أفادت مصادر "الشرق" في إسطنبول، الخميس، بأن السلطات التركية أصدرت قراراً باقتصار تغطيات القنوات المصرية التي تبث من تركيا على الشؤون الاجتماعية والثقافية فقط.
وأضافت المصادر أن التعليمات التركية لهذه القنوات المقربة من جماعة الإخوان شملت "تجنب الشأن السياسي وعدم الإشارة للرئيس والحكومة المصرية"، إلى جانب "التخلي عن أسلوب التحريض والإساءة للدولة المصرية".
ونفت المصادر فرض الإقامة الجبرية على أي من عناصر الجماعة المقيمين في تركيا، لكنها أفادت بأن السلطات التركية "طالبت 30 من أعضاء الإخوان المصريين بالتزام الصمت وعدم الإدلاء بتصريحات سياسية".
وقف الحملات الإعلامية
وفي القاهرة، قال مصدر مصري لـ"الشرق"، إن السلطات التركية وعدت بـ"وقف التدخل في الشؤون المصرية عبر الفضائيات التي تبث من أراضيها"، متوقعاً إغلاق هذه القنوات قريباً "إثباتاً لحسن النية".
وقالت مصادر مطلعة لـ"الشرق" إن مسؤولين أمنيين من مصر وتركيا اتفقوا على "وقف الحملات الإعلامية بين الجانبين وبدء تعاون استخباراتي".
وأضافت أن "مسؤولاً أمنياً تركياً رفيعاً قد يصل القاهرة الأسبوع المقبل للبدء في تفاهمات مع نظرائه المصريين".
وتابعت المصادر أنه "لن يتم إبرام اتفاق مع تركيا في شرق المتوسط قبل حل مشكلاتها الحدودية مع اليونان وقبرص"، مشيرة إلى أن "القاهرة لم تطلب استلام قيادات الإخوان المقيمين في تركيا وإنما وقف أنشطتهم".
برامج منوعات
وأعلن عدد من برامج تلك القنوات اعتذارها عن عدم البث هذه الليلة، دون أن توضح الأسباب. كما قال مقربون من أوساط عناصر الإخوان المقيمين في تركيا، الخميس، إن السلطات التركية خيّرت القنوات التابعة للجماعة بين الإغلاق أو التحول لتقديم "برامج خفيفة ومنوعات".
وتأتي هذه الأنباء وسط مؤشرات على تقارب مصري تركي قد ينهي حالة الجفاء التي سادت بين البلدين منذ عام 2013 حين رفضت أنقرة الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتمي للإخوان، وفتحت الباب أمام الجماعة لإطلاق قنوات فضائية تتهمها القاهرة بالتحريض على العنف، كما شهدت العلاقة خلافات حادة بشأن ملفي ليبيا وشرق المتوسط.
أقطاي: نصحنا بوقف التحريض.. ولا إغلاق
وقال مستشار حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، ياسين أقطاي، في تصريحات صحفية إنه "لا يوجد قرار بإغلاق القنوات، وتركيا لم تكن تتابع هذه القنوات وعندما جاء الطلب راقبتها وأعطت نصائح بألا تكون محرضة".
وأضاف: "كل ما هنالك هو مطالبة بإعادة النظر في الخطاب الإعلامي الموجه لمصر وضبط الألفاظ تحت طائلة القوانين المتعارف عليها إعلامياً.. نحافظ على حقوق المصريين ومن المستحيل أن يتم تسليم أي مصري للنظام"، مشيراً إلى أن "من صدر بحقه حكم بالإعدام فسيبقى هنا آمناً.. لا يوجد أي قرار بغلق القنوات في إسطنبول ولا توجد أي تضحية بأحد العاملين بالإعلام أو بأي مصري على أرض تركيا".
"بدء الاتصالات"
وكانت أنقرة أعلنت الأسبوع الماضي "بدء الاتصالات الدبلوماسية بين تركيا ومصر، على مستوى الاستخبارات ووزارة الخارجية"، فيما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن "تعاوننا الاقتصادي والدبلوماسي والاستخباراتي مع مصر متواصل، ولا يوجد أي مشكلة في هذا".
وأضاف أردوغان في تصريحات نقلتها وكالة "الأناضول" التركية الرسمية: "نريد استمرار الاتصالات مع مصر، وإذا حققت نتائج إيجابية فسنعمل على تقويتها ورفع مستواها".
من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في تصريح لوكالة "الأناضول": "أجرينا اتصالات على مستوى الاستخبارات ووزارتي الخارجية. لقد بدأت الاتصالات الدبلوماسية".
وأوضح الوزير التركي أن استئناف العلاقات يجري "بخطوات صغيرة"، بموجب "استراتيجية معينة، خريطة طريق".
وقال: "بطبيعة الحال، هناك نقص في الثقة مع الأخذ بعين الاعتبار القطيعة لأعوام طويلة، وهذا أمر طبيعي، يمكن أن يحدث لدى الطرفين، ولهذا تجري مباحثات في ضوء استراتيجية وخريطة طريق معينة"، مشيراً إلى أن "المحادثات تتواصل".
"الأقوال لا تكفي"
في المقابل، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الأحد، إن عدم تدخل تركيا في الشؤون الداخلية لمصر قد يكون "منطلقاً" لبناء علاقات طبيعية بين البلدين، مؤكداً أنه لا يوجد تواصل مع الجانب التركي خارج الإطار الدبلوماسي الطبيعي.
وأضاف شكري خلال اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، أن الوضع السياسي بين مصر وتركيا ارتبط بالمواقف السلبية التي اتخذها الساسة الأتراك تجاه مصر، معتبراً أن تلك المواقف لا تعكس العلاقة بين شعبي البلدين.
ولفت وزير الخارجية المصري إلى أن "الأقوال لا تكفي، وإنما ترتبط بالأفعال والسياسات، التي تعيد أي علاقات لوضعها الطبيعي". وتابع "إذا ما لمسنا تغييراً في السياسة التركية تجاه مصر وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وانتهاج سياسات إقليمية تتوافق مع السياسة المصرية، فقد تكون هذه أرضية ومنطلقاً للعلاقات الطبيعية".