"كسارة البندق".. نوتات موسيقية تحولت لرمز عيد الميلاد

time reading iconدقائق القراءة - 4
مشهد من عرض مسرحية "كسارة البندق"  - ballet.org.uk
مشهد من عرض مسرحية "كسارة البندق" - ballet.org.uk
القاهرة -آلاء عثمان

في ختام كل عام، ومع اقتراب الاحتفالات بعيد الميلاد (الكريسماس) بمظاهرها البراقة حول العالم، تستعد المسارح كذلك لاستقبال أحد أبرز العروض الفنية الموسمية "باليه كسارة البندق" الذي يصحب المُشاهد في رحلة إلى عالم خيالي مليء بالرقص والموسيقى، إذ تمضي طفلة روسية ليلة عيد ميلاد استثنائية بفضل دُميتها الجديدة "كسارة البندق" والقليل من السحر.

وعلى الرغم من أن العرض الكلاسيكي ذي الفصلين خالٍ من التفاصيل والمشاهد الدينية، إلا أنه تمكن عبر عقود طوال من التحول إلى رمز فني لموسم أعياد الميلاد، يهتم بحضوره الآلاف كل عام في ثوبه الأصلي، أو مع إضافة بعض التحديثات العصرية على العرض المستمر منذ 129 عاماً.

جذور أوروبية

رُفع الستار لأول مرة عن "باليه كسارة البندق" في عام 1892، في مدينة سانت بطرسبرج الروسية وعلى خشبة مسرح مارينسكي الإمبراطوري آنذاك، لينضم بذلك إلى أيقونات أخرى من عروض البالية الروسية كـ"الجمال النائم".

إلا أن جذور القصة المطروحة عبر الحركات الراقصة والنوتات الموسيقية أوروبية تماماً، إذ إن أول من وضع قصة كسارة البندق كان الكاتب الألماني إرنست هوفمان عام 1816، وعُرفت باسم "كسارة البندق وملك الفئران" وفقاً لتقرير أوردته هيئة الإذاعة البريطانية BBC.

وخلال أربعينيات القرن الـ19، تبنى الكاتب الفرنسي ألكسندر دوماس القصة ذاتها، وأنتج منها نسخته الخاصة التي استوحت منها روسيا قصتها الجذابة لاحقاً.

مهمة تاريخية

يعود فضل التأليف الموسيقي لبيتر إليتش تشايكوفسكي، الموسيقار الروسي الذي ارتبط اسمه كذلك ببعض من أشهر عروض الباليه الروسية التي وضع موسيقاها، كـ"بحيرة البجع" و"الجمال النائم"، إلا أن الموسيقار الشهير لم يقرر العمل على المقطوعة الجديدة بشكل منفرد، بل كُلف رسمياً بتأليفها من قِبل مدير المسرح الإمبراطوري في موسكو الموسيقار إيفان فسيفولوزكي.

وكان ذلك في عام 1891، أي بعد ما يزيد عن 70 عاماً من وضع القصة الأصلية، كما اشترك في إخراج العرض بشكله النهائي الفرنسي ماريوس بتيبا مصمم الرقصات، ليخرج العرض في ثوبه النهائي قبل الاحتفال بالكريسماس بأسبوع واحد فقط، وفقاً لموقع "كسارة البندق" التابع لفرقة بالية موسكو.

كلارا والدمية

وتدور أحداث الباليه المكون من فصلين عن طفلة تُدعى كلارا، تتلقى من أحد أقاربها هدية عجيبة في ليلة عيد الميلاد، دمية على هيئة جندي تُقشر حبات البندق.

تُعجب الطفلة باللعبة بشدة وتتسلل في الليل من سريرها، لتجد أن العم الذي أهداها الدمية قد حول ملامح المنزل بسحره، فانقلب إلى ساحة حرب بين الجنود ومجموعة من الفئران المخيفة.

تنجح دمية كسارة البندق في الفوز بالمعركة وتتحول لأمير وسيم يراقص الفتاة، وينتقلان معاً إلى أرض الخيال، ويزوران أرض الحلوى، ويشهدان رقصات عربية وفرنسية، فضلاً عن رقصات جنية السكر، إلى أن تستيقظ الفتاة من نومها لتكتشف ما إذا كانت مغامرتها محض حلم أم حقيقة.

الانتشار غرباً

على الرغم من تلك البداية المُبكرة في روسيا، لم يحقق عرض الباليه نجاحاً وانتشاراً عالمياً سوى بعد عقود، بالتحديد في ثلاثينيات القرن الـ20، عندما عُرض لأول مرة في بريطانيا، ثم الولايات المُتحدة، ووصل العرض إلى ذروة نجاحه في عام 1954، عندما استقبلت مدينة نيويورك نسخة جديدة من الباليه قدمها مصمم الرقصات الروسي الأميركي جورج بالانشين.

وإلى اليوم، لا تزال العشرات من فرق الباليه تقدم عروضاً متباينة حول العالم، فهناك نُسخة "كسارة البندق الروسية" التي تتضمن تفاصيل مميزة كظهور شخصية ديد موروز، أو "أبو الكريسماس الروسي" فضلاً عن "حمامة السلام"، التي تظهر في أرض السلام والوئام البديلة لأرض الحلوى في الفصل الثاني.

كما ظهرت عروض راقصة مؤخراً مستوحاة من الباليه الأصلي، تمزج بين الموسيقى الكلاسيكية والغناء وأطياف الرقص المعاصر والباليه كعرض "كسارة البندق – الشيكولاتة الساخنة" الأميركي، الذي قدمته أكاديمية ديبي ألين للرقص.