على بعد 3 كيلومترات جنوبي شرق مدينة صيدا الساحلية في لبنان، تأسس مخيم عين الحلوة للاجئين عام 1948 على يد اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بهدف إيواء اللاجئين من مدن شمالي فلسطين، وشهد المخيم خلال 7 عقود العديد من الأحداث الدامية، آخرها مواجهات محلية، السبت والأحد، أودت بحياة العديد من الأشخاص.
وفي وقت سابق، الأحد، قالت مصادر أمنية إن ما لا يقل عن 6 أشخاص بينهم مسؤول الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا، أبو أشرف العرموشي، لقوا حتفهم في اشتباكات مستمرة منذ السبت، داخل المخيم حيث تقاتل حركة "فتح" جماعات منافسة تدعم متشددين دينيين.
وقال مصدر أمني، إن اشتباكات متقطعة في المخيم ازدادت حدة في وقت لاحق، الأحد.
وبدأت الاشتباكات، السبت، بمحاولة اغتيال فاشلة لقائد مجموعة متعاطفة مع متشددين أودت بحياة شخص، وأعقب ذلك إطلاق نار وهجمات شنها مسلحون على مقر حركة فتح.
تأسيس المخيم
يُعد مخيم "عين الحلوة" أكبر مخيمات اللاجئين في لبنان من حيث عدد السكان، إذ يقطن فيه حولي 50 ألف شخص، بحسب التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان عام 2017، بينما لا تتعدى مساحته كيلو متر مربع، ومعظم العائلات التي تعيش في المخيم نزحت بعد نكبة 1948 من قرى الجليل الفلسطينية وهي صفورية، وحطين، والرأس الأحمر، والصفصاف، والزيب، ولوبيا، والمنشية، والسمارية، وعمقا، وطيطبا، والشيخ داوود، والطيرة، والسموع، وسعسع.
وبحسب موسوعة المخيمات الفلسطينية، كانت الأرض التي أقيم عليها المخيم معسكراً للجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية.
وبدأت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، عملياتها في المخيم عام 1952، وعملت بشكل تدريجي على استبدال الخيام بمساكن إسمنتية.
وتسببت الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) في تشريد العديد من اللاجئين في المخيمات الأخرى، ولا سيما تلك التي تقع بالقرب من طرابلس، فانتقلوا إلى مخيم عين الحلوة، ليصبح بذلك المخيم الأكبر في لبنان.
وتعرض المخيم بشكل خاص لأعمال عنف بين عامي 1982 و1991، الأمر الذي نتج عنه وقوع عدد كبير من الإصابات وتدمير المخيم بالكامل تقريباً.
معاناة وتحديات
يعمل سكان مخيم عين الحلوة بشكل رئيسي في مواقع الإنشاءات وبساتين الفاكهة وورش عمل التطريز، أو كعمال نظافة، وهناك معدل تسرب مرتفع من التعليم، إذ يتم إجبار الطلاب في الغالب على ترك الدراسة من أجل إعالة أسرهم.
وتُعاني المساكن في المخيم من صغر مساحاتها وقربها الشديد من بعضها البعض، وبعضها لا يزال يحتفظ بالسقف المعدني.
وأنشأت "الأونروا" مجمعاً سكنياً متعدد الطوابق بين عامي 1993-1994 من أجل إيواء بعض العائلات المُهجرة، وبشكل رئيسي من مخيم النبطية الذي دمرته إسرائيل عام 1973.
وبحسب بيانات "أونروا"، هناك أكثر من 47 ألفاً و500 لاجئ مسجل في المخيم تتوفر لهم 8 مدارس، بما فيها ثانوية واحدة، إضافة إلى مركزين صحيين.
وتتمثل المشكلات الرئيسية التي يواجهها المخيم في ارتفاع معدلات التسرب من المدارس، والمساكن الصغيرة، وظروف الإسكان السيئة.
ولا يزال العديد من اللاجئين يعيشون على حافة المخيم في ظروف تتسم بالفقر الشديد.
نزاعات مسلحة
شهد مخيم عين الحلوة أحداثاً دامية كثيرة، أبرزها الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، والمعارك بين فصائل فلسطينية وأحزاب لبنانية، ثم وقعت صراعات مسلحة بين حركة "فتح" والمجلس الثوري (أبو نضال).
وفي أعقاب اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية في 1989 تمّ تسليم الأسلحة الثقيلة من داخل المخيم إلى الجيش اللبناني، وهدأت الأحوال وعاش المخيم مثل باقي المناطق اللبنانية فترة من الهدوء حتى عام 1997، حين عادت الاشتباكات والتفجيرات، وضرب الجيش اللبناني طوقاً على المخيم، وظلت الأمور متوترة حتى الآن.
وفي فبراير 2017، اندلعت اشتباكات في المخيم أودت بحياة شخصين وجرح ما يزيد عن 10 وتخريب في الممتلكات.
وكثرت في السنوات الأخيرة حوادث الاقتتال داخل المخيم، حتى شكلت ذعراً ومصدر قلق لسكان المخيم وخشية على مستقبله، فتشكلت قوة أمنية مشتركة لإدارة المخيم، وأبرمت اتفاقات عديدة، لكن تم خرقها أكثر من مرة.
اقرأ أيضاً: