شبح "الانهيار" يؤرق الصناعة الألمانية وروسيا في مرمى الاتهام

time reading iconدقائق القراءة - 6
مصنع للزجاج في ألمانيا - 11 أغسطس 2020 - Bloomberg
مصنع للزجاج في ألمانيا - 11 أغسطس 2020 - Bloomberg
دبي- الشرق

حذرت رئيسة "الاتحاد الألماني لنقابات العمال" ياسمين فهيمي، من أن صناعات كبرى في البلاد "قد تواجه "انهياراً، بسبب تقليص إمدادات الغاز الطبيعي الروسي. وفي السياق ذاته، اعتبر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، أن بلاده تواجه "حرباً اقتصادية واعية"، تشنّها موسكو.

جاء ذلك، بعدما قلّصت روسيا شحنات الغاز إلى ألمانيا بنسبة 60%، عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" الذي تعتزم موسكو إغلاقه بشكل كامل هذا الشهر "من أجل صيانته، فيما تبدي برلين شكوكاً في أن يستأنف الخط المذكور تزويدها بالغاز بعد ذلك، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

وتواجه شركات الطاقة الأوروبية ضغوطاً، نتيجة لتقليص الأمدادات الروسية، وهو ما أرغم مرافق عدة في القارة على شراء الوقود في السوق الفورية بأسعار مرتفعة. ويدفع ارتفاع أسعار الطاقة بشكل متزايد، المصانع والشركات الألمانية إلى الحدّ من الطلب، فيما فعّلت الحكومة المرحلة الثانية من خطة طوارئ لإمدادات الغاز، تشمل ثلاث مراحل.

وقالت فهيمي لصحيفة "بيلد آم سونتاج" الأحد: "تتعرّض صناعات بأكملها لخطر انهيار دائم: الألمنيوم والزجاج والصناعات الكيماوية. وستكون لانهيار مشابه عواقب وخيمة على الاقتصاد والوظائف بشكل كامل في ألمانيا".

وأشارت المسؤولة النقابية الألمانية إلى أن أزمة الطاقة في أوروبا، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، تدفع التضخم إلى مستويات قياسية. ودعت إلى وضع حدّ أقصى لسعر الطاقة، بالنسبة إلى الأسر. ورأت أن "التكاليف المتزايدة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، تعني مزيداً من الأعباء على الأسر والشركات"، منبّهة من أن "الأزمة قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وعمالية".

"حرب اقتصادية واعية"

ويكثّف القادة الألمان تحذيراتهم بشأن اضطرابات مرتقبة ونقص في إمدادات الغاز الطبيعي، في أضخم اقتصاد بأوروبا، يعتمد على روسيا في نحو ثلث إمداداته من الطاقة. وخفّضت موسكو الإمدادات تدريجياً، بعد تعرّضها لعقوبات فرضتها دول أوروبية، إثر غزوها أوكرانيا.

واعتبر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك أن على بلاده الاستعداد لمواجهة مزيد من النقص في إمدادات الغاز الروسي، إذ أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينتهج استراتيجية واعية لرفع الأسعار، سعياً إلى تقويض الوحدة الأوروبية.

هابيك، وهو أيضاً نائب للمستشار الألماني أولاف شولتز، قال السبت، خلال مائدة مستديرة رعتها أسبوعية "دي تسايت" الألمانية: "نحن لا نتعامل مع قرارات عشوائية، وإنما حرب اقتصادية، واعية تماماً وواضحة جداً. بعد خفض (صادرات) الغاز بنسبة 60%، منطقي أن يليه خفض آخر".

"تأثير الدومينو"

وأشار الوزير الألماني إلى أن المرافق الألمانية معرّضة لخطر اخفاقات متتالية، قد تتطلّب تفعيل بندٍ قانوني يمكّنها من تمرير زيادات في الأسعار، خارج نطاق التزامات العقود.

وأفاد هابيك بأن ألمانيا امتنعت عن تفعيل هذا الإجراء الآن، إذ أنه سيؤدي إلى "انفجار فوري في الأسعار" بالنسبة إلى المستهلكين، بحسب قوله، مؤكداً أن الحكومة الألمانية تسعى إلى إيجاد بديل في هذا الصدد. وأضاف: "إذا فشلت شركة، أو شركات أخرى، فإن الأمر أشبه بتأثير الدومينو الذي سيقود باقتصاد البلاد بسرعة كبيرة إلى ركودٍ عميق". واعتبر أن روسيا تستهدف إبقاء أسعار الطاقة مرتفعة، و"تدمير وحدة بلادنا وتضامنها".

وتُناقش حكومة شولتز وشركة الطاقة الألمانية العملاقة "يونيبر"، تدابير لتحقيق استقرار في سوق الطاقة، علماً أن وزير المال الألماني، كريستيان ليندنر، ذكر أن أي مساعدة حكومية إضافية ستتخذ شكل ضمان للقروض.

وأقرّ هابيك بأن تقنين استهلاك الغاز، إذا بلغ الأمر هذا الحدّ، يطرح عدداً من التحديات، إذ أن الشبكة تكون غالباً مشتركة بين المنازل والمصانع. وإذا كان مصنع متصلاً بشبكة الغاز وكان جزء كامل من المدينة متصلاً به، فلا يمكن فصل هذا المصنع عن الشبكة، بحسب "بلومبرغ".

واستناداً إلى ذلك، رجّح هابيك "تنظيم هذه العملية على حساب المصانع غير المتصلة بشبكة مختلطة"، علماً أن القانون في ألمانيا يحمي المنازل من قطع إمدادات الغاز.

تقنين محتمل للطاقة

أما كلاوس مولر، رئيس "وكالة الشبكة الفيدرالية"، أبرز منظم لشبكة الكهرباء في ألمانيا، فدعا إلى بذل جهود أكبر لتوفير الطاقة، محذراً من انهيار كلّي محتمل لإمدادات الغاز الروسي.

وأشار إلى تساؤلات بشأن ما إذا كانت الصيانة الصيفية السنوية، المرتقبة في منتصف يوليو، لخط أنابيب الغاز "نورد ستريم 1" في روسيا "ستتحوّل إلى صيانة سياسية بعيدة المدى". ولفت إلى "وجوب التحدث بجدية أكبر عن التقنين، إذا قُلّصت التدفقات من روسيا لفترة أطول لأسباب سياسية".

مولر حذر من زيادة ضخمة في أسعار الغاز، بقوله: "سيُصاب كثيرون من المستهلكين بصدمة، عندما يتلقون بريداً إلكترونياً من مورّد الطاقة الخاص بهم". ولفت إلى أن الأسعار قد تزيد ثلاث مرات.

ونبّه محللون في "دويتشه بنك"، إلى أن تباطؤ شحنات الغاز الطبيعي الروسي يهدد بدفع التضخم أعلى من المستويات القياسية الحالية في الاقتصادات الأوروبية، وإحداث "ركود وشيك في ألمانيا، على خلفية تقنين الطاقة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات