بلومبرغ: انتخابات إثيوبيا أقل تحديات آبي أحمد صعوبة

time reading iconدقائق القراءة - 8
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال تجمّع انتخابي في جيما، 16 يونيو 2021 - REUTERS
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال تجمّع انتخابي في جيما، 16 يونيو 2021 - REUTERS
أديس أبابا – بلومبرغ

فاز حزب "الازدهار" بزعامة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في الانتخابات النيابية التي نُظمت الشهر الماضي، ما يجعل تولّيه منصبه مجدداً، إجراءً شكلياً. لكنه يواجه الآن تحديات أكثر صعوبة، تتمثل في إعادة توحيد بلد تنهشه نزاعات، وإصلاح سمعته الدولية، واستعادة ثقة المستثمرين.

وأظهرت النتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات الوطنية السبت، أن حزب "الازدهار" نال 410 من 436 مقعداً في مجلس النواب، شهدت منافسة في الاقتراع الذي نُظم في 21 يونيو الماضي، علماً أن المجلس يختار رئيس الوزراء. وأُرجئ التصويت في بعض من الدوائر الانتخابية الـ547 في البلاد، نتيجة مخاوف أمنية ومشكلات لوجستية.

ورجّحت وكالة "بلومبرغ" أن تساهم شعبية الحزب في تعزيز حكم آبي أحمد، والتصدي لشكوك بشأن شرعيته، رغم رفض أبرز أحزاب المعارضة المشاركة في التصويت. وأضافت أن لجنة الانتخابات، التي تحظى باحترام واسع، أشارت إلى مخالفات أثناء الاقتراع، مستدركة أنها لا تزال فخورة بعملها، رغم مواجهتها تحديات كثيرة.

ومن أبرز العقبات التي يواجهها آبي أحمد، تهدئة توترات سياسية شهدتها إثيوبيا، منذ تولّيه الحكم في عام 2018، ورفع حظر مفروض على أحزاب معارضة وجماعات متمردة، وتأمين مقدار أكبر من الحكم الذاتي للأقاليم، علماً أن مئات الأشخاص قُتلوا خلال عنف عرقي وطائفي.

النزاع في تيغراي

كذلك اندلعت حرب في إقليم تيغراي، استمرت 8 أشهر، وشهدت قتالاً بين القوات الفيدرالية ومسلحي "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، التي كانت تقود تحالفاً حكم إثيوبيا طيلة 3 عقود، قبل تولّي آبي أحمد السلطة في عام 2018.

واجتاحت القوات الحكومية غالبية أراضي الإقليم، بعد فترة وجيزة على اندلاع القتال، في نوفمبر الماضي، قبل أن تستعيد الجبهة الشهر الماضي، العاصمة ميكيلي ومدناً أخرى. وقُتل آلاف الأشخاص خلال النزاع، فيما أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 400 ألف شخص في تيغراي يعانون من مجاعة، محذرة من أن 1.8 مليون آخرين يوشكون على مواجهة المصير ذاته، وفق "بلومبرغ".

وأعلن آبي أحمد وقفاً أحادياً للنار في تيغراي الشهر الماضي، لكن الجبهة رفضت إلقاء سلاحها، قبل أن ينسحب الجيش الإثيوبي وقوات إريترية ومسلحون من إقليم أمهرة المجاور، من أراضي تيغراي. ويعتبر منتقدون آخرون لرئيس الوزراء أن عليه تبنّي المصالحة والتفاعل مع خصومه، منبّهين إلى أن الفشل في ذلك سيدفع إثيوبيا إلى هاوية.

دعوات إلى "حوار"

وقال ميريرا غودينا، زعيم حزب "الكونغرس الفيدرالي لأورومو" المعارض، في إشارة إلى آبي أحمد: "إذا لم يتحرّك بسرعة لتشكيل حكومة شاملة من خلال حوار وطني، فسنتجه إلى أزمة أكثر خطورة". وقاطع الحزب الانتخابات الأخيرة، احتجاجاً على استمرار اعتقال اثنين من قياديّيه، بتهمة الخيانة وإثارة عنف عرقي.

أما ديسالين تشاني، زعيم "الحركة الوطنية لأمهرة" المعارضة، فرأى أن حزب "الازدهار" يثبت أنه لا يختلف عن الحكومة السابقة، التي هيمنت عليها "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، من حيث "تزوير الأصوات وترهيب معارضيه ومضايقتهم". كذلك دعا إلى محادثات شاملة، لتخفيف التوتر.

في مايو الماضي، فرضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عقوبات واسعة على إثيوبيا، وحضّت صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومقرضين آخرين متعددي الأطراف، على وقف تعاملهم معها، في محاولة للضغط على آبي أحمد لإنهاء النزاع في تيغراي. وقد يؤدي ذلك إلى إفشال خطط لإعادة هيكلة ديون إثيوبيا، في إطار مبادرة أعدّتها مجموعة العشرين، لمساعدة دول فقيرة على مواجهة فيروس كورونا المستجد.

وذكرت "بلومبرغ" أن المستثمرين باتوا يشكّكون بشكل متزايد في قدرة آبي أحمد على احتواء الاضطرابات في إثيوبيا، بعدما تهافتوا على واحد من الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم.

وبلغت عائدات سندات اليوروبوند في البلاد، وقيمتها مليار دولار، أعلى مستوى منذ أكثر من سنتين، فيما تراجعت العملة الإثيوبية بنسبة 12% مقابل الدولار هذا العام، وهذا أسوأ أداء بين 20 عملة إفريقية، وفق "بلومبرغ". كذلك يُرجّح صندوق النقد الدولي أن يسجّل إجمالي الناتج المحلي ارتفاعاً بنسبة 2% فقط هذا العام، علماً أنه نما بمعدل تجاوز 9% سنوياً خلال العقد الماضي.

نبرة تصالحية 

وأعلنت حكومة آبي أحمد أنه سعى مرات إلى التفاعل مع تيغراي، منذ تسلّمه الحكم، وزار الإقليم للقاء سلطاته وحماية مزايا التقاعد لمسؤوليه.

ورغم تعرّض الموارد المالية للحكومة لضغوط، نتيجة النزاع في تيغراي وكورونا، إلا أنها تعتبر أن الأسس الاقتصادية للبلاد لا تزال سليمة.

وتُظهر أرقام حكومية أن الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي شهد مساراً تراجعياً منذ عام 2017، ارتفع بنسبة 7.3% في الأشهر التسعة حتى مارس الماضي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، فيما زادت الصادرات بنحو 19%، وتحصيل ضرائب الدخل بنسبة 31%.

واعتمد رئيس الوزراء نبرة تصالحية، بعد إعلان نتائج الانتخابات، مشيراً إلى استعداده لجعل حكومته أكثر شمولاً. وقال: "رغم أن الأحزاب المنتخبة تشكّل الحكومة، فإن إدارة البلاد لا تقتصر على تلك الأحزاب وقادتها". ولفت إلى إدخال الساسة المعارضين المشاركين في الانتخابات، في "الهيئات التنفيذية، والمحاكم ومؤسسات أخرى فيدرالية وتابعة للدولة، بطريقة ذات مغزى".

واعتبرت "مجموعة الأزمات الدولية" (مقرّها بروكسل) أن صمود وقف النار في تيغراي يشكّل أولوية قصوى، منبّهة إلى أن آفاق البلاد قاتمة من دون هدنة.

ووَرَدَ في تقرير أصدرته هذا الشهر: "تعلن السلطات أنها تجري حواراً وطنياً بين جماعات ومواطنين، ولكن مع وجود عناصر كثيرين ساخطين في المعارضة، ليس مرجّحاً أن تهدئ هذه المبادرة الأجواء. كما أن بياناً بشأن الحملة الانتخابية، نشره رئيس الوزراء أخيراً، يتعهد فيه بتدمير مَن يسمّيهم الأعداء الداخليين للبلاد، يقوّض أيضاً جهوداً لتضييق الانقسامات" في إثيوبيا.

اقرأ أيضاً: