قوات تيغراي "تُحكم قبضتها" على ميكيلي.. وتتعهد بـ"تطهير" الإقليم

time reading iconدقائق القراءة - 9
يسيرون قرب تمثال لألولا آبا نيغا وهو جنرال إثيوبي من تيغراي في ميكيلي عاصمة الإقليم - 25 يونيو 2021 - AFP
يسيرون قرب تمثال لألولا آبا نيغا وهو جنرال إثيوبي من تيغراي في ميكيلي عاصمة الإقليم - 25 يونيو 2021 - AFP
أديس أبابا/ دبي – وكالاتالشرق

حققت "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" مزيداً من المكاسب ضد القوات الإثيوبية وحلفائها، إذ أعلنت أنها تسيطر بشكل كامل على العاصمة الإقليمية ميكيلي، متعهدة بـ"تطهير" جميع أراضي المنطقة من أعدائها، فيما تحدث سكان عن مغادرة جنود إريتريين بلدة شاير الشمالية.

جاء ذلك بعدما أعلنت الحكومة الإثيوبية ليل الاثنين "وقفاً أحادياً للنار"، إثر دخول مسلحين من تيغراي إلى ميكيلي، التي فرّ منها الجيش خلال النهار.

وأشارت الحكومة إلى أن الهدنة ستستمر حتى نهاية "الموسم الزراعي"، في سبتمبر المقبل، في خطوة تتيح للمسلحين "العودة إلى المسار السلمي"، علماً بأن الأمم المتحدة ذكرت أن نحو 350 ألف شخص يعانون من مجاعة في الإقليم، فيما يحتاج 5 ملايين آخرين إلى مساعدات غذائية فورية.

وكان الجيش الإثيوبي سيطر على ميكيلي في 28 نوفمبر 2020، بعد 3 أسابيع على بدئه هجوماً على تيغراي، إثر اتهام "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" بمحاولة احتلال قاعدة للقوات المسلحة الإثيوبية.

"عمليات مطاردة حثيثة"

ونقلت وكالة "رويترز" عن الناطق باسم الجبهة، غيتاتشيو رضا، قوله الثلاثاء: "نسيطر بنسبة 100% على ميكيلي"، بعد قتال في ضواحيها.

وأضاف رضا: "لا تزال قواتنا تنفذ عمليات مطاردة حثيثة، باتجاه الجنوب والشرق، للاستمرار حتى تطهير كل بوصة مربعة من الأراضي، من العدو".

وأعلن أن قوات تيغراي ستدخل إريتريا المجاورة وإقليم أمهرة الإثيوبي، لملاحقة قوات "العدوّ"، إذا لزم الأمر.

وقال لـ "رويترز": "تركيزنا الأساسي هو إضعاف القدرات القتالية للعدوّ... لذلك إذا تطلّب الأمر الذهاب إلى أمهرة، فسنفعل ذلك، وإذا كان الذهاب إلى إريتريا هو ما يتطلّبه الأمر، فسنفعل ذلك".

وأكدت الحكومة السابقة لتيغراي أن ميكيلي بكاملها باتت تحت سيطرتها. وأضافت: "حكومة تيغراي وجيشها سينجزان كل المهمات اللازمة، لضمان سلامة شعبنا وبقائه على قيد الحياة".

وأردفت: "الحكومة تدعو شعبنا وجيشنا في تيغراي، إلى تكثيف النضال حتى يغادر أعداؤنا تيغراي بالكامل"، وفق وكالة "فرانس برس".

وفي الوقت ذاته ذكر سكان أن القوات الإريترية اختفت في بلدة شاير الكبرى، الواقعة عند تقاطع طرق رئيسة. ونقلت "رويترز" عن أحدهم قوله: "لا يوجد إريتري واحد في البلدة"، فيما تحدث آخر عن "حركة ضخمة للقوات ليلاً".

"سيقاتلون إلى الأبد"

وتشكل سيطرة "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" على ميكيلي تحوّلاً مفاجئاً في مسار الحرب التي يشهدها الإقليم منذ 8 شهور.

وكثف مسلّحو تيغراي عملياتهم العسكرية أخيراً، وانتشروا في أحياء بعاصمة الإقليم، بعد يوم على شنّ الجيش الإثيوبي غارة جوية على سوق مزدحمة، في بلدة تبعد نحو 30 كيلومتراً من ميكيلي، أسفرت عن مصرع 64 شخصاً وإصابة 180.

وأشادت الحكومة السابقة للإقليم بـ"نصر مذهل"، فيما أوردت صحيفة "واشنطن بوست" أن "قوات دفاع تيغراي"، التي شُكّلت بعدما انضمّت "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" إلى مجموعات أخرى في الإقليم، في مواجهة القوات الحكومية، اكتسبت "زخماً في العودة إلى ميكيلي خلال الأسابيع الأخيرة".

وأضافت أن "قادة الحكومة المؤقتة في تيغراي، وهم من عرقية تيغراي ولكنهم معيّنون من الحكومة الفيدرالية، غادروا المدينة بهدوء الأسبوع الماضي، وأبلغوا زملاءهم بأن الأمر مرتبط بالتصويت الذي انتهى أخيراً في الانتخابات الوطنية، رغم عدم تنظيم تصويت في تيغراي".

ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول في الحكومة المؤقتة قوله: "انضمّ كثيرون من الشبان، والتجار، والمزارعين، إلى قوات دفاع تيغراي. إنهم يشعرون بأنهم يقاتلون من أجل البقاء. سيقاتلون إلى الأبد، هذا مؤكد".

وأضاف: "لم يعُد ممكناً التوفيق" بينهم وبين السلطات الإثيوبية. وتحدثت الصحيفة عن "نقطة تحوّل مهمة، وغير متوقعة" في الحرب.

"تحوّل ضخم في الحرب"

وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى "تحوّل ضخم في الحرب"، مضيفة أن قوات تيغراي "أمضت شهوراً في إعادة تجميع صفوفها وتجنيد مقاتلين جدد، ثم شنّت في الأسبوع الماضي هجوماً مضاداً على ميكيلي"، أسقطت خلاله طائرة شحن تابعة لسلاح الجو الإثيوبي، من طراز "سي-130" عندما اقتربت من العاصمة.

ثم وردت تقارير عن تخلّي القوات الإثيوبية عن مواقع استراتيجية حول أديغرات وآبي عدي، وفي مواقع جنوبيي تيغراي، علماً بأن قوات الإقليم أعلنت أسر آلاف من الجنود الإثيوبيين، واحتجازهم بوصفهم أسرى حرب، وفق "نيويورك تايمز".

ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز في الحكومة المؤقتة، قوله إن قوات تيغراي سيطرت على المطار وشبكة الاتصالات.

واعتبرت الصحيفة مكاسب تلك القوات "نكسة كبرى لحكومة آبي أحمد"، الذي كان أعلن أن العملية العسكرية في الإقليم ستنتهي في غضون أسابيع.

وقال سيساي هاغوس (36 عاماً)، الذي كان يحتفل في ميكيلي الاثنين، للصحيفة: "اجتاحونا. آبي كاذب وديكتاتور، لكنه هُزم. تيغراي ستكون دولة مستقلة!".

تراجع تكتيكي؟

واعتبر كاميرون هدسون، وهو باحث في "مركز إفريقيا" التابع لمعهد "أتلانتيك كاونسل" (مقرّه واشنطن)، أن آبي أحمد "لم يعُد يستطيع الاحتفاظ بتيغراي"، وتابع: "يحاول تصوير الأمر بوصفه تراجعاً تكتيكياً، وإدراجه في إطار السعي إلى السلام".

وكان آبي أحمد أقر أخيراً بأن الحرب استمرت لفترة أطول بكثير ممّا كان يتوقع، مشيراً إلى أن مسلحي تيغراي تفرّقوا "مثل طحين في مهبّ الريح".

وأضاف أن الجيش الفيدرالي يخوض حرب عصابات على 8 جبهات منفصلة في البلاد، كما أوردت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

وتساءلت الصحيفة عن قدرة رئيس الوزراء على قيادة البلاد، ونقلت عن تشيدي أودينكالو، وهو مدير شؤون إفريقيا في "مؤسسات المجتمع المفتوح"، قوله: "واضح أن المعجزة الاقتصادية انتهت".

واعتبر أودينكالو أن المانحين الدوليين لن يكونوا قادرين على تجاهل الفظائع التي أفادت تقارير بأن جنوداً إثيوبيين، وحلفاء لهم من إقليم أمهرة وإريتريا المجاورة، ارتكبوها في تيغراي.

وتابع: "أعتقد بأن أحداً لا يعرف إلى أين يتجه هذا (الأمر). وبصراحة، أعتقد بأن آبي لا يعرف" كذلك.

"أمير حرب"

لكن استعادة ميكيلي قد لا تعني نهاية المطاف في الحرب، إذ إن ثمة ترقّباً للمسار الذي سيتخذه تدخل إريتريا وأمهرة في النزاع.

وذكرت "واشنطن بوست" أن "القوات الإثيوبية قاتلت إلى جانب ميليشيات عرقية وجيش إريتريا"، مشيرة إلى أن "الجزء الغربي من تيغراي، المحاذي للسودان، يخضع منذ شهور لإدارة مسؤولين من منطقة أمهرة الإثيوبية".

ونقلت "فرانس برس" عن المحلل في مجموعة "أوراسيا غروب"، كونور فاسي، أن انخراط قوات من أمهرة وإريتريا في النزاع "سيعقّد تطبيقاً شاملاً لوقف النار المؤقت". ورجّح أن تكون أي محادثات بشأن تسوية سياسية، "صعبة وطويلة جداً".

ووَرَدَ في افتتاحية لصحيفة "لوموند" الفرنسية، أن آبي أحمد (44 عاماً)، الذي نال جائزة نوبل للسلام في عام 2019، إثر إبرامه اتفاق سلام مع إريتريا، بعد سنة على تسلّمه الحكم، "بات الآن أمير حرب"، معتبرة أن "إثيوبيا على شفير انفجار داخلي".

وشكّكت الصحيفة في إمكان أن تتيح الانتخابات لرئيس الوزراء "استعادة شرعيته والإسراع بتوحيد البلاد" المقسّمة عرقياً.

واعتبرت أن الاقتراع "لن يسوّي معضلات هائلة في بلد يكافح الفقر"، وتابعت: "تحتاج إثيوبيا، أكثر من إمبراطور جديد، إلى عودة السلام وإنهاء الانتهاكات ضد المدنيين، وهذه شروط لا غنى عنها للبحث عن حلول تشمل كل مكوّنات البلاد".

اقرأ أيضاً: