دوري السوبر الأوروبي.. تفاصيل معركة تكسير العظام

هز مشروع دوري السوبر الأوروبي عالم كرة القدم بأسره. وفتح الباب أمام سجال قوي بين مؤيديه ومعارضيه، وسط موجة رفض شعبية للمشروع الذي يعد بمنزلة ثورة في تاريخ اللعبة الأكبر شعبية في العالم. 

وتبنى المشروع 12 نادياً من أندية الصفوة الأوروبية التي قررت عدم المشاركة في دوري أبطال أوروبا اعتراضاً على سياسات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في إدارة المسابقة. وحصلت هذه الأندية على الدعم المادي اللازم لمشروعها الجديد من بنك "جي بي مورغان" الأميركي.

بيان استباقي

تعمد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم نشر بيان استباقي يوم الـ18 من أبريل محذراً الأندية الراغبة في إطلاق دوري السوبر الأوروبي من الإقدام على "هذا المشروع المعيب" على حد وصف البيان، مؤكداً أنه يحظى بدعم الفيفا والاتحادات الوطنية.

إعلان مزلزل 

وبعد ساعات قليلة من تحذيرات الاتحاد الأوروبي، أعلنت جمعية الأندية الرياضية عبر موقعها الرسمي ميلاد دوري السوبر الأوروبي، وقالت إنه "ضروري من أجل إبقاء كرة القدم على قيد الحياة" وإن الدوري الجديد "يسعى لإنقاذ اللعبة وليس الاستحواذ عليها".

دوري انفصالي 

بعد بيان جمعية الأندية الأوروبية، سارعت الكثير من الهيئات الكروية إلى رفض المشروع الجديد وعلى رأسها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" الذي وصف مسابقة دوري السوبر الأوروبي الجديد بأنه "دوري انفصالي ومغلق" ليرفض "فيفا" المقترح بشكل واضح ومبكر.

ومع بداية حرب البيانات في اليوم الأول، دخل بعض الساسة على الخط حيث أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رفضه لفكرة دوري السوبر مؤكداً أنها تهدد الجدارة الرياضية. في حين قال بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا إن المقترح الجديد سيلحق ضرراً كبيراً بكرة القدم.

تهديدات الاتحاد الأوروبي

توالت ردود الفعل في اليوم التالي، الـ19من  أبريل. وكان أبرزها التهديد الذي أطلقه أليكساندر تشيفرين رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

وقال تشيفرين إن هناك اتجاهاً لإيقاف الأندية واللاعبين المرتبطين بدوري السوبر الأوروبي الجديد، ومنعهم من المشاركة في جميع بطولات الاتحاد وكأس العالم "بأسرع ما يمكن".

توضيحات بيريز

 أمام هذه التهديدات، خرج رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز الذي يرأس أيضاً دوري السوبر الأوروبي ليكشف عبر برنامج "التشيرنغيتو" الشهير جدوى المشروع الجديد، ولماذا يجب على الجميع الالتفاف حوله.

وقال بيريز: "كرة القدم تمر بحالة صعبة للغاية. دوري السوبر سينقذ الأندية مالياً" وأضاف: "كل ما أفعله من أجل كرة القدم، هذا الدوري ليس مغلقاً، إنه مفتوح وبإمكان أي فريق جيد الوصول إليه، بغض النظر عن الاسم".

وحول منع الأندية الـ12 التي أطلقت مشروع دوري السوبر من التواجد في المسابقات المحلية وحرمان لاعبيها من المشاركة مع منتخبات بلادهم، أكد بيريز أن ذلك لن يحدث، وقال: "لن يتم منع لاعبينا من المشاركة في كأس العالم. يمكنني أن أضمن ذلك بنسبة 100%" وبخصوص طرد الأندية من المسابقات المحلية والقارية قال بيريز :"لا يمكنهم طردنا هذا الموسم من دوري الأبطال، ولا يستطيعون كذلك في المسابقات المحلية، هذا أمر مستحيل".

مزيد من التهديدات

ورداً على تصريحات بيريز، قال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو: "نرفض بشدة أن يذهب البعض في طريقهم الخاص، يجب عليهم أن يتعايشوا مع عواقب اختيارهم سواء كنت في الداخل أو في الخارج، لا يمكن أن يكون نصفك في الداخل ونصفك الآخر في الخارج".

وضم "فيفا" صوته إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" الذي هدد هذه الأندية باستبعادها من البطولات المحلية والقارية.

وفي تصعيد شديد اللهجة، طلب الاتحاد الألماني لكرة القدم استبعاد الأندية المؤسسة لمسابقة دوري السوبر الأوروبي من كل المسابقات حتى إعادة النظر في الأمر.

وقال فريتز كيلر رئيس الاتحاد الألماني عبر الحساب الرسمي للاتحاد على تويتر، الثلاثاء: "يجب منع الأندية وفرق الشباب الخاصة بها من كل المسابقات حتى يفكروا أولاً في مشجعيهم الذين جعلوهم من أندية الصفوة في العالم، وليس فقط في أكياس ومحافظ النقود".

تدخلات سياسية

ولم يستبعد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أي إجراء لإيقاف دوري السوبر الأوروبي لكرة القدم، وقال إن الحكومة تناقش كل الخيارات الممكنة ومنها سن قوانين جديدة.

وكرر جونسون بعد اجتماعه مع ممثلي الاتحاد الإنجليزي ورابطة الدوري الممتاز وروابط المشجعين دعمه الكامل لسلطات كرة القدم مبدياً استعداد الحكومة البريطانية لاتخاذ أي إجراء.

سان جيرمان وبايرن ميونيخ

ولم ينضم فريقا باريس سان جيرمان الفرنسي وبايرن ميونيخ الألماني، طرفا نهائي النسخة الأخيرة من دوري أبطال أوروبا إلى قائمة الـ12 المؤسسين لدوري السوبر الأوروبي.

وبعد أقل من 48 ساعة من إعلان المشروع جاء موقفهما الرافض تماماً له. قال نادي باريس سان جيرمان على لسان رئيسه ناصر الخليفي إن أي اقتراحات دون دعم اليويفا لن تساعد كرة القدم، فيما رفض بايرن ميونيخ دوري السوبر واصفاً دوري الأبطال بأنه أفضل بطولة في العالم.

تحييد أندية السوبر

وفي تحرك سريع، عقدت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم اجتماعاً الثلاثاء لمناقشة تداعيات إعلان دوري السوبر الأوروبي حيث تم رفض الفكرة بالإجماع.

وحضر الاجتماع ممثلو 14 نادياً وغاب ممثلو الأندية الستة التي أعلنت انضمامها لدوري السوبر الأوروبي وهي ليفربول ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وتوتنهام وأرسنال تشيلسي. الأمر الذي اعتبره المتابعون بداية لتحييد أندية "السوبر الأوروبي" وخلق تكتل قوي مناهض لها.

اعتراضات داخلية 

وعبر الكثير من المديرين الفنيين عن رفضهم لهذه الفكرة. ومن بينهم بعض مدربي الأندية الـ12 التي وافقت بالفعل على المشاركة في السوبر الأوروبي.

وقال الألماني يورغن كلوب المدير الفني لليفربول إنه يتمنى ألا تقام هذه المسابقة على الإطلاق، فيما ذهب بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي بعيداً حينما قال :"إنها مشكلة عالمية وتحتاج إلى توضيح، كيف تشارك هذه الفرق، وتترك فريقاً مثل أياكس الذي لديه أربعة أو خمسة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، عليهم توضيح ذلك".

وفي المقابل، رفض الفرنسي زين الدين زيدان مدرب ريال مدريد التعليق مؤكداً أن الأمر يخص رئيس النادي.

القضاء

في سياق متصل، طالبت محكمة إسبانية الثلاثاء في حكم أولي الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" والاتحاد الأوروبي "يويفا" بعدم عرقلة جهود الـ12 نادياً الساعين لتأسيس دوري السوبر الأوروبي بحسب رويترز.

وقالت المحكمة في حكمها إن الفيفا واليويفا وجميع الاتحادات الوطنية المنضوية تحت لوائهما يجب ألا تتبنى "أي إجراء يحظر أو يقيد أو يحد أو يضع شروطاً بأي شكل من الأشكال" لتأسيس دوري السوبر.

المعركة مستمرة

ردود الأفعال القوية والمتتالية التي أعقبت إعلان المشروع وتطورت إلى حد كبير خلال 48 ساعة فقط، تشير إلى أن الصراع بين الطرفين؛ كبار الأندية الأوروبية والاتحاد الأوروبي لكرة القدم وصل إلى مرحلة لا تقبل المسكنات أو الحلول الوسط. 

وتبدو كل التحركات التي قامت بها الاتحادات المحلية وبعض الساسة وردود الفعل من الجهة المقابلة، مجرد حلقة أولى في المعركة التي قد تستمر وتشهد العديد من التطورات حتى نهاية الموسم الجاري.