
قال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، الأربعاء، إن أزمة الطاقة الحالية مع الارتفاع الكبير في الأسعار على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا "شبيهة في حدتها بالصدمة النفطية في عام 1973"، في إشارة إلى حرب تحرير سيناء في أكتوبر 1973، والتي أعلنت فيها الدول العربية المصدرة للنفط وقف إمدادات الدول الغربية الداعمة لإسرائيل في مواجهة مصر.
وأوضح الوزير الفرنسي، في أعقاب الحظر الأميركي للنفط الروسي، أن هناك خطة ثانية كبيرة من المساعدات الرسمية على غرار ما حصل خلال وباء كورونا "ستغذي ارتفاع الأسعار".
وارتفعت أسعار النفط الأربعاء وسط مخاوف من صدمة محتملة في المعروض بعد إعلان الولايات المتحدة حظر واردات النفط الروسية ووسط مؤشرات على أن بعض المشترين يتجنبونها بالفعل.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 2.91 دولار، بما يعادل 2.27%، إلى 130.89 دولار للبرميل بحلول الساعة 05.20 بتوقيت جرينتش، الأربعاء، بعد أن قفزت 3.9%، الثلاثاء.
وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 2.34 دولار، أو 1.89%، إلى 126.04 دولار للبرميل، الأربعاء، بعد ارتفاعها أيضاً 3.6%، الثلاثاء.
وفرض الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء، حظراً فورياً على الواردات الروسية من النفط وغيرها من واردات الطاقة وقالت بريطانيا إنها ستوقف واردات النفط الروسية تدريجياً حتى نهاية عام 2022 رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقالت شركة شل، الثلاثاء، إنها ستتوقف عن شراء الخام الروسي وتوقف تدريجيا أنشطتها في قطاع الهيدروكربونات الروسية لتصبح من أولى شركات النفط الغربية الكبرى التي تنهي نشاطها بالكامل في روسيا.
نفط بلا مشترين
في غضون ذلك، أشارت تقديرات بنك "جولدمان ساكس" إلى أن أكثر من نصف النفط الروسي الذي يُصدر من الموانئ، لم يتم بيعه، في حين قدر "جيه بي مورجان" أن حوالي 70% من النفط الروسي المنقول بحراً يواجه صعوبة في إيجاد مشترين.
ورجح محللون أن يؤدي الحظر الأميركي، إلى بقاء مزيد من الشحنات الروسية عالقة في البحار دون مشترين، كما استبعدوا أن يكون لقرار الاتحاد الأوروبي مواصلة الاستيراد، أثر يذكر على الفوضى التي حلت بتجارة النفط الروسية.
وقال كلاي سيجل خبير استراتيجيات الطاقة في هيوستون، نقلاً عن بيانات من شركة فورتكسا، إنه عندما أعلن بايدن الحظر الأميركي كانت هناك 34 شحنة من النفط الروسي على متن 26 سفينة متجهة للولايات المتحدة معظمها من الوقود وكان تحمل 3.2 مليون برميل من النفط الخام.
وقدر بنك "جولدمان ساكس" أن أكثر من نصف النفط الروسي المصدّر من موانئ لم يتم بيعه حتى الآن، مشيراً، إلى أنه "إذا استمر ذلك فسيمثل انخفاضاً قدره 3 ملايين برميل يومياً من صادرات النفط والمنتجات النفطية الروسية المحمولة بحراً".
مخاوف من اضطراب الإمدادات
وصعدت أسعار النفط أكثر من 30% منذ بدأت روسيا، ثاني أكبر مصدر للخام في العالم، غزو أوكرانيا في 24 فبراير الماضي. وقال محللون إن المخاوف من مزيد من الاضطرابات في إمدادات النفط وسط تصعيد للعقوبات على موسكو عززت الشراء.
وقالت فاندانا هاري، مؤسسة فاندانا إنسايتس لتحليل سوق النفط "يستمر الضغط التصاعدي على أسعار النفط في تعزيز الأسعار حيث تستوعب السوق تداعيات حظر الاستيراد الأميركي للنفط الروسي وتنتظر تفاصيل حظر موسكو للصادرات".
وقفزت أسعار النفط، الاثنين الماضي، إلى أعلى مستوياتها منذ يوليو 2008، إذ بلغ سعر خام برنت 139.13 دولار للبرميل وسجل خام غرب تكساس الوسيط 130.50 دولار.
وارتفعت مخزونات الخام الأميركية 2.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الرابع من مارس، مقابل توقعات المحللين بهبوطها، لكن مخزونات البنزين ونواتج التقطير تراجعت وفقاً لمصادر السوق نقلاً عن أرقام معهد البترول الأميركي، الثلاثاء.
"الفوضى ستعم"
ولم يشارك الاتحاد الأوروبي في الحظر لأنه أكثر اعتماداً على إمدادات النفط والغاز الروسية. واستقرت إمدادات الغاز لأوروبا حتى الآن منذ الغزو، لكن موسكو حذرت، الاثنين، من أن فرض عقوبات على النفط الروسي قد يدفعها لإغلاق خط رئيسي يمد أوروبا بالغاز، في إشارة إلى "نورد ستريم 1".
وقال متعاملون إن الارتباك الحالي في تجارة النفط بفعل ابتعاد التجار عن الإمدادات الروسية بسبب الخوف من الوقوع تحت طائلة العقوبات المفروضة على روسيا سيتدهور على الأرجح بعد الحظر الأميركي.
واستبعد المتعاملون، أن يكون لقرار الاتحاد الأوروبي مواصلة الاستيراد أثر يذكر على الفوضى التي حلت بتجارة النفط الروسية.
وتصدر روسيا حوالي 7 ملايين برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات المكررة تمثل حوالي 7% من المعروض العالمي.
وقال روجر ديوان نائب رئيس الخدمات المالية في "ستاندرد أند بورز جلوبال"، "تحويل مسار التدفقات التجارية يستغرق وقتاً. فهو يُحدث اختلالاً في السوق".
خسائر مؤلمة في أسواق آسيا
وسجلت أسواق المال الآسيوية أداءً متبايناً، الأربعاء، بعد خسائر مؤلمة على مدى 3 أيام حل مكانها استقرار نسبي. فحققت آسيا بعض الارتفاع صباحاً لكن المستثمرين واجهوا صعوبات في المحافظة على الزخم حسبما ذكرت "فرانس برس".
وارتفعت أسعار الأسهم في سيدني وبومباي وسنغافورة وتايبيه ومانيلا وجاكرتا وبانكوك وويلنجتون، بينما تراجعت في طوكيو (0.3 % لمؤشر نيكاي) وهونج كونج (2.8%) وشنغهاي (2.7%).
وتراجعت عمليات البيع في أجواء الهلع التي شهدتها الأسواق لأسبوعين. لكن محللين حذروا من مزيد من التقلبات إذ لم يصدر عن روسيا أي مؤشر يدل على تراجع في غزوها لأوكرانيا.
وغذت الأزمة المخاوف من أن التعافي العالمي الهش من وباء كورونا ستحل محله فترة من الركود التضخمي، أي ارتفاع التضخم مع بقاء الاقتصاد ثابتاً أو انكماشه. والدافع الأساسي لبيع الأسهم هو الارتفاع الهائل في أسعار السلع.
التخلف عن سداد الديون
وحذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، من أن موسكو على وشك التخلف عن سداد ديونها السيادية للمرة الأولى منذ العام 1998 حسبما ذكرت "فرانس برس".
وقال رودريجو كاتريل من مصرف "ناشونال أستراليا بنك"، إن "الأسواق ما زالت متقلبة وغير قادرة على أن تحدد بدقة الآثار المترتبة على تدفق الأخبار نظرا للوضع المعقد للاقتصاد العالمي".
وأضاف أن المؤشرات الصادرة من رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي الذي أعلن، الثلاثاء، أنه لم يعد يصر على انضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي، "تواجه واقع أنه حتى إذا تم التوصل إلى تسوية، ستضيف عواقب العقوبات طبقة أخرى إلى مشاكل الإمدادات والخدمات اللوجيستية والعديد من أسواق السلع بما في ذلك النفط والنيكل والغاز".
ارتفاع الذهب والتضخم
واقترب سعر الذهب، الملاذ الآمن من مستوى قياسي جديد إذ يندفع المستثمرون لشرائه لاتقاء مخاطر التضخم. وبلغ سعر المعدن الأصفر 2069.25 دولار، الثلاثاء، وهو أعلى مستوى له، قبل أن يتراجع قليلاً.
وزاد الضغط التصاعدي مع أنباء تفيد بأن مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين تقدمت بمشروع قانون لفرض عقوبات ثانوية على أي شخص يشتري أو يبيع الذهب الروسي، في خطوة تهدف إلى منع موسكو من تصفية ممتلكاتها لدعم الروبل المنهار.
وتسجل أسعار الذهب ارتفاعاً منذ أسابيع مع وصول التضخم إلى مستوى لم تشهده الولايات المتحدة منذ 40 عاماً مما دفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى بدء زيادة أسعار الفائدة.
ويتوقع كل المحللين ارتفاعاً أكبر في أسعار الذهب على الرغم من الضربة الاقتصادية التي تمثلها حرب أوكرانيا.
وقالت جوان فيني من مجموعة "أدفايزر كابيتال مانيجمنت" لتلفزيون "بلومبرغ" إن "الاحتياطي الفيدرالي لا يتوقف عن العمل على ما يبدو فيما يتعلق بمشكلة التضخم التي يحاول حلها عن طريق رفع معدلات الفائدة".
اقرأ ايضاً: