"ديفنس وان": الجماعات المسلحة في العراق خطر يهدد سيادة الدولة ووحدتها

time reading iconدقائق القراءة - 7
عناصر من قوات الحشد الشعبي شبه العسكرية يشاركون في عرض عسكري بمدينة البصرة جنوب العراق- 14 يونيو 2020 - AFP
عناصر من قوات الحشد الشعبي شبه العسكرية يشاركون في عرض عسكري بمدينة البصرة جنوب العراق- 14 يونيو 2020 - AFP
دبي-الشرق

يحذر مسؤولون عسكريون رفيعو المستوى من أن الجماعات المسلحة تهدد بدفع العراق إلى أتون حرب أهلية. ويقول الفريق بول كالفيرت، قائد البعثة التي تقودها الولايات المتحدة في العراق وسوريا: "أعتقد أن العراق يواجه الآن تهديدين رئيسيين، أحدهما هو قوات الحشد الشعبي (الإطار الذي تنضوي تحته الجماعات المسلحة)، والثاني هو الاقتصاد".  

وأضاف كالفريت: "في تصوري أنه في حال عدم التدخل لتخليص العراق من هذين التهديدين، فسيقضيان على جميع المكاسب التي تحققت".  

وبحسب موقع "دفينس وان"، تسببت الشبكات المسلحة دائمة التغيّر في حالة من الإحباط لصناع السياسات في الولايات المتحدة والعراق على مدى إدارات متعددة. وأشار إلى أنه رغم ذلك، يتم التهوين من قدر المشكلة في واشنطن، بوضعها في إطار حالة من "العدوان الإيراني"، لأن بعض الجماعات المسلحة تحظى بدعم وأحياناً بتوجيهات من إيران.   

وأكد مسؤولون عسكريون رفيعو المستوى ومحللون بارزون في المنطقة أن الحقيقة أعقد من ذلك بكثير. وتكمن المشكلة الكبرى في أن حكومة العراق لا تملك سيطرة موسعة على المجموعات المسلحة، كما قال كالفيرت وآخرون.

وبرغم أن بعض الجماعات الكبرى تتشارك في عدد من الأهداف، مثل طرد القوات الأميركية من العراق، إلا أنها منقسمة بشأن مشكلة النفوذ الإيراني في العراق.  

وأضاف كالفيرت خلال مقابلة مع موقع "دفينس وان" في فبراير، بمقر الجيش الأميركي في بغداد: "من الواضح لي وللأشخاص الذين تحدثت إليهم في الحكومة العراقية، أن هناك قدراً كبيراً من القلق فيما يتعلق بإمكانية وقوع حرب أهلية شيعية بين المنحازين لإيران والشيعة الوطنيين". 

وتابع: "لا شك أن إيران تسعى إلى تحويل العراق إلى دولة إيرانية بالوكالة عبر منهج مزدوج،وتحاول الهيمنة من خلال نفوذها على الكتل السياسية المنحازة إليها، ثم من خلال قواتها بالوكالة".   

"شوكة الجماعات " 

وأشار الموقع إلى أن ما يسمى بـ"قوات الحشد الشعبي" نشأت بالأساس رداً على صعود تنظيم "داعش" في 2014، ولعبت دوراً حاسماً في هزيمته، ليتم بعد ذلك استيعاب بعض عناصرها في المنظومة الأمنية العراقية بميزانية سنوية بلغت 2.6 مليار دولار في عام 2020، بينما يعمل آخرون الآن خارج نطاق الحكومة، ولكنهم يحتفظون بعلاقات غير رسمية مع شبكة الحشد الشعبي.

وإضافة إلى ذلك، بحسب "ديفينس وان"، يعمل بعض عناصر الحشد الشعبي في أجهزة الأمن ببعض المناطق المحرومة. ويمارس البعض سلطة سياسية رسمية في العراق.

وفي عام 2018، فاز مرشحون يمثلون جماعات مختلفة بـ 48 مقعداً في البرلمان العراقي، ويعتبر العديد من أعضاء البرلمان مقاتلين سابقين أو حاليين، مثل قيس الخزعلي الذي يقود جماعة "عصائب أهل الحق"، والذي أدرجته الولايات المتحدة على قوائم الإرهابيين في عام 2019.   

وهاجمت بعض الجماعات القوات الأميركية في المنطقة، ووجد الرئيس الأميركي جو بايدن نفسه في مواجهة المشكلة فور توليه السلطة بالولايات المتحدة.

ودفعت سلسلة من الهجمات الصاروخية التي وقعت مؤخراً، بما في ذلك الهجوم على قاعدة جوية في أربيل، والذي أسفر عن مقتل متعاقد أميركي الشهر الماضي، الرئيس الأميركي الجديد إلى إصدار أوامره بإسقاط 7 قنابل تزن 500 باوند على منشآت في سوريا تستخدمها جماعتان مسلحتان لتهريب الأسلحة.   

وقال بايدن إن الضربة تهدف إلى إرسال رسالة إلى إيران مفادها: "لا يمكنكم الإفلات من العقاب. انتبهوا".

نقاش أميركي  

وفي الولايات المتحدة، أعادت الضربة في سوريا إحياء النقاش بشأن السلطات الحربية للرئيس، وسلطت الضوء على تعقيدات التعامل مع جماعة مسلحة لا تخوض الولايات المتحدة حرباً معها.   

وقال السيناتور تيم كي، الديمقراطي من ولاية فرجينيا، للصحافيين في الكابيتول، الثلاثاء، إن "الكونغرس لم يسمح بعد بعمل عسكري ضد الجهات الفاعلة الإيرانية".

وأضاف: "هذه ليست حرباً شاملة، لكن إذا سمحت للرؤساء بأن ينخرطوا في كرّ وفرّ من تلقاء أنفسهم، فأنت فجأة في خضم شيء ما، دون أن تشرك فيه الشعب الأميركي أو تطلب من الكونغرس أن يدلي بدلوه".  

4 تهديدات رئيسية

وبحسب "دفينس وان"، أدى تعقد وتجذر قوات الحشد الشعبي في البيئة السياسية العراقية إلى جعل الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، لكبح جماحها، أشبه بعملية صعود شاقة.   

وأشار إلى أن بعض هذه الجماعات يزداد قوة، كما قال كالفيرت وآخرون، لافتين إلى أن كتائب "حزب الله" العراقي تحديداً ربما "تتحول لتكون أقرب إلى منظمة موجهة إقليمياً ومنحازة إلى إيران، ويمكن أن تصبح وكيلاً إقليمياً"، بدلاً من منظمة تعمل فقط في العراق، كما قال كالفيرت.

وأضاف أنه حتى مع الانسحاب الأخير الذي نفذه الرئيس السابق دونالد ترمب، وتراجع أعداد الجنود في العراق إلى 2500 جندي، إلا أنه يشعر بالراحة لقدرته على حماية الجنود الأميركيين في العراق، "لكن التهديد الذي يواجه شرعية الحكومة العراقية أخطر بكثير".

وتحدث الفريق عبد الأمير الشمري نائب قائد القيادة العراقية، التي تشاركت معها الولايات المتحدة في الحرب ضد داعش، عن "التهديد في 4 مناطق".

وهو  الأمر ذاته الذي أكده اللواء بالجيش البريطاني كيفين كوبسي، نائب قائد الاستراتيجية في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش في العراق.

وتمثل المناطق الثلاث الأولى مخاوف أمنية تقليدية وهي تنظيم "داعش"، والحدود المليئة بالثغرات مع سوريا والتي تسمح بتهريب الأسلحة، والمناورات السياسية المستمرة مع إقليم كردستان شبه المستقل.

وقال كوبسي إن "المنطقة الرابعة هي الجماعات الميليشياوية"، مضيفاً: "إن الرابعة هي الأكثر خطورة على الإطلاق".   

وبحسب "دفينس وان"، لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يندلع فيها القتال في العراق بين الحكومة ومجموعة متنوعة من الميليشيات، والتي كانت أبرزها "الحرب الأهلية" في 2007 – 2008 التي أثارت الحكومة ضد الميليشيات العراقية، وميليشيات الوكالة لإيران، والميليشيات المنحازة لإيران بقيادات عراقية.

وكثير من الجماعات التي كانت تقاتل في ذلك الحين هي ذاتها التي تسبب صداعاً اليوم في رأس صناع القرار الأميركيين والعراقيين، بما فيها كتائب حزب الله وعصائب الحق.

ويحذر موبسي من أنه "إذا لم تتوصل الحكومة إلى استراتيجية مناسبة للتعامل مع هذه الجماعات، فقد ينتهي المطاف في غضون 5 سنوات بتمزق البلاد".