمهوريين يفسد علاقته بـ"التقدميين"

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الأميركي جو بايدن في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، 25 يونيو 2021 - Bloomberg
الرئيس الأميركي جو بايدن في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، 25 يونيو 2021 - Bloomberg
واشنطن-بلومبرغ

قد يشهد "شهر عسل" الرئيس الأميركي جو بايدن، مع الجناح الأكثر ليبرالية في حزبه الديمقراطي، "نهاية مفاجئة ومدمّرة سياسياً"، مع تزايد قلق لدى "التقدميين" من أن الرئيس لن يحقق تطلّعاتهم، في ملفات الاحتباس الحراري، أو توسيع حقوق التصويت والإنفاق على برامج اجتماعية.

وأفادت وكالة "بلومبرغ" بأن بايدن يحاول التوصّل لاتفاق مع الجمهوريين، بشأن خطة للبنية التحتية قيمتها 579 مليار دولار، فيما أن المشرّعين "التقدميين" وقادة مجموعات مصالح ليبرالية كبرى، يشكون علناً مما يعتبرونه جهوداً غير كافية لمتابعة جدول أعمال أكثر ليبرالية.

اتفاق الحزبين الذي أبرمه بايدن مع أعضاء معتدلين في مجلس الشيوخ، لا يتضمّن أولويات كثيرة بالنسبة إلى "التقدميين"، لا سيّما بشأن الاحتباس الحراري، فيما فشل البيت الأبيض في إقناع الكونغرس بتمرير قانون لحقوق التصويت، يتعارض مع قوانين جديدة في ولايات يسيطر عليها الجمهوريون، تفرض قيوداً في هذا الصدد.

كذلك لم ينضمّ بايدن إلى الليبراليين، في دعوة مجلس الشيوخ إلى جعل سياسة "التعطيل" أكثر صعوبة. كما أن قطار إصلاح قوانين الهجرة الذي اقترحه لم ينطلق، فيما لم يقرّ الكونغرس قيوداً جديدة على سلطات الشرطة، بحلول الذكرى السنوية لوفاة الأميركي من أصل إفريقي جورج فلويد، تحت ركبة شرطي أبيض، وهذا الموعد النهائي الذي حدّده الرئيس.

البحث عن "توازن"

"بلومبرغ" أشارت إلى أن العواقب السياسية قد تكون وخيمة على بايدن وحزبه، مذكّرة بأن للديمقراطيين أغلبية من 9 مقاعد فقط في مجلس النواب، ويسيطرون على مجلس الشيوخ فقط بحكم أرجحية تصويت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، نتيجة تعادل مقاعد الحزبين (50 لكلّ منهما). كما أن فوز الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، المرتقبة العام المقبل، مرهون بحماسة ناخبيهم، بينهم "التقدميون"، بشأن بايدن وسياساته، علماً أن الرؤساء يخسرون تلك الانتخابات عادة.

وقال الناشط "التقدمي" تري إيستون: "لا أعرف كيف سيخرج الناخبون ويصوّتون لك، في عامَي 2022 و2024، إذا لم تفِ بأي شيء وعدت به. ما يفعله الرئيس بايدن والديمقراطيون الآن، هو أمر حاسم".

في المقايل، ذكّر ديريك جونسون، رئيس "الرابطة الوطنية لتقدّم الملوّنين"، المدافعة عن الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، زملاءه الليبراليين بالفارق بين بايدن وسلفه الجمهوري دونالد ترمب، قائلاً: "نحن أفضل بكثير ممّا كنا عليه في هذا الوقت من العام الماضي. لا يزال هناك مزيد من العمل الذي يجب فعله، لكنني لا أريد أن أكون شديد الانتقاد. هناك دائماً توازن. هل يجب فعل المزيد؟ قطعاً".

"تسوية الموازنة"

"التقدميون" بدؤوا بالضغط على البيت الأبيض بقوة أكبر، إذ أطلقت المجموعتان الليبراليتان البارزتان، The Sunrise Movement وEvergreen Collaborative، موقعاً إلكترونياً للفت الانتباه إلى ما يعتبران أنه ضرورة للإنفاق على مكافحة تغيّر المناخ، في تشريع يستعجل الديمقراطيون تمريره، مع مشروع قانون البنية التحتية، الذي يؤيّده الحزبان ويخصّص تريليونات أخرى لأولويات "التقدميين".

وقالت النائبة "التقدمية" ألكسندريا أوكاسيو كورتيز لشبكة "إن بي سي": "مهم جداً أن نمرّر مشروع قانون تسوية، وخطة عائلية توسّع رعاية الأطفال، وتقلّل من تكلفة الرعاية الطبية، وتدعم الأسر اقتصادياً".

وكانت النائبة تشير إلى عملية تُسمّى "تسوية الموازنة"، يعتزم الديمقراطيون استخدامها لإقرار مشروع القانون، من خلال مجلس الشيوخ من دون تعطيل من الجمهوريين.

واعتبرت أن ثمة خطراً، إن لم يحصل ذلك، في تمرير حزمة للبنية التحتية تكون "ضئيلة جداً" ولا تُشعِر المواطنين بـ "تأثير إيجابي في حياتهم اليومية".

"مطالب زئبقية" للجمهوريين

القلق لدى "التقدميين" يشكّل تغييراً جذرياً عن التفاؤل الذي ساد في الأيام المئة الأولى لعهد بايدن، إذ أشادوا بتعيينات من عرقيات مختلفة في الإدارة، وبإلغاء أكثر من 20 أمراً تنفيذياً أصدرها ترمب، وبتمرير حزمة إغاثة من فيروس كورونا المستجد، بقيمة 1.9 تريليون دولار، ناهيك عن افتراض أن الإدارة ستتحرّك بشكل أكثر جرأة، بشأن أولويات "التقدميين".

لكن المفاوضات مع الجمهوريين هذا الشهر، بشأن اتفاق البنية التحتية بموافقة الحزبين، بدأت تفسد العلاقة الناشئة بين البيت الأبيض و"التقدميين"، الذين يرون في تودّد بايدن وفريقه للحزب الجمهوري، مضيعة للوقت وتكراراً لمحاولات سابقة فاشلة، وفق "بلومبرغ".

وكتبت أوكاسيو كورتيز على "تويتر": "مَن كان يمكن أن يتكهّن بأن الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ كانوا يضيّعون شهوراً من وقت ثمين للأغلبية الديمقراطية، في التفاوض بسوء نية، قبل التراجع فجأة عن اتفاق بين الحزبين، مع مطالب زئبقية جديدة، بعد فعل الأمر ذاته بالضبط مع لجنة 6 يناير"، في إشارة إلى التحقيق في اقتحام أنصار لترمب مقرّ الكونغرس، محاولين منع المشرعين من تثبيت انتخاب بايدن رئيساً للولايات المتحدة.

خيانة لناخبي بايدن

الخلاف بين "التقدميين" والبيت الأبيض تطوّر، رغم أن فريق بايدن عمل بجدية للتقرّب من ليبراليّي الحزب الديمقراطي، إذ يجري موظفون في البيت الأبيض مكالمات متكرّرة، مع قادة أكثر من 60 مجموعة "تقدمية"، إضافة إلى اجتماع أسبوعي مع قياديين "تقدميين"، بشأن خطة بايدن للبنية التحتية ودعم الأسرة.

لكن "التقدميين" يعتبرون أن هذا التفاعل لا يكفي لتحقيق نتائج سياسية. وباتت مسألة الاحتباس الحراري تثير توتراً، إذ يتعامل البيت الأبيض بحذر مع هذا الملف، لتجنّب إغضاب السيناتور الديمقراطي جو مانشين، ممثل ولاية فيرجينيا الغربية، الغنية بالفحم.

وتحدث إيستون عن "مد وجزر" بين الجانبين، مضيفاً: "سيرى التقدميون في أيّ خطة للبنية التحتية، لا تعالج بقوة أزمة المناخ، خيانة كبرى لناخبي بايدن".

اقرأ أيضاً: