
أظهرت صور أقمار اصطناعية أضراراً لحقت بما تصفه إيران بأنه "ورشة عسكرية"، قرب مدينة أصفهان وسط البلاد، اُستهدفت في هجوم بطائرات مسيرة اتهمت طهران إسرائيل بالوقوف ورائه؛ في أحدث هجوم من نوعه.
ورصدت صور التقطتها شركة "بلانيت لابز بي بي سي"، الخميس، الورشة في أصفهان، وسط إيران على بعد 350 كيلومتراً (215 ميلاً) جنوبي طهران.
وأوضح تحليل الصور الذي أجرته وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، بالمقارنة مع صور سابقة للورشة، أضراراً لحقت بسقف المبنى، تتطابق مع لقطات بثها التلفزيون الإيراني بعد الهجوم مباشرة، وأظهرت فتحتين على الأقل في سقف المبنى.
وأوضحت الوكالة أن السحب الداكنة الثقيلة منعت التقاط صور أقمار اصطناعية لموقع الورشة منذ أن تعرضت لهجوم من قبل ما وصفته إيران بأنه مروحيات رباعية "كوادكوبتر" تحمل قنابل ليلة 28 يناير.
والمروحيات الرباعية، التي حصلت على اسمها من وجود 4 مرواح، تعمل من مسافات قريبة بواسطة جهاز تحكم عن بعد.
وتشير لقطات التلفزيون الإيراني، بالإضافة إلى صور الأقمار الاصطناعية، إلى أن سقف المبنى ربما يكون شيّد بما يسمى بـ"الدروع الشرائحية". ويشبه البناء قفصاً مبنياً حول أسطح أو عربات مدرعة لمنع التفجير المباشر من صواريخ أو قذائف أو طائرات مسيرة حاملة للقنابل ضد هدف.
ويشير تركيب مثل هذه الحماية في الورشة إلى أن إيران اعتقدت أنها يمكن أن تكون هدفاً لطائرة مسيرة.
وفي يوليو الماضي، أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية أنها أحبطت مؤامرة لاستهداف "مواقع حساسة" حول أصفهان. وتضمن مقطع بثه التلفزيون الإيراني في أكتوبر اعترافات مزعومة من أشخاص يشتبه في انتمائهم إلى "كومالا"، وهو حزب كردي معارض منفي مقره العراق، بأنهم خططوا لاستهداف منشأة جوية عسكرية في أصفهان، بعد تدريبهم من قبل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد).
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الورشة العسكرية التي استهدفت بهجوم مسيرات، هي تلك المنشأة الجوية. ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على الفور على طلب الوكالة للتعليق على صور الأقمار الاصطناعية، وتساؤلات أخرى بشأن الورشة.
مخاوف من تصعيد التوتر
وعلى الرغم من أن إيران لم تقدم أي توضيح حتى الآن بشأن المنتجات التي كانت تصنعها الورشة، يثير الهجوم بالمسيرات مخاوف من تصعيد التوترات مجدداً بالمنطقة، حسب الوكالة.
وتزايدت المخاوف بالفعل بشأن تخصيب طهران لليورانيوم إلى مستويات أقرب من أي وقت لتصنيع أسلحة نووية، إذ حذر مسؤول بارز في الأمم المتحدة من أن طهران لديها ما يكفي من الوقود لصنع "عدة" قنابل ذرية إذا اختارت ذلك.
وفي غضون ذلك، عاد إلى السلطة مؤخراً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي شهدت فترة توليه رئاسة الوزراء، تصعيداً في الهجمات التي تستهدف إيران، وأكد مجدداً أنه يعتبر طهران "أكبر تهديد أمني لبلاده".
ومع إعلان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، مؤخراً أن إيران "قتلت" فرصة العودة إلى اتفاقها النووي مع القوى العالمية، لا يزال من غير الواضح ما هي الجهود الدبلوماسية التي يمكنها على الفور أن تخفف حدة التوترات بين طهران والغرب.
ويأتي الإعلان عن هذا الهجوم في سياق متوتّر لحكومة إيران التي تواجه تحديات في الداخل والخارج على خلفيّة حراك احتجاجي انطلق بعد وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر خلال توقيفها لدى شرطة الأخلاق، واستمرار الخلافات حول الملف النووي الإيراني بين طهران ودول غربية، واتّهامات بعض الدول لطهران بإمداد الجيش الروسي بطائرات مسيّرة لاستخدامها في حربه في أوكرانيا.
وفي السنوات الأخيرة، اتّهمت إيران إسرائيل بتنفيذ عدد من العمليّات السرّية على أراضيها استهدفت منشآت نووية، بما في ذلك هجوم في أبريل 2021 على منشأة "نطنز" النووية تحت الأرض، ما أدى إلى تدمير أجهزة طرد مركزي. وفي نوفمبر 2020، اتهمت إيران إسرائيل بالوقوف وراء هجوم معقد أدى إلى قتل عالم الفيزياء النوويّ البارز محسن فخري زاده.
ولم تعلق إسرائيل على الهجوم بالطائرات المسيرة. ونادراً ما يعترف المسؤولون الإسرائيليون بالعمليات التي نفذتها وحدات عسكرية سرية تابعة للدولة أو الموساد.
إيران تتوعد بـ"رد حازم"
وفي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، قال أمير سعيد إيرواني مبعوث طهران لدى المنظمة الدولية، إن التحقيقات الأولية تشير إلى مسؤولية إسرائيل عن الهجوم الذي وقع مساء السبت.
وأضاف إيرواني في الرسالة أن "إيران تحتفظ بالحق في رد حازم في الوقت والطريقة التي تشعر أنها ضرورية"، من دون توضيح ما هو الدليل الذي يدعم شكوك إيران.
ووصف السفير الإيراني الهجوم بـ"الإرهابي"، وقال إن "هذا العمل الذي قامت به إسرائيل يتعارض مع القانون الدولي ويجب إدانتها"، وفق ما نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية.
والأحد الماضي، أعلنت إيران أن مصنعاً عسكرياً بمدينة أصفهان تعرض لهجوم بطائرات مسيّرة، وقالت وزارة الدفاع إن "قوات الدفاع الجوي أصابت واحدة (من الطائرات المسيّرة)، وتم إسقاط طائرتين وانفجرتا".
في المقابل، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الأحد، نقلاً عن مسؤولين أميركيين مطلعين على العملية، أن إسرائيل كانت مسؤولة عن الهجوم.
اقرأ أيضاً: