نهج بايدن التصالحي مع كوبا يصطدم بالسياسات الداخلية

time reading iconدقائق القراءة - 5
الرئيس الأميركي جو بايدن وخلفه نائبته كامالا هاريس خلال خطاب في البيت الأبيض - 15 يوليو 2021 - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن وخلفه نائبته كامالا هاريس خلال خطاب في البيت الأبيض - 15 يوليو 2021 - REUTERS
دبي-أ ف ب

تصطدم الآمال المعقودة على تخفيف الرئيس الأميركي جو بايدن القيود الصارمة التي فرضها سلفه دونالد ترمب على التجارة والسفر إلى كوبا، بالواقع السياسي الداخلي وضغوط المجتمع الكوبي - الأميركي المعارض لهافانا، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس" عن محللين.

وكان بايدن نائباً للرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما ، حين اتّبع الأخير في عام 2014 نهج تحسين العلاقات مع كوبا، إذ أعاد فتح الممثليات الدبلوماسية ورفع حظراً كان مفروضاً منذ عقود، ما أتاح للسياح الأميركيين زيارة الجزيرة الشيوعية والاستيراد منها.

لكن الدعم داخل الولايات المتحدة للاحتجاجات التي شهدتها كوبا الأسبوع الماضي، والهامش الضيق للغالبية الديمقراطية في الكونغرس، يفسّران سبب عدم رفع بايدن العقوبات التي فرضها ترمب على هافانا في السنوات الأربع الأخيرة.

وكان بايدن أعلن خلال حملته الانتخابية العام الماضي، أنه سيلغي قرارات اتُّخذت ضد كوبا في عهد ترمب. لكن لدى سؤاله الخميس عن إمكان رفع الحظر الأميركي المفروض على كوبا، بدا أن بايدن غيّر موقفه، إذ صرّح للصحافيين بأن "كوبا للأسف دولة فاشلة، وتقمع شعبها.. هناك مجموعة من الأمور التي قد ننظر في القيام بها لمساعدة شعب كوبا، لكن الأمر قد يتطلب ظرفاً مغايراً أو ضمانة بألا تستغلها الحكومة".

مسار تصالحي نسفته الاحتجاجات

وبعدما تولى بايدن الرئاسة في يناير، مارس ديمقراطيون كثر ضغوطاً عليه لإلغاء قرارات اتّخذها ترمب.

وفي الثاني من مارس، حضّ 80 مشرّعاً بايدن على تحرك سريع من أجل "العودة إلى مسار دبلوماسي بدأته إدارة أوباما - بايدن، والسعي إلى رفع نهائي للحظر الاقتصادي المفروض منذ نحو 6 عقود"؛ وطالبوه خصوصاً بإلغاء قرار اتخذه ترمب في التاسع من يناير، أي قبل أيام قليلة من انتهاء ولايته، صنّف بموجه كوبا "دولة راعية للإرهاب".

لكن الاحتجاجات التي شهدتها كوبا على خلفية القمع الاجتماعي والسياسي غيّرت المعادلة، واغتنم الجمهوريون الفرصة لاتهام الديمقراطيين بدعم النظام الكوبي.

وجاء في بيان لترمب، الذي لا يزال يتمتع بتأثير سياسي كبير لدى الجمهوريين، أن "إدارة بايدن ترتكب خيانة بحق شعب كوبا المتعطش للحرية. أنا ناضلت من أجل كوبا، هم لم يفعلوا".

مصلحة انتخابية

وقال المحلل في "مركز التقدم الأميركي"، دان ريستريبو، إن الديمقراطيين قد يحتاجون إلى دعم المجتمع الكوبي - الأميركي، المناهض بشدة لهافانا، لضمان مواصلة سيطرتهم على الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر 2022. وشدد ريستريبو على صعوبة الفصل بين السياسة الداخلية وتلك المتّبعة بالنسبة إلى كوبا.

والعام الماضي، خسر الديمقراطيون 5 مقاعد في الكونغرس عن ولاية فلوريدا، بينها مقعدان في ميامي ذات الكثافة الكوبية، ما قلّص غالبية الحزب في مجلس النواب إلى هامش ضئيل. لذا، فإن غالبية الديمقراطيين يحضّون حالياً بايدن على مواصلة النهج المتشدد حيال كوبا، وخصوصاً الإبقاء على قرارات ترمب.

وشدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، بوب ميننديز، لشبكة "إم.إس.إن" على ضرورة "تحدّي النظام"، مضيفاً "يجب أن يتغير النظام للسماح للشعب الكوبي بالازدهار". وميننديز مولود لمهاجرَين كوبيَّين، وتضم دائرته الانتخابية في ولاية نيوجيرزي جالية كوبية كبيرة.

وجاء في تغريدة أطلقتها النائبة الديمقراطية عن جنوب فلوريدا، ديبي واسرمان شولتس: "نحن متضامنون مع آلاف المحتجين السلميين الذين يتحدّون النظام القمعي في كوبا. عسى أن تثمر شجاعتهم وهذه اللحظة التاريخية تغييراً حقيقياً".

"فرصة سياسية"

وقال المحلل ريستريبو، إن من الصعب الحصول على تأييد المجتمع الكوبي في الولايات المتحدة لتخفيف القيود عن هافانا، لافتاً إلى أن الوافدين مؤخراً من كوبا أكثر تحفظاً من أي وقت مضى.

وأضاف أن "التشدد حيال كوبا حالياً بغاية التشدد في صفوف الكوبيين في جنوب فلوريدا حيث يطالب رئيس بلدية ميامي بتدخل عسكري".

وأظهر استطلاع أجراه "معهد الأبحاث حول كوبا في جامعة فلوريدا الدولية" العام الماضي، أن 60 بالمئة من الكوبيين الأميركيين في جنوب فلوريدا يؤيدون إبقاء الحظر.

لكن الاستطلاع أظهر أيضاً أن غالبية كبيرة تؤيد نهج أوباما - بايدن في ما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية، وبيع الأغذية والأدوية، وإتاحة السفر واسع النطاق إلى الجزيرة، والتحويلات المالية التي حظرها ترمب.

ورأى خبير الاستطلاعات الديمقراطي، فرناند أماندي، أن قضية كوبا قد تصب في مصلحة بايدن إذا تعامل معها بشكل استباقي وعمد إلى زيارة المجتمع الكوبي في فلوريدا، معتبراً أن الأمر قد يكون "هدية سياسية". وأعرب الخبير في حديثه لمحطة "إن.بي.أر"، عن اعتقاده بأنه في حال قرر بايدن اتّباع "نهج التريث والانتظار" فإن "الفرصة ستضيع".

اقرأ أيضاً: