
أكد نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي، الأحد، في ختام اجتماعات عقدها في واشنطن مع مسؤولي "صندوق النقد الدولي" ومسؤولين أميركيين، أنه لمس اهتماماً جدياً بمساعدة لبنان، مشيراً إلى أن أي مساعدة ستكون مشروطة بتطبيق إصلاحات.
وأوضح أن أي مساعدة ستكون مشروطة بالشروع في تطبيق الإجراءات المسبقة المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، وموافقة مجلس النواب على بعض القوانين؛ وأهمها قانون موازنة 2022 وقانون "الكابيتال كونترول"، والتعديلات المطلوبة على قانون السرية المصرفية، وأيضاً قانون إعادة هيكلة المصارف، والذي تسعى الحكومة إلى إحالته إلى مجلس النواب قبل الانتخابات المقبلة.
وقال الشامي، إن عدم تطبيق هذه الإصلاحات ستكون له تداعيات سلبية على الوضع الراهن، فيما يخفف البدء بتنفيذ هذه الإصلاحات التداعيات السلبية للوضعين الاقتصادي والمالي على الناس، ويعطي أملاً بالنهوض والتعافي، ويخفف من حدة الأزمة العميقة ويفتح الأبواب لمستقبل أفضل.
وكان المكتب الإعلامي لنائب رئيس الوزراء قد أوضح في بيان، أن الشامي شارك في اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي في واشنطن، وعقد اجتماعات مكثفة مع مختلف أقسام صندوق النقد الدولي المعنيين مباشرة بالاتفاق، الذي تم على صعيد الموظفين بين لبنان والصندوق، لاستكمال البحث في كافة الأمور المتعلقة بهذا البرنامج، بما في ذلك المساعدة الفنية المطلوبة للبنان للقيام بالالتزامات والإجراءات المسبقة التي تم الاتفاق عليها بين الطرفين.
وخلال الاجتماعات أبدى المعنيون تجاوباً كبيراً واستعداداً لتقديم كل مساعدة مطلوبة على الصعيد الفني من أجل الوصول إلى اتفاق نهائي بين لبنان وصندوق النقد، وفق البيان.
تنفيذ الإصلاحات
كذلك، عقد نائب رئيس الحكومة اجتماعاً مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجيفا، التي أبدت استعداداً لمساعدة لبنان للخروج من أزمته الحادة.
وشددت مديرة الصندوق على أن تنفيذ الإصلاحات في الوقت المطلوب مسألة ضرورية جداً، كي تتمكن الأسرة الدولية من مساعدة لبنان.
وكتبت جورجيفا عبر "تويتر": "عقدت اجتماعاً جيداً مع نائب رئيس الحكومة اللبنانية السيد سعادة الشامي ناقشنا خلاله البرنامج الاقتصادي الذي من شأنه مساعدة لبنان في الخروج من أزمته الحادة. إن تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها في الوقت المناسب أمر حيوي للحصول على التمويل من المجتمع الدولي والذي تشتد الحاجة إليه".
وعقد نائب رئيس الحكومة اجتماعات مع كل من المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي محمود محيي الدين، والمدير التنفيذي في البنك الدولي ميرزا حسن، ونائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط فريد بلحاج.
وتركزت المحادثات على موضوع القرض المخصص لاستجرار الغاز من مصر، وعلى برنامج البنك الدولي المعني بدعم الموازنة العامة الذي يترافق مبدئياً مع الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي.
كما اجتمع نائب رئيس الحكومة مع المسؤولين في الخزانة الاميركية ووزارة الخارجية الأميركية، لشرح أهداف الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وطلب المساعدة بالنسبة لاستجرار الغاز من مصر، وضرورة إعطاء الضمانة المطلوبة والمساعدة من المجتمع الدولي لسد فجوة التمويل.
وفي السياق نفسه، عقد الشامي اجتماعاً مع مفوض الاتحاد الأوروبي المختص بمنطقة الشرق الأوسط، لاستكشاف إمكانية المساعدة المالية وكذلك مع مدير الخزانة الفرنسية إيمانويل مولان، الذي أبدى استعداداً جدياً لمساعدة لبنان في حشد التمويل اللازم لسد الفجوة المالية للسنوات الأربع المقبلة.
مواجهة مع المصارف
وفي أبريل الماضي، قال وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام في مقابلة مع وكالة "رويترز"، إن جهود لبنان لتأمين دعم من صندوق النقد الدولي، قد تنحرف عن مسارها بسبب الانقسامات بشأن كيفية التعامل مع الخسائر الهائلة للقطاع المالي.
وكانت "جمعية مصارف لبنان" قالت في وقت سابق، إنها ترفض أحدث مسودة لخطة التعافي المالي الحكومية، التي تتوقع إنقاذ بعض الودائع وتقليص ودائع أخرى، وتطلب من مساهمي البنوك ضخ رؤوس أموال جديدة.
وقال سلام في مقابلة مع "رويترز": "لن نتمكن من تأمين صفقة كاملة مع صندوق النقد الدولي من دون إعادة هيكلة البنوك. إنها جزء رئيسي من الإجراءات المسبقة" التي يريد "صندوق النقد" من لبنان أن يتخذها قبل الموافقة على اتفاق دعم كامل.
وأضاف سلام، وهو أيضاً عضو في فريق التفاوض اللبناني مع صندوق النقد الدولي: "أنت بحاجة إلى أن تتخذ الحكومة والبنك المركزي والقطاع المصرفي موقفاً موحداً. لا يمكنك فعل ذلك إذا لم يكونوا جميعاً على الموقف ذاته".
أزمة خانقة
وتوصل لبنان في 7 أبريل، إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، سيتم تنفيذه على مدار 4 سنوات، للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار.
ويعاني لبنان من أزمة مالية خانقة، آخذة في التزايد، وصفها البنك الدولي بأنها "من أشد حالات الكساد في التاريخ الحديث".
وفقدت العملة اللبنانية 90% من قيمتها، وانزلق ثلاثة أرباع السكان إلى براثن الفقر، وأصبحت الحياة اليومية معاناة متصلة بسبب نقص السلع الأساسية مثل الوقود والأدوية.
كما تخلف لبنان عن سداد 30 مليار دولار من سندات اليوروبوند منذ أكثر من عام، لإنقاذ ما تبقى من احتياطياته المتضائلة من العملة الصعبة، بعد أن جفت التحويلات الخارجية.
وأدى انهيار قيمة الليرة إلى تدمير مدخرات ملايين اللبنانيين، فيما تسبب نقص الوقود في زيادة حالة البؤس.
ويقدر صندوق النقد الدولي "الخسائر الكامنة" للبنك المركزي، وكذلك تلك التي تكبدها المقرضون، بنحو 241 تريليون ليرة، أو 69 مليار دولار ، على أساس سعر الصرف الرسمي البالغ 3500 ليرة لكل دولار، وهو أقل بكثير من سعر السوق السوداء الذي يقترب اليوم من عتبة الـ30 ألف ليرة.