قمة الناتو.. استراتيجية جديدة للحلف و"رسالة ردع" لروسيا والصين

time reading iconدقائق القراءة - 7
قناص من الشرطة الإسبانية في معرض مدريد قبل قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) - 27 يونيو 2022 - REUTERS
قناص من الشرطة الإسبانية في معرض مدريد قبل قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) - 27 يونيو 2022 - REUTERS
دبي- الشرق

أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، أن قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تبدأ في مدريد الثلاثاء، تستهدف إبراز جبهة متحدة للحلفاء الغربيين، وتوجيه "رسالة ردع" في الدفاع عن القيم الديمقراطية في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويعتزم الناتو أن يصف الصين بأنها "تحدٍ منهجي"، في وثيقة "المفهوم الاستراتيجي" الجديدة، وروسيا بأنها "التهديد الأساسي لأمن الحلف"، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

وقال سانشيز لوكالة "أسوشيتد برس"، عشية بدء القمة، إن الحلف لن يتسامح مع أيّ عدوان ضد أعضائه. وأضاف: "علينا أن نوجّه رسالة ردع، بأننا مستعدون للدفاع عن كل سنتيمتر من أراضي الحلفاء". واعتبر أن الرئيس الروسي فلاديمير "بوتين لا يغزو أوكرانيا فقط. ما يريده هو زعزعة استقرار أوروبا، وإضعاف أمنها وازدهارها".

وشدد على أن الهدف الأساسي لقمة الناتو يتمثل في توجيه "رسالة وحدة تتماشى مع الديمقراطية والأمن والنظام الدولي، على أساس القواعد التي، للأسف، فجّرها بوتين وروسيا إلى قطع صغيرة مع غزو أوكرانيا".

وتتمثل إحدى الملفات الجوهرية، في تعزيز الوجود العسكري للناتو على جناحه الشرقي، فضلاً عن تلبية مطلب إسبانيا بعدم تجاهل التهديدات الناشئة على الحافة الجنوبية للحلف، لا سيّما من مناطق إفريقية غير مستقرة، مثل منطقة الساحل، بحسب "أسوشيتد برس".

وأعلن الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرج، الاثنين، أن الحلف سيزيد حجم قوة الرد السريع إلى 300 ألف جندي، علماً أنها تُعدّ الآن حوالى 40 ألف جندي. وقال إن الحلفاء سيناقشون كيفية الردّ على النفوذ المتزايد لروسيا والصين، في "الجوار الجنوبي" للناتو.

معضلة فنلندا والسويد

قمة مدريد، التي تُفتتح بعشاء رسمي الثلاثاء، تليها مناقشات الأربعاء، أُعلنت قبل سنة مع التركيز على "مفهوم استراتيجي" جديد، يشكّل تجديداً لتعهدات دول الناتو مرة كل عقد، تحدّد التهديدات المحدقة به وردّه عليها.

ولكن بعدما غزت روسيا أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، باتت هناك مسألة أساسية، تتمثل في إنهاء فنلندا والسويد حيادهما وتقدّمهما بطلب لعضوية الناتو، الأمر الذي أغضب موسكو.

ويشكّل هذا الملف اختباراً لوحدة الحلف، إذ أن تركيا، التي تمتلك ثاني أضخم جيش في الناتو بعد الولايات المتحدة، تطلب ضمانات من فنلندا والسويد في ما يتعلّق بجماعات كردية تعتبرها أنقرة "إرهابية". وأعلن زعماء الدول الثلاث أنهم سيعقدون اجتماعاً خاصاً الثلاثاء في مدريد، لمناقشة هذا الأمر.

وقال سانشيز في هذا الصدد: "إن ضمّ فنلندا والسويد (للحلف)، قبل (القمة) أو بعدها، سيكون ممكناً. نودّ أن يحصل ذلك خلال قمة مدريد، لا أنكر ذلك، ولكن واضح أن المحادثات ستستمر، إذا لم يكن الأمر كذلك".

يواجه سانشيز، وهو اشتراكي قاد أول حكومة ائتلافية في إسبانيا، منذ مطلع عام 2020، انتقادات من حزب "بوديموس" اليساري المتطرف، الذي يتولّى 5 من الحقائب الـ22 في مجلس الوزراء، نتيجة دعمه لالتزام الناتو بدعم أوكرانيا عسكرياً.

وأعلن أعضاء في الحزب أنهم لن يدعموا الموازنة الوطنية لإسبانيا العام المقبل، إذا زادت الإنفاق العسكري، فيما يكافح الإسبان تضخماً جامحاً ومصاعب اقتصادية أخرى.

وقال سانشيز إن إسبانيا ملتزمة "في العقد المقبل"، بزيادة موازنتها الدفاعية، من ما يزيد قليلاً عن 1% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى 2% التي التزم بها جميع الحلفاء.

"مفهوم استراتيجي" جديد

وستركّز قمة الناتو على روسيا والصين، في ما يتعلّق بخريطة الطريق الاستراتيجية الجديدة للحلف في السنين العشر المقبلة. وقال سانشيز إن "المفهوم الاستراتيجي"، الذي حُدّث للمرة الأخيرة في لشبونة عام 2010، سيشهد تحوّل روسيا من كونها شريكاً للناتو، إلى "التهديد الأساسي لأمن الحلف الأطلسي".

وأضاف أن الصين "تشكّل تحدياً يتيح أيضاً فرصاً لتعاون" الدول الأعضاء، مشيراً إلى أن إسبانيا لا تدعم تصنيف تأكيد بكين على أنها تهديد، كما قد ترغب بعض دول الحلف.

وفي هذا الصدد، يعتزم الناتو أن يصف الصين بأنها "تحدٍ منهجي"، في وثيقة "المفهوم الاستراتيجي" التي تحدّد أولويات الحلف للعقد المقبل، علماً أن النسخة السابقة لم تذكر الصين، بحسب "بلومبرغ".

وأشارت الوكالة إلى أن أعضاء الحلف لن يذهبوا إلى حدّ وصف الصين بأنها خصم، مرجّحة أن تبرز الوثيقة المخاوف منها، في مجالات مثل الأمن السيبراني والتضليل المعلوماتي، فضلاً عن التحكّم في البنية التحتية الحيوية والامتثال للنظام الدولي القائم على القواعد.

وتناقش دول الناتو منذ شهور، صياغة هذه الوثيقة. وشكّلت اللغة المتعلّقة بالصين عقبة صعبة بشكل خاص، من أجل تحقيق توازن بين المصالح المختلفة للحلفاء، مع اتخاذ واشنطن موقفاً متشدداً من بكين. وسعت دول أوروبية في الناتو، بما في ذلك ألمانيا، التي تربطها علاقات اقتصادية وتجارية وثيقة بالصين، إلى تخفيف حدة الوثيقة، علماً أن المفاوضات بشأنها لا تزال جارية، وقد تشهد تغييرات قبل التوقيع عليها في مدريد.

تحذير صيني من "ناتو" آسيوي

في مارس، حذر وزير الخارجية الصيني وانج يي، الولايات المتحدة من محاولة تشكيل نسخة من الناتو في المحيطين الهندي والهادئ، معتبراً أن ذلك يستهدف "الحفاظ على نظام الهيمنة الذي تقوده الولايات المتحدة".

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن أعضاء الحلف قد يبقون منفتحين على التعامل مع الصين. ونقلت عن مسؤول قوله إن الحلفاء يرون نمطاً متزايداً بين موسكو وبكين، والحاجة إلى البدء في معالجته، بعد إعلانهما "شراكة بلا حدود" واتجاه مسؤولين صينيين إلى نشر معلومات روسية مضلّلة بشأن غزو أوكرانيا.

وقال ستولتنبرج الاثنين إن "الحوار الهادف الذي عملنا من أجله لسنوات... لم ينجح بسبب سلوك روسيا، (إذ) اختارت المواجهة على الحوار"، وتابع: "نأسف لذلك، ولكن بالطبع علينا الاستجابة لهذا الواقع".

بات قادة أوروبيون يدعون إلى إنهاء تفاوضي للحرب في أوكرانيا، ولو انطوى ذلك على خسارتها أراضٍ، نتيجة الاضطرابات في إمدادات الطاقة والغذاء، واحتمال حصول ركود خطر. لكن سانشيز نأى عن تلك الدعوات، قائلاً: "هذا قرار يجب أن تتخذه أوكرانيا، وليس نحن".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات