مخاوف من استخدام طالبان أنظمة بيومترية أميركية

time reading iconدقائق القراءة - 7
أحد مشاة البحرية الأميركية يجري مسحاً للعين بكاميرا HIIDE خلال دورية حول منطقة كاريز سيدي، ولاية هلمند الأفغانية في 11 أبريل 2010.  - REUTERS
أحد مشاة البحرية الأميركية يجري مسحاً للعين بكاميرا HIIDE خلال دورية حول منطقة كاريز سيدي، ولاية هلمند الأفغانية في 11 أبريل 2010. - REUTERS
دبي-الشرق

يثير نظام المقاييس الحيوية، الذي يحتوي على المعلومات الشخصية لملايين الأفغان، قلقاً بين دعاة حقوق الإنسان خشية استخدامه من قبل حركة طالبان، لتحديد من عملوا مع الحكومة الأفغانية أو المنظمات الدولية وإلحاق الأذى بهم، خصوصاً بعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد.

ووفقاً لموقع "إن بي سي نيوز"، فإن النظام، الذي أنشأته الولايات المتحدة منذ أكثر من 15 عاماً وشاركته جزئياً مع الحكومة الأفغانية، يحتوي على ملايين البصمات ومسحات لقزحية العين، وصوراً لوجوه مواطنيين أفغان جُمعت بياناتهم الحيوية من قبل الولايات المتحدة وقوات التحالف، الذين تم تكليفهم بتسجيل أكبر عدد ممكن من الأشخاص.

ويعد الهدف من هذا النظام المساهمة في الجهود العالمية لتحديد وتعقب الإرهابيين، من خلال بناء قاعدة بيانات لبصمات الأصابع، وغيرها من المُعرفات التي يمكن استخدامها لتعقب مصدر الهجمات.

نداء لمحو البيانات

والأسبوع الماضي، وقعت 36 من منظمات المجتمع المدني، رسالة مشتركة تدعو الحكومات ومنظمات الإغاثة والمتعاقدين من القطاع الخاص، الذين أنشؤوا قواعد بيانات في أفغانستان، إلى "اتخاذ إجراءات فورية لإغلاقها ومحوها".

وجاء في مضمون الرسالة: "في ظل الأنظمة الاستبدادية، تم استخدام هذه البيانات البيومترية، لاستهداف الأشخاص المعرضين للخطر، وتزيد قواعد البيانات الرقمية القابلة للبحث، من مخاطر إساءة استخدام هذه البيانات".

ولفتت تلك المنظمات إلى أنه حال تمكن طالبان من الوصول إلى قاعدة البيانات أثناء توليها السلطة بأفغانستان، فيمكنها إنشاء "قوائم مستهدفة من الأشخاص الذين عملوا مع قوات التحالف أو الجماعات الحقوقية".

من جانبه، نفى إريك باهون، المتحدث السابق باسم وزارة الدفاع الأميركية، أن تكون تلك البيانات البيومترية في خطر، قائلاً إن "الولايات المتحدة اتخذت إجراءات حكيمة لضمان عدم وقوع البيانات الحساسة في أيدي طالبان".

استهداف النساء

عسكريان أميركيان عملا في مشروع جمع القياسات الحيوية، قالا لـ "إن بي سي نيوز"، إن هناك مخاوف من استخدام أي قائمة بيانات بيومترية على وجه التحديد، لاستهداف النساء.

وبحسب تقرير للأمم المتحدة، فإنه رغم وعود طالبان الأخيرة بحماية حقوق المرأة، إلا أن ناشطات أفغانيات أبلغن عن تعرضهن للضرب.

وأشار التقرير إلى أن عدد النساء والأطفال الذين لقوا حتفهم هذا العام، وصل إلى أعلى مستوياته منذ أن بدأت الأمم المتحدة في حفظ السجلات عام 2009.

وقال أحد العسكريين: "يشعر الكثير من الأفغان بالقلق من أنه إذا كانت هناك طريقة ما لاستخدام طالبان لمعلومات القياسات الحيوية، فيمكن استخدامها لاستهداف النساء اللاتي يعملن في أي من المناصب الحكومية، أو الشرطيات أو الصحفيات اللاتي عملن في جمع القياسات الحيوية في البلاد".

ولم تحدد وزارة الدفاع الأميركية عدد الأفغان الموجودين في النظام، لكن قدامى المحاربين الذين عملوا في جمع القياسات الحيوية في أفغانستان يقولون إنها واسعة النطاق. 

"تنميط عنصري" 

وظهرت أنظمة القياسات الحيوية في السنوات الأخيرة، كطريقة للحكومات لإنشاء قواعد بيانات للأشخاص الذين يمكن التعرف عليهم من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل. 

وتقوم الصين بجمع عينات الحمض النووي والمعلومات البيومترية من أقلية الإيغور وغيرهم الذين أُجبروا على دخول معسكرات الاعتقال في الجزء الغربي من البلاد.

واستشهد المسؤولون الصينيون بإمكانية مكافحة الجريمة لهذه التكنولوجيا، لكن المدافعين عن حقوق الإنسان يخشون من استخدام البيانات البيومترية لتكثيف التنميط العنصري، أو تعقب المنشقين أو أي شخص يرفض الامتثال لأجندة الحكومة.

وفي الهند، عملت الحكومة سنوات لبناء أكبر نظام لتحديد الهوية البيومترية في العالم، حيث تم تسجيل أكثر من مليار شخص. 

ويستخدم النظام لتوزيع الخدمات الاجتماعية، لكنه تلقى انتقادات لاذعة من المدافعين عن الفقراء الذين يقولون إن "مواطن الخلل الفنية التي يعاني منها النظام، أدت إلى إنكار الفوائد التي دفعت البعض إلى المجاعة".

"الحرب على الإرهاب"

في المقابل، قال أحد العسكريين المشاركين في حرب أفغانستان إن "النظام قد لا يكون ذا فائدة كبيرة، من دون أشخاص مدربين على استخدامه".

وعلى عكس كلمة المرور أو بطاقة الهوية، فإن المعلومات الحيوية، مثل بصمات الأصابع أو فحص شبكية العين، يصعب اختراقها أو تزويرها، ما يجعلها طريقة موثوقاً بها لتحديد هوية الأفراد بشكل إيجابي.

وبدأت الولايات المتحدة في جمع البيانات البيومترية للأفغان بشكل جدي في عام 2006، وبحلول عام 2009، كان مكتب التحقيقات الفيدرالي والجيش الأميركي يتشاركان مجموعات البيانات البيومترية رسمياً مع الحكومة الأفغانية، ويدربان الأفغان على كيفية تحليل البيانات.

ثم في عام 2011، سلمت الولايات المتحدة رسمياً بعض مجموعات البيانات البيومترية إلى الحكومة الأفغانية.

وقال ضابط أميركي سابق عمل عن كثب على البرنامج الأميركي لـ "إن بي سي نيوز": "في ما يتعلق بالسجلات الأولية، كانت على قرص صلب خارجي تم حمله يدوياً وتسليمه إلى مقاول لبناء وإدارة السجلات للحكومة الأفغانية".

وأشار الضباط الثلاثة إلى أن الهدف كان في المقام الأول، أن يكون لدى قوات الأمن "قاعدة بيانات لبصمات الأصابع للبحث في حال العثور على قنبلة في أي مكان في البلاد".

ولفتوا إلى أن ذلك كان جزءاً مما أطلق عليه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش في ذلك الوقت "الحرب العالمية على الإرهاب".

كتيبات على eBay

في غضون ذلك، ذكرت صحيفة The Intercept الأسبوع الماضي، أن طالبان استولت في وقت سابق من هذا الشهر على أجهزة HIIDE، التي تقوم بمسح بصمات الأصابع وقزحية العين وصور الوجوه وتسمح للأشخاص بجمع المعلومات لإدخال التفاصيل الديموغرافية.

ووفقاً للضباط السابقين، فإن كتيبات حول كيفية استخدام تلك الأجهزة معروضة حالياً للبيع على موقع eBay.

وقال ويلتون تشانغ، ضابط استخبارات سابق بالجيش وكبير مسؤولي التكنولوجيا في منظمة "هيومن رايتس فيرست": "الآن بعد أن أصبحت لديهم المعدات، من المحتمل أن يبدؤوا قاعدة بياناتهم الخاصة". 

وكانت تلك المنظمة أصدرت الأسبوع الماضي دليلاً حول كيفية حماية البيانات البيومترية من إساءة استخدامها من قبل طالبان مترجمة إلى لغتي الباشتو والدارية، السائدتين في أفغانستان.