واشنطن تطالب الصين بالسماح بالتظاهر.. وبكين تتعهد قمع "القوى المعادية"

time reading iconدقائق القراءة - 7
محتجون على سياسة "صفر كوفيد" في الصين يلقون زجاجات على شرطة مكافحة الشغب في مدينة جوانجتشو، 30 نوفمبر 2022 - via REUTERS
محتجون على سياسة "صفر كوفيد" في الصين يلقون زجاجات على شرطة مكافحة الشغب في مدينة جوانجتشو، 30 نوفمبر 2022 - via REUTERS
دبي/شنغهاي-الشرقأ ف ب

قال السفير الأميركي في الصين نيكولاس بيرنز الثلاثاء، إن بكين "يجب ألا تتدخل" في التظاهرات غير العادية التي اندلعت احتجاجاً على قيود كورونا، فيما عدته وكالة "بلومبرغ" أكثر التعليقات التي تصدر عن مسؤول أميركي رفيع بشأن التظاهرات، تفصيلاً، في وقت تعهدت السلطات الصينية بـ"قمع القوى المعادية".

وقال بيرنز لـ"مجلس شيكاغو للشؤون الدولية": "نحن نعتقد أن الشعب الصيني لديه الحق في التظاهر السلمي، وهم لديهم الحق في إعلان وجهة نظرهم".

وأضاف: "هذا حق أساسي حول العالم – (أو) يجب أن يكون كذلك – ويجب ألا يعوق شيء هذا الحق، ولا يجب التدخل فيه".

ولفت بيرنز إلى أنه من الصعب التنبؤ بما إذا كانت تلك التظاهرات سيكون لها أثر طويل المدى، مشيراً إلى أنها تأتي في وقت صعب تتزايد فيه الإصابات في المدن الكبرى وعبر البلد.

تجنب انتقاد شي

وتابع أن رد الشرطة في بعض الحالات على تلك التظاهرات كان "ثقيل اليد"، ولكن بيرنز امتنع عن انتقاد تعامل الرئيس الصيني شي جين بينج مع القضية.

وتابع: "علينا انتظار ورؤية كيف ستتطور الأمور. من الواضح أنه حدث مهم للشعب الصيني. ونحن نراقبه، بالطبع مع الكثير من العناية وعظيم الانتباه".

واعتبرت "بلومبرغ" أن تصريحات بيرنز، "الخافتة نسبياً"، تبرز التوازن الذي يحاول المسؤولون في الولايات المتحدة الحفاظ عليه في ما يتعلق بالتظاهرات، التي شهدت كذلك المطالبة بحريات سياسية أكبر، وذهبت في بعض الحالات حتى إلى المطالبة بتنحي شي عن الحكم.

ويخشى المسؤولون الأميركيون أن الصين قد تستغل أي تعبير عن الدعم للتظاهرات، كدليل على أن الولايات المتحدة تقوم بشكل ما بالتحريض عليها.

"قمع القوى المعادية"

وفي هذا السياق، تعهدت أعلى هيئة معنية بالشرطة والأمن العام في الصين الثلاثاء، بقمع "القوى المعادية" و"تخريبهم" دون تحديد تلك القوى أو المقصود بالتخريب، متعهدة بأنها لن تتسامح مع أي "عمل إجرامي أو غير قانوني يخل بالنظام الاجتماعي".

وهزت تظاهرات عدة مدن صينية نهاية الأسبوع الماضي، مع خروج المحتجين لانتقاد الرئيس شي وسياسة "صفر كوفيد" والتي تشمل إغلاقات وحجر صحي إلزامي.

وأتت التظاهرات التي عدتها "بلومبرغ"، "إظهاراً خطيراً لتحدي السلطات الصينية"، بعد حريق مميت في مدينة أورومتشي غربي الصين، والتي يلقي المتظاهرون باللوم على سياسة احتواء كورونا، في تعظيم عدد الوفيات.

وقالت"بلومبرغ" إن التظاهرات أزعجت السلطات، ودفعتها لنشر الشرطة بشكل كثيف الاثنين لـ"قمع الاضطرابات".

ووقعت التظاهرات بعد أقل من أسبوعين على تهدئة الرئيس الأميركي جو بايدن للتوتر بين بكين وواشنطن في اللقاء الذي جمعه مع الرئيس الصيني على هامش قمة "مجموعة العشرين" في بالي بإندونيسيا، وفقاً لـ"بلومبرغ".

وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، قالت الثلاثاء أيضاً، إنه يجب السماح بمواصلة التظاهر السلمي في الصين.

وأضافت:" كنا واضحين تماماً في أن الناس لديهم الحق في التظاهر السلمي من دون خوف، ونحن لا نعتقد أن هذا الحق يجب إعاقته أو التدخل فيه".

إحباط من "صفر كوفيد"

والثلاثاء، بدا أن الانتشار الكثيف للشرطة خفّ في شوارع شنغهاي التي تغمرها الأمطار، كذلك خفّت الجهود الواسعة التي بذلتها الشرطة لمنع المارة من التقاط صور لموقع الاحتجاج على ما يبدو، فيما قال شرطي لوكالة "فرانس برس" إن ذلك "يتوقّف على طبيعة الصورة" لكن ليس هناك حظر شامل في المكان.

لكن الإحباط بسبب استراتيجية "صفر كوفيد" بقي واضحاً. وقال أحد المارة عرّف عن نفسه فقط براي (17 عاماً) لوكالة "فرانس برس" إن "سياسة (صفر كوفيد) الآن صارمة جداً. إنها تقتل أشخاصاً أكثر ممن يقتلهم كوفيد".

وفي بكين، شاهد مراسلو وكالة "فرانس برس" عدداً قليلاً من سيارات الشرطة، فيما لم تكن هناك أي إشارة على وجود متظاهرين عند تقاطع قرب قرية الألعاب الآسيوية، حيث جرى التخطيط لتظاهرة مساء الثلاثاء.

ومن المحتمل أيضاً أن تكون الحرارة المتدنية جداً التي بلغت تسع درجات تحت الصفر، قد أدت إلى عدم مجيء متظاهرين.

وقال أشخاص شاركوا في الاحتجاجات نهاية الأسبوع الماضي لوكالة "فرانس برس"، إنهم تلقوا اتصالات من قوات إنفاذ القانون تطالب بمعلومات عن تحركاتهم. لكن بعض التجمعات نظمت في مكان آخر مساء الثلاثاء.

"أعطونا الحرية أو الموت"

وفي أقدم جامعة في هونج كونج، قاد أكثر من عشرة أشخاص الحشود مردّدين هتافات مثل "أعطونا الحرية أو أعطونا الموت" بعد أيام قليلة من تظاهرة تضامنية مماثلة، دفعت مسؤولي المدرسة إلى الاتصال بالشرطة.

وقالت امرأة: "لسنا قوى أجنبية، إننا مواطنون صينيون. يجب أن يكون للصين أصوات مختلفة"، فيما رفعت أخرى لافتة حداد على ضحايا حريق أورومتشي.

وأعرب طالب صيني لوكالة "فرانس برس" عن قلقه من التعرض للتوقيف في ظل المناخ السياسي المتشدد بشكل متزايد في هونج كونج، لكنه قال إنه شعر بالحاجة إلى "الحفاظ على روح المقاومة".

وفي مدينة شنجن المجاورة في جنوب الصين، قال شاهد لوكالة "فرانس برس" إنه رأى وجوداً مكثفاً للشرطة في هواشيانجبي، وهي منطقة تسوق مزدحمة في وسط المدينة، بعد انتشار شائعات عن احتجاجات على الشبكات الاجتماعية.

وأضاف أن نحو 150 شرطياً شوهدوا على مسافة 500 متر من طريق هواشيانج، بالإضافة إلى عشرات من سيارات الشرطة السوداء.

أكبر تعبئة منذ 1898

تُعقّد هيمنة السلطات الصينية على المعلومات والقيود الصحية الصارمة على السفر داخل البلاد، عملية التحقق من العدد الإجمالي للمتظاهرين خلال عطلة نهاية الأسبوع.

لكن يشكّل هذا الحراك، لجهة انتشاره الجغرافي، أكبر تعبئة منذ التظاهرات المنادية بالديمقراطية في العام 1989، إذ لطالما قمعت السلطات كلّ معارضة لسياسات الحكومة المركزية.

ولا تزال الصين ملتزمة بتطبيق سياسة "صفر كوفيد" التي تجبر الحكومات المحلية على فرض إغلاقات عامة مفاجئة وإصدار أوامر بالحجر الصحي والحدّ من حرية التنقل، من أجل كبح تفشي كورونا.

لكن هناك مؤشرات إلى أن بعض السلطات المحلية تتخذ خطوات لتخفيف بعض القيود وتهدئة الاضطرابات.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات