منتدى سانت بطرسبرغ يمتحن مقاومة روسيا للعقوبات الغربية

time reading iconدقائق القراءة - 10
جانب من منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي في روسيا- 15 يونيو 2022. - AFP
جانب من منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي في روسيا- 15 يونيو 2022. - AFP
دبي-الشرق

يستمر منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الذي تقيمه روسيا سنوياً، في استقبال ضيوفه، وسط غيابات كبيرة وإجراءات استثنائية، على خلفية العقوبات الغربية ضد موسكو.

المنتدى الاقتصادي الدولي، الذي انطلق الأربعاء ويلقب بـ"منتدى دافوس الروسي"، يعد أكبر حدث من نوعه تستضيفه روسيا منذ بدء غزوها لأوكرانيا في فبراير الماضي.

وكانت الدول الغربية ردت على غزو أوكرانيا بفرض عقوبات غير مسبوقة ضد موسكو في محاولة لعزل اقتصادها، فيما تبحث روسيا عن منافذ جديدة، وتحاول استغلال منتدى سانت بطرسبرغ من أجل إبرام صفقات مع شركاء مثل الصين والهند.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدث عن الصفقات المحتملة في المنتدى الأسبوع الماضي، حين شدد على أن الاقتصاد الروسي لن ينعزل عن العالم على الرغم من العقوبات التي فرضها الغرب على بلاده لأن موسكو لن تحيط نفسها "بستار حديدي" مثلما فعل الاتحاد السوفيتي.

وقال بوتين إنه "لم يكن لدينا اقتصاد مغلق، أو بالأحرى حدث ذلك في الحقبة السوفيتية عندما عزلنا أنفسنا، وأوجدنا ما يسمى بالستار الحديدي، كان من صنع أيدينا. لن نرتكب الخطأ نفسه مرة أخرى، اقتصادنا سيبقى مفتوحاً"، بحسب "رويترز".

وتسعى روسيا من خلال المنتدى لإبراز انفتاحها على اجتذاب الاستثمارات التي تحتاجها بشدة بسبب العقوبات الغربية التي تكبح النمو الاقتصادي.

الغرب يقاطع

بحسب الكرملين، من المقرر أن يستضيف منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي مشاركين من 90 دولة، ما يمثل انخفاضاً كبيراً مقارنة بالعام الماضي، حين بلغ عدد البلدان المشاركة  140، بالرغم من أن النسخة الماضية انعقدت حضورياً في ظل تفشي فيروس كورونا.

وقال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي، إن وفوداً عالية المستوى من نحو 40 دولة يرتقب أن تشارك في الملتقى، إلى جانب  ممثلي نحو 2700 شركة من 90 دولة.

وأفادت "رويترز" بأن الملتقى لن يشهد مشاركة أي مسؤولين أو شركات بارزة من الدول الغربية، فيما رد أوشاكوف على ذلك بالقول إن المستثمرين الأجانب الكبار في العالم "ليسوا كلهم من الولايات المتحدة أو دول الاتحاد الأوروبي". وأشار إلى مشاركة مستثمرين من آسيا والشرق الأوسط، دون أن يكشف عن أسمائهم.

ولم ينشر منظمو المنتدى قائمة المشاركين في المنتدى، فيما قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن روسيا تنشر فقط أسماء الضيوف الذين وافقوا على إعلان أسمائهم، بحسب "وول ستريت جورنال".

وكانت الولايات المتحدة الأميركية أعلنت عن قرارها مقاطعة منتدى سانت بطرسبرغ، ودعت  الحكومات والشركات إلى عدم المشاركة في الملتقى رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس السبت، إن حكومة الولايات المتحدة لن تحضر منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، "على أي مستوى".

وأضاف برايس عبر حسابه على تويتر: "نحث الحكومات والشركات لتنضم إلى المقاطعة وترسل رسالة واضحة أنه لا يوجد (وضع عادي) بينما تجتاح القوات الروسية أوكرانيا".

في المقابل، أكد برنامج المنتدى مشاركة  الرئيس غرفة التجارة الأميركية بروسيا، الذي من المقرر أن يتحدث في جلستين عامتين، بالإضافة إلى شخصيات بارزة في من غرفة التجارة الفرنسية الروسية والإيطالية الروسية وغرفة التجارة والصناعة الكندية.

إجراءات استثنائية

وأفادت وكالة "بلومبرغ" بأن شركات أميركية وأوروبية بارزة رفضت أن ترسل ممثليها إلى المنتدى خوفاً من أن تطالها العقوبات الغربية، التي تحظر الارتباط بروسيا.

في المقابل، كشفت الوكالة أن بعض المشاركين اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم في المنشورات الرسمية للحدث أو كتابة أسمائهم في الشارات التعريفية الخاصة بالمشاركين في المنتدى، فيما قرر بعض المشاركين مغادرة الملتقى قبل جلسة الجمعة العامة، التي من المقرر أن يشارك فيها الرئيس بوتين.

وإلى جانب الخوف من العقوبات الغربية، أرجعت صحيفة "وول ستريت جورنال" انخفاض عدد المشاركين في القمة إلى الحظر الجوي المفروض على موسكو، والذي يضطر المسافرين إلى الدخول للأراضي الروسية عبر مطارات إسطنبول في تركيا أو بلجراد في صربيا أو دبي في الإمارات.

وفرضت العقوبات الغربية على المشاركين في المنتدى إجراءات استثنائية، خصوصاً في ما يتعلق بطريقة الدفع لتغطية النفقات في روسيا.

وبحسب وكالة "أسوشيتد برس"، فإن منظمي المنتدى أوصوا المشاركين بإحضار المبالغ المالية اللازمة لتغطية نفقاتهم في روسيا نقداً، بعدما حظرت العقوبات الغربية بطاقات دفع عالمية مثل "فيزا" و"ماستر كارد" في روسيا.

واعتبرت الوكالة أن توجيهات المنظمين بمثابة "اعتراف بالصعوبات الاقتصادية التي تواجهها روسيا في الوقت الذي تحاول الترويج لنفسها" لاستقطاب استثمارات الشركات الدولية.

أبرز المشاركين

وبينما اعتاد منتدى سانت بطرسبرغ على استقبال قادة غربيين في السابق من قبيل المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، فإن أبرز القادة المشاركين في النسخة الحالية من دول آسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة.

الكرملين نفى توجيه دعوات إلى الدول الغربية من أجل المشاركة، إذ قال مساعد الرئيس الروسي للشؤون الدولية، يوري أوشاكوف إنه "لن يكون هناك ممثلين رسميين من الدول غير الصديقة في المنتدى".

وأكد الكرملين حضور  رئيسي أرمينيا وكازاخستان فآغن خاتشاتوريان وقاسم جومارت توكاييف للقمة. وأرمينيا وكازاخستان حليفان لروسيا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها موسكو.

كما يرتقب أن يشارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الجلسة الرئيسية المقررة الجمعة عبر تقنية الفيديو، فيما من المرتقب أن يلقي الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة مسجلة بالفيديو خلال الجلسة، بحسب وكالة "إنترفاكس" الروسية.

وحضر وفد عن حركة طالبان الأفغانية افتتاح المنتدى الأربعاء، على الرغم من أن روسيا تصنف الحركة جماعة إرهابية منذ 2003. وقال بيسكوف إن هذا لا يعني أن روسيا ستعترف بطالبان كحكومة شرعية لأفغانستان.

وشمل وفد طالبان محمد يونس حسين نائب رئيس غرفة التجارة الأفغانية، بالإضافة إلى القائم بالأعمال الأفغاني في موسكو، جمال ناصر غاروال، المعين من قبل حكومة حركة طالبان.

وبحسب الكرملين، فإن المنتدى سيعرف مشاركة وفود رسمية من دول ضمنها الصين، بيلاروس، الهند، إيران، إفريقيا الوسطى  وصربيا، والجزائر وسوريا والإمارات العربية المتحدة. 

وبحسب الرئاسية الروسية،  سيحضر المنتدى أيضاً رؤساء المنظمات والجمعيات الدولية الرائدة، من بينها منتدى البلدان المصدرة للغاز، والرابطة العالمية للفحم، والجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، ورابطة الدول المستقلة، وقيادة اللجنة الاقتصادية الأوراسية، وبنك التنمية الأوراسي.

مصر.. ضيف الشرف

وتشارك مصر في منتدى سانت بطرسبرغ كـ"ضيف شرف"، بوفد ترأسه وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع، ويضم مسؤولين ورجال أعمال مصريين، بالإضافة إلى نائب رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس.

وقالت جامع خلال المشاركة بفعاليات ملتقى الأعمال "مصر – روسيا" بمنتدى سانت بطرسبرغ الخميس، إن مؤشرات الأداء الاقتصادي بين القاهرة وموسكو تحسن في السنوات الماضية.

ولفتت وزيرة التجارة والصناعة المصرية إلى أن تطوير العلاقات بين البلدان يرتكز إلى الإسراع بالمفاوضات الخاصة بإبرام اتفاق للتجارة الحرة بين مصر ودول الاتحاد الأوراسي.

وأكدت جامع ترحيب الحكومة بالمزيد من الاستثمارات الروسية في السوق المصري، موجهة الدعوة للشركات ورجال الأعمال في البلدين لإقامة شراكات ومشروعات استثمارية مشتركة واستغلال مناخ الأعمال الإيجابي بين البلدين.

وسجل التبادل التجاري بين موسكو والقاهرة ما يزيد عن 3 مليارات دولار أميركي في العام المنصرم. نصيب روسيا منها نحو 2.5 مليار دولار مقابل نحو 0.5 مليار دولار لمصر.

روسيا تتحدى "العزل"

منذ انطلاق أولى جلساته في 1997، رسم منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي بصمته كأحد أكثر المنصات الإعلامية والاقتصادية تأثيراً على المستوى الإقليمي والدولي بجمع أكثر من 120 دولة حول العالم.

والمنتدى الذي كان يعرف سابقاً باسم "دافوس الروسي" حين كان اقتصاد البلاد في أوجه، أصبح يشكل ملتقى تريد روسيا أن تظهر من خلاله انفتاحها على الاستثمارات الخارجية رغم توتر أجواء الأعمال عقب تداعيات كورونا وتوقف بعض الاستثمارات الأجنبية إثر العقوبات الغربية.

ودفعت العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، موسكو أحد أكبر منتجي الموارد الطبيعية في العالم، نحو أكبر انكماش اقتصادي منذ السنوات التي أعقبت سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991.

تصنيفات