بعد فوز حزب آبي أحمد.. ملفات عالقة تحدد مستقبل إثيوبيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
رجل يحمل صورة لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في ملعب بمدينة جيما، 16 يونيو 2021 - AFP
رجل يحمل صورة لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في ملعب بمدينة جيما، 16 يونيو 2021 - AFP
دبي-الزبير الأنصاري

تدخل إثيوبيا مع فوز حزب رئيس الوزراء آبي أحمد في الانتخابات التشريعية مرحلة جديدة، فالرجل الذي جاء إلى الحكومة أول مرة في عام 2018 إصلاحياً وصانعاً للسلام، يستعد هذه المرة لبدء ولايته الجديدة برصيد مثقل من الأزمات والخلافات الداخلية الخارجية التي تلقي بظلالها على المستقبل السياسي للبلاد.

وحقَّق حزب آبي أحمد الحاكم (الازدهار) غالبية واسعة في الانتخابات، وذلك بعد فوزه بـ421 مقعداً من أصل 436 وفق ما أعلنت اللجنة الانتخابية مساء السبت.

هذه الانتخابات التي تأتي في ظل مساعي رئيس الوزراء الإثيوبي للحصول على تفويض شعبي من أجل تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية، قد تكون المرحلة الأسهل في ظل المشهد السياسي والاقتصادي المعقد الذي يشهده البلد الثاني الأكثر تعداداً للسكان في إفريقيا.

فوز وتحديات

وعلى الرغم من أن فوز حزب آبي أحمد الساحق، قد يبرهن ظاهرياً نجاح رؤيته عندما حلَّ تحالف "الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية" الذي هيمن على المشهد السياسي لعقود طويلة، مستبدلاً به حزبه "الازدهار"، باعتبار أن حزباً واحداً سيؤدي إلى توحيد البلاد، إلا أن هذا الفوز يتضمن في طياته الكثير من التحديات. 

وتنتظر آبي أحمد، بحسب محللين، ملفات سياسية عالقة يتوقف على معالجتها مستقبل البلاد؛ فعلى المستوى الداخلي تشهد البلاد صراعاً داخلياً ومقاطعة واسعة للانتخابات، كما تشهد أيضاً توتراً في علاقاتها الخارجية، خصوصاً فيما يتصل بسد النهضة والأزمة القائمة حول ملئه وتشغيله. 

وأكد الباحث الإثيوبي موسى شيخو لـ"الشرق" أن حزب آبي أحمد (الازدهار) "أمامه على الطاولة تحديات كبيرة، منها التحديات الداخلية وانسحاب بعض زعماء المعارضة من الانتخابات، خاصة في إقليم أوروميا الذي يعد أكثر الأقاليم سكاناً ومساحة جغرافية"، مشيراً إلى أن انسحاب هذه الأحزاب والزج ببعض قادتها في السجون، من القضايا التي تنبغي معالجتها أولاً بالنسبة لحزب الازدهار".

وأضاف شيخو "تأتي بعد ذلك الملفات الخارجية، متمثلة في العلاقات الدبلوماسية مع البلدان المجاورة وغير المجاورة، خاصة فيما يتصل بسد النهضة"، لافتاً إلى أنه "إذا تمت معالجة هذه الأمور فإن الطريق أمام رئيس الوزراء آبي أحمد، سيكون سهلاً لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي يخطط لها".

تشكيل الحكومة

تشكيل الحكومة الجديدة الذي يتوقع البدء فيه بحلول أكتوبر المقبل، يمثل تحدياً آخر أمام رئيس الوزراء الإثيوبي، خصوصاً في ظل مقاطعة أحزاب المعارضة الرئيسة في إقليم أوروميا للانتخابات، وفي مقدِّمها مؤتمر أورومو الفيدرالي "أو إف سي" وجبهة تحرير أورومو "أو إل إف"، مندِّدة باعتقال بعض مرشحيها وبنهب مكاتب آخرين.

وقال زعيم المعارضة برهانو نيجا، إن حزبه "المواطنون الإثيوبيون من أجل العدالة الاجتماعية" قدم 207 تظلمات في النتائج بعدما منع مسؤولو الانتخابات ومسلحون المراقبين في بعض المناطق من ممارسة أعمالهم.

وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إلى أن تأمين آبي للغالبية البرلمانية يعطيه تفويضاً لتشكيل الحكومة، "ولكن بدلاً من الاحتفال، سيتحول التركيز سريعاً إلى كيفية تعامله مع التحديات المتزايدة".

تسويات السلطة 

وأكد الكاتب والصحفي الإثيوبي أنور إبراهيم لـ"الشرق" أن الحكومة الإثيوبية بقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد، قد تواجه بعض التحديات في هذا الصدد خلال المرحلة المقبلة التالية للانتخابات.

وقال أنور إنه على حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي "البحث عن حلول مستقبلية من خلال التفاوض مع هذه الأحزاب وتقديم بعض التنازلات"، محذراً من أنه ما لم يحدث ذلك فإن الحكومة "قد تواجه صعوبات، خصوصاً في بعض الإقاليم مثل أوروميو وتيغراي".

واعتبر موسى شيخو أن انسحاب بعض الأقاليم من الانتخابات وعدم مشاركة البعض الآخر مثل تيغراي لأسباب سياسية وأمنية، وإقليم الصومال لأسباب فنية، له تأثير على الوضع السياسي "لكنه لا يمنع من ترتيب الأوضاع في الأروقة السياسية الداخلية لإثيوبيا".

بدوره، اعتمد رئيس الوزراء آبي أحمد نبرة تصالحية بعد إعلان نتائج الانتخابات، مشيراً إلى استعداده لجعل حكومته أكثر شمولاً.

وقال أحمد: "رغم أن الأحزاب المنتخبة تشكّل الحكومة، فإن إدارة البلاد لا تقتصر على تلك الأحزاب وقادتها"، مشيراً إلى أنه سيتم إدماج الساسة المعارضين المشاركين في الانتخابات، في "الهيئات التنفيذية، والمحاكم ومؤسسات أخرى فيدرالية وتابعة للدولة، بطريقة ذات مغزى".

الإصلاحات الاقتصادية

معالجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ملف آخر يترتب عليه مستقبل البلاد في الولاية الثانية لآبي أحمد، فبعد أن شهد الاقتصاد الإثيوبي نمواً واسعاً بمعدل 9.4% سنوياً في الفترة ما بين 2010 و2019، تراجع هذا النمو إلى 2% فقط في 2021.

وعلى الرغم من أن جزءاً كبيراً من هذا التراجع يعود إلى التداعيات الاقتصادية لوباء فيروس كورونا في العالم كله، إلا أن هناك أسباباً خاصة في إثيوبيا تتصل كما يشير البنك الدولي في تقييمه بالاضطرابات السياسية التي أثرت سلباً على النمو من خلال خفض الاستثمار الأجنبي المباشر، والسياحة، ونسبة الصادرات.

وذكرت وكالة "بلومبرغ" الأميركية، أن المستثمرين باتوا يشكّكون بشكل متزايد في قدرة آبي أحمد على احتواء الاضطرابات في إثيوبيا، بعدما تهافتوا على واحد من الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم.

رهان الربط الإقليمي

وفيما أكد شيخو أن معالجة الوضع الاقتصادي تتصدّر أجندة الولاية الثانية لآبي أحمد، أشار أنور إبراهيم إلى أن رهان أحمد في إنعاش اقتصاد بلاده سيكون على مشاريع التنمية والربط الإقليمي مع دول الجوار.

وتوقع إبراهيم أن ينصب تركيز رئيس الوزراء الإثيوبي على "التنمية الاقتصادية وتطوير برامج الطاقة، وخاصة مشاريع توليد الطاقة الكهربائية، والبنية التحتية مثل الطرق، إضافة إلى التنمية الحضرية".

وأضاف "هناك أيضاً العديد من المشاريع المشتركة ما بين إثيوبيا وبعض الدول المجاورة فيما يخص الموانئ وربط الطرق البرية وإنشاء شبكة اتصالات متطورة مع دول الجوار، خاصة جيبوتي والسودان وجنوب السودان وكينيا وإريتريا والصومال".

يذكر أن الانتخابات تأجلت مرتين بسبب جائحة كورونا وأسباب أخرى لوجستية، وشهدت استثناء نحو 110 دوائر انتخابية في إقليم تيغراي من التصويت حتى استتباب الاستقرار فيه، ولأسباب فنية في إقليم الصومال الإثيوبي ومناطق أخرى، بحسب اللجنة الوطنية للانتخابات.

وقال رئيس الوزراء آبي أحمد في تغريدة على تويتر إثر فوز حزبه "الازدهار" بالأغلبية الساحقة "هذه الانتخابات ستُعتبر تاريخية"، مضيفاً أنّ حزبه "سعيد بأنّ إرادة الشعب اختارته لإدارة البلاد".