
أصدر المجلس الأعلى للهيئات القضائية المصرية، مجموعة من القرارات، أبرزها بدء عمل المرأة في قضاء مجلس الدولة (القضاء الإداري)، والنيابة العامة، اعتباراً من أول أكتوبر المقبل.
يوم المرأة
يأتي قرار المجلس بتحديد موعد بدء عمل المرأة في مجلس الدولة، والنيابة العامة، لينهي عقوداً من محاولات النساء المصريات العمل في سلك القضاء، خاصة مجلس الدولة.
وسبق قرار تحديد الموعد، توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، في الاحتفال بيوم المرأة العالمي في مارس الماضي، وزير العدل، عمر مروان، بالتنسيق مع رئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس مجلس الدولة (هيئة قضائية مختصة بالنزاعات التي تكون الحكومة طرفاً فيها) للاستعانة بالمرأة في هاتين الجهتين تفعيلاً للاستحقاق الدستوري بالمساواة وعدم التمييز تفعيلاً كاملاً، وتأكيداً على جدارة المرأة في تولي المناصب المختلفة، وتعظيماً لما تحققه من نجاحات في كافة المجالات التي تعمل بها.
وذكر بيان لوزارة العدل، وآخر لرئاسة مجلس الوزراء، وقتها، أن الوزارة بدأت تنفيذ التوجيهات، والتواصل مع الجهتين القضائيتين، لوضعه موضع التنفيذ في أقرب وقت.
وقال بيان مجلس الوزراء، إن التوجيه يأتي تفعيلاً للاستحقاق الدستوري بالمساواة وعدم التمييز تفعيلاً كاملاً، وتأكيداً على جدارة المرأة في تولي المناصب المختلفة، وتعظيماً لما تحققه من نجاحات في كافة المجالات التي تعمل بها.
بداية التنفيذ
وفي تصريحات تلفزيونية، قال وزير العدل المصري، عمر مروان، في وقت سابق، إنه قدم للرئيس المصري دراسة عن المعوقات التي تحول دون تعيين المرأة في النيابة العامة، ومجلس الدولة، مشيراً إلى أن تفعيل التوجيهات يبدأ من العام القضائي الجديد (2020/2021)، والذي يبدأ أول أكتوبر سنوياً.
وأكد مروان، أن التواصل مع النيابة العامة، ومجلس الدولة، بدأ بالفعل لتضع كل منهما تصورها من حيث العدد المطلوب، والسن المحددة، وكيفية الالتحاق بهما، سواء من بداية السلم القضائي، أو من منتصفه.
وقرر مجلس الدولة في مصر، في الـ14 من مارس الماضي، فتح الباب لتعيين عناصر نسائية لأول مرة في تاريخه، لكن عن طريق نقل عضوات هيئتي النيابة الإدارية، وقضايا الدولة، لشغل وظيفتي "مندوب" و"نائب" في المجلس.
وفي هذا الإطار، قال المستشار طه كرسوع الأمين العام ونائب رئيس مجلس الدولة، لـ"الشرق"، إن القرار الصادر، الأربعاء، ببدء عمل المرأة في المجلس يخص "من تم تعيينهن في المجلس من قبل من عضوات الهيئات القضائية".
وأضاف: "المقصود بالقرار أنهن سيبدأن العمل في مجلس الدولة، اعتباراً من أول أكتوبر المقبل، بعد انتهاء إجراءات نقلهن من النيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة".
ولم يوضح كرسوع، ما إذا كان القرار يعني قبول مجلس الدولة طلبات الخريجات الجديدات للالتحاق بالمجلس مستقبلاً، أم لا.
"قرارات تاريخية"
ووصفت رئيس المجلس القومي للمرأة، الدكتورة مايا مرسي، عبر حسابها على موقع "فيسبوك"، القرارات الصادرة، الأربعاء، بأنها "قرارات تاريخية".
وفي مارس الماضي، تجاوبت مايا مرسي، مع توجيهات رئاسية بهذا الشأن، وشاركتها عبر صفحتها على "فيسبوك"، ووصفت التوجيهات بأنها "كسر للحاجز الزجاجي"، بقولها "كل الشكر سيادة الرئيس، كسر الحاجز الزجاجي للمرأة المصرية في مجلس القضاء الأعلى، ومجلس الدولة، إرادة سياسية دائماً وأبداً منصفة للمرأة المصرية، أحلى خبر في اليوم العالمي للمرأة".
"استجابة منقوصة"
في المقابل، اعتبر شريف جمال، المدير التنفيذي لبرامج المشاركة في مؤسسة قضايا المرأة، لـ"الشرق" أن "اقتصار التعيين في المجلس على عضوات الهيئات القضائية، وعدم فتح الباب للخريجات الجديدات، يعد استجابة منقوصة للمطالب التي ننادي بها منذ سنوات".
وأطلقت مؤسسة قضايا المرأة بالتعاون مع مؤسسة "نظرة" للدراسات النسوية حملة "هي والمنصة" عام 2016 بهدف تسليط الضوء على غياب النساء عن عدد من المناصب القضائية.
وأضاف شريف: "نتمنى تفعيل المادة 11 من الدستور التي تتيح للمرأة شغل المناصب القضائية، وأن يمتد القرار ليشمل فتح الباب لجميع الخريجات من الدفعات القادمة للتعيين في مجلس الدولة، وكذلك فتح الباب لتعيينات استثنائية للدفعات القديمة، ولا سيما الفتيات اللاتي أقمن دعاوى قضائية على مدار سنوات للمطالبة بحقهن في التعيين أسوة بزملائهن من الذكور".
"المنصة حقها"
وقالت أمنية طاهر جاد الله، مؤسسة مبادرة "المنصة حقها" في تصريحات لـ"الشرق": "ما زلنا نطالب بفتح باب التعيين لكافة الخريجات، وألا يقتصر على عضوات الهيئات القضائية حتى يستحق القرار الاحتفال به"، مضيفة "سأشعر عندها أن مجهودي طوال الـ 8 سنوات الماضية لم يذهب هدراً حتى لو لم أتعين شخصياً في مجلس الدولة، ولكني سأشعر بالانتصار عندما تستطيع أي خريجة أن تقوم بذلك دون أن يمنعها شيء".
وتُعد أمنية أحد الوجوه النشطة في السنوات الأخيرة في قضية تمكين خريجات كليات الحقوق والشريعة والقانون من تقلُد المناصب القضائية.
و"المنصة حقها" هي مبادرة حقوقية توعوية تهدف لدعم الفتيات ومكافحة التمييز في ما يتعلق بقضية حرمانهن من دخول القضاء، وتعمل منذ عام 2014 على بناء الوعي بالقضيّة والحرص على تمثيلها وتداولها بوسائل الإعلام.
وتخرّجت أمنية في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر عام 2013 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، لكنها اصطدمت برفض محاولتها الالتحاق بمجلس الدولة بعد تخرجها، عن طريق تقدمها لشغل وظيفة "مندوب مساعد" بمجلس الدولة، ومنذ ذلك الوقت وهي تقدم الشكاوى، وتقيم الدعاوى القضائية لتمهيد طريقها وطريق زميلاتها لتقلُد المناصب القضائية.
وخسرت أمنية، أولى دعاواها القضائية عام 2017، وهو العام الذي أعلنته الدولة "عام المرأة المصرية"، ولذلك "كان الحكم صادماً لها، فبالتزامن مع وضع استراتيجية تمكين المرأة التي تستهدف أن يكون 25% من الجهاز القضاء نساء بحلول 2030، يصدر حكم قضائي مضمونه أن المرأة لا تصلح لتقلد منصب القاضي"، بحسب أمنية.
وشهد أواخر عام 2020، صدور آخر حُكم في القضية ذاتها، من حيث ترتيب درجات التقاضي، لتخسر المعركة بأكملها.
مطلب قديم
وشهدت العقود الماضية، محاولات نسائية عديدة للالتحاق بالسلك القضائي المتمثل في القضاء الجنائي، والنيابة العامة، وقضاء مجلس الدولة، ونظر القضاء المصري عشرات الدعاوى القضائية من خريجات كليات الحقوق، بشكل فردي، أو عبر روابط الخريجات المتضررات من عدم السماح لهن بدخول السلك القضائي، منذ خمسينيات القرن الماضي.
وفي عام 2003 شهدت مصر تحولاً في هذا الملف، حين صدر قرار جمهوري من الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، بتعيين المحامية تهاني الجبالي، مستشارة في المحكمة الدستورية العليا، بدرجة نائب رئيس المحكمة، لتصبح أول قاضية في تاريخ مصر.
وشهدت الأعوام التالية، تعيين عشرات المئات من السيدات في السلك القضائي، حتى وصل عددهن أخيراً إلى 66 قاضية في القضاء الجنائي، و1980 في النيابة الإدارية، وأكثر من 670 في هيئة قضايا الدولة، وفقاً لوزير العدل المصري.
وقالت تهاني الجبالي، في تصريحات لـ"الشرق"، إنها الأكثر سعادة بتوجيه رئيس الجمهورية، باعتباره "الحكم بين السلطات" طبقاً للدستور، لاستكمال مشوار وجود المرأة في القضاء، والذي بدأ قبل 18 عاماً حين صدر قرار تعيينها.
وأشارت، إلى أن الوضع الحالي يجسد "مخالفة دستورية صارخة" بعدم قبول النساء في النيابة العامة ومجلس الدولة، لأن المادة 11 من الدستور، تكفل تعيين النساء في تولي جميع الوظائف العامة، ووظائف الإدارة العليا، ومن بينها الهيئات القضائية.
وأضافت: "تدخل الرئيس حاسم على المستوى الدستوري"، معربة عن أملها في تواجد المرأة في كافة الدفعات التي يتم تعيينها، وأن يكون تواجدها دائماً وليس موسمياً، لأنه السبيل الوحيد لتصحيح الوضع القائم.
"مسألة وقت"
وعلى الرغم من ترحيب عدد من الجهات القضائية بانضمام المرأة لصفوفها في الأعوام الأخيرة، إلا أن مجلس الدولة على وجه التحديد كان يبدو حصناً منيعاً أمام النساء، ففي أوائل 2010، صوتت الجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة بأغلبية ساحقة ضد تعيين المرأة بالمجلس.
وكان الرئيس السابق للمجلس الدولة، أحمد أبوالعزم، صرح أواخر عام 2018 بأنه "لا يوجد مانع قانوني أو دستوري أو تشريعي يمنع تعيين المرأة في مجلس الدولة، لكنها مجرد مسألة وقت لبعض الاستعدادات، فتعيين النساء في المجلس يتطلب توفير أماكن لهن على سبيل المثال".
لكن على الرغم من ذلك، شهد عام 2020 رفض إحدى دوائر محكمة القضاء الإداري (إحدى محاكم مجلس اللدولة) الطعن على بعض مواد لائحة المجلس، وقرارات الجمعية العمومية التي عقدت عام 2010، بخصوص تعيين النساء بالمجلس.
يوم القضاء المصري
من جهة أخرى قرر المجلس الأعلى للهيئات القضائية الذي يرأسه رئيس الجمهورية، في اجتماعه، الأربعاء، اعتبار الأول من أكتوبر سنوياً يوماً للقضاء المصري، وتوحيد المستحقات المالية بين الدرجات المناظرة في الهيئات القضائية الأربع، وهي القضاء، ومجلس الدولة، والنيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة، وعدم تكرار ندب القضاة في أكثر من جهة، عدا وزارة العدل، وتحديد سقف زمني لمدة الندب.
اقرأ أيضاً: