الأمم المتحدة تجمع شطري قبرص في مباحثات غير رسمية بجنيف

time reading iconدقائق القراءة - 5
الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس خلال استقباله رئيسة اليونان كاترينا ساكيللاروبولو في نيقوسيا- 21 سبتمبر 2020 - REUTERS
الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس خلال استقباله رئيسة اليونان كاترينا ساكيللاروبولو في نيقوسيا- 21 سبتمبر 2020 - REUTERS
نيقوسيا-أ ف ب

بعد 4 سنوات من الإخفاق الأخير في التوصل إلى حلّ، يلتقي وفدان يمثلان قبرص وجمهورية شمال قبرص في جنيف، من الثلاثاء إلى الخميس المقبلين، لإجراء "محادثات غير رسمية" برعاية الأمم المتحدة، لكن دون آمال كبيرة بالتوصل إلى اتفاق بشأن إعادة توحيد شطري الجزيرة المتوسطية.

وانقسمت قبرص إلى شطرين عام 1974 عقب غزو الجيش التركي ثلثها الشمالي، رداً على محاولة انقلاب كانت تهدف إلى ضمّ الجزيرة إلى اليونان.

وانضمّت عام 2004 إلى الاتحاد الأوروبي الذي تنحصر مكتسباته بالشطر الجنوبي من الجزيرة وتحكمه سلطة هي الوحيدة المعترف بها في الأمم المتحدة، أما القسم الآخر، فلا تعترف به سوى أنقرة باسم "جمهورية شمال قبرص".

وقبل 3 أيام من محادثات جنيف، تظاهر مئات القبارصة السبت، من جانبي الحدود، في نيقوسيا، آخر عاصمة منقسمة في العالم، مطالبين بالسلام وإعادة التوحيد.

وباءت كافة المحاولات السابقة لإعادة توحيد الجزيرة، بالفشل في ظلّ خصومة إقليمية بين اليونان وتركيا.

وقال وزير الخارجية في جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس: "نحن ذاهبون إلى جنيف عازمون بشدة على استئناف المفاوضات لإعادة توحيد قبرص على شكل فيدرالية ذات مُجتمعين ومنطقتين، تماشياً مع قرارات الأمم المتحدة".

لكن بالنسبة لجمهورية شمال قبرص، يختلف الخطاب تماماً، إذ قال وزير الخارجية تحسين أرطغرل أوغلو إن "الحل هو جزيرة واحدة ودولتان منفصلتان"، معتبراً أنه لا يوجد "أرضية مشتركة" للتفاهم.

وفي بيان، قال رئيس جمهورية شمال قبرص، أرسين تتار: "سنذهب إلى جنيف برؤية جديدة لقبرص تستند إلى حقائق الجزيرة".

وأضاف: "هناك شعبان لهما هويتان قوميتان مختلفتان، ويديران شؤونهما بشكل منفصل"، وحث المجتمع الدولي على الاعتراف بوجود دولتين على الجزيرة.

ويتوجه تتار ووزير خارجيته، الاثنين، إلى أنقرة حيث من المنتظر أن يلتقيا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل التوجه إلى جنيف.

جنود أتراك

ويرى المحلل القبرصي، كمال بيكالي، وهو ناشط في منظمة "لنوحد قبرص الآن" غير الحكومية، أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي سيُشرف على المحادثات، يريد أن "يُظهر أنه استنفد جميع خياراته".

وأشار بيكالي إلى أن غوتيريش "بحاجة إلى الاستماع بشكل رسمي أن المعسكرين لن يتوصلا إلى اتفاق في الإطار المقترح حالياً".

ومنذ العام 1964، تتواجد الأمم المتحدة في قبرص بسبب أعمال العنف بين الجانبين آنذاك، وتولت بعد 10 سنوات مهمة مراقبة المنطقة العازلة بعد التقسيم، وأُجريت تحت رعايتها المفاوضات الأخيرة في سويسرا خلال يوليو 2017، بشأن مبدأ إعادة توحيد الجزيرة على شكل دولة فيدرالية.

وتعثّرت المفاوضات بشكل خاص بسبب مسألتين، الأولى سحب عشرات آلاف الجنود الأتراك من شمال الجزيرة، والثانية إبقاء حق التدخل لتركيا.

ودُعيت تركيا إلى مفاوضات جنيف، الثلاثاء، على غرار اليونان وبريطانيا، وهما الدولتان "الضامنتان" الأخريان للجزيرة منذ استقلالها عام 1960.

وبعد فشل المفاوضات عام 2017، جاءت عوامل عدة لتُضاف إلى النقاط الخلافية التقليدية، وهي الضمانات الأمنية والعدالة السياسية، والتعديلات المتعلقة بالأراضي، وحقوق الملكية للنازحين.

وألمح الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس، إلى أنه قد يتخلى عن فكرة الفيدرالية ويقترح "لا مركزية" بعض السلطات.

ومن الجانب القبرصي الشمالي، خسر الزعيم المؤيد لإعادة التوحيد في انتخابات عام 2020، وخلفه الزعيم القومي المدعوم من تركيا أرسين تتار.

"سفينة صغيرة"

ويعتبر الصحافي يانيس يوانو، مؤسس مركز أبحاث "جيوبوليتيكال سايبرس"، أن "تركيا غيّرت نمط الصراع من خلال تنفيذ عمليات استكشاف للغاز الطبيعي في مناطق بحرية تطالب قبرص واليونان بالسيادة عليها، ثمّ عبر افتتاح شوارع في مدينة فاروشا ذات الرمزية الكبيرة، في الشطر الشمالي، والتي كانت مُنتجعاً سياحياً فخماً قبل أن تتحول إلى مدينة أشباح، منذ أن أغلقها الجيش التركي عام 1974".

ويرى كمال بيكالي، أن قبرص التي تندرج في السياق الجيوسياسي للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، عبارة عن "سفينة صغيرة في لعبة القوى الكبيرة".

وأشار إلى أن أنقرة "قد تستخدم المحادثات كأداة لخدمة عقيدتها المسماة (الوطن الأزرق)، والتي تهدف إلى بسط سيادتها على مساحات متنازع عليها في شرق البحر الأبيض المتوسط.

وفي قبرص حيث لا تزال غالبية نقاط العبور بين الشمال والجنوب مغلقة بسبب تفشي كورونا، لا يبدو التفاؤل سائداً.

وفي الشمال، أضعفت الأزمة الصحية الاقتصاد الذي يعتمد إلى حدّ بعيد على الاستثمارات التركية، ما يجعل المعارضة لـ"الوطن الأم" أكثر صعوبةً، أما في الجنوب، ففضائح الفساد تكثّفت مع تزايد انعدام الثقة في الطبقة السياسية.

وأوضح يانيس يوانو، أن الهدف من محادثات جنيف هو "إحداث اختراق.. قد يتوصل الفريقان إلى اتفاق لمواصلة النقاش"، فإن ذلك قد يسمح بتوفير "إطار جديد" بحسب بيكالي.