قال جوزيب بوريل المنسق الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن التكتل يقود جهوداً من أجل الوصول إلى "حل وسط" لإنهاء الأزمة التي تهدد بتقويض محادثات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران.
وأضاف وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، السبت في تصريحات لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، إن التكتل الذي يشارك في المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، والمستمرة منذ أكثر من عام، يقوم بـ"محاولة أخيرة" لإنقاذ الاتفاق النووي وإنهاء حالة الجمود.
وأوضح جوزيب بوريل أن إنريكي مورا منسق الاتحاد الأوروبي في محادثات فيينا سيزور طهران لمناقشة القضية، لافتاً إلى أن إيران "كانت مترددة للغاية". ووصف الدفعة الدبلوماسية الأوروبية بأنها "الرصاصة الأخيرة".
ووفقاً لـ"فاينانشال تايمز"، يدرس بوريل سيناريو يجري بموجبه رفع تصنيف الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأميركية للتنظيمات الإرهابية، ولكن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي ذكر، حسب الصحيفة، أن التصنيف سيظل قائماً على أجزاء أخرى من التنظيم، في إشارة إلى "فيلق القدس" الذي لديه عدة أذرع تمتد عبر جهاز الأمن، وإمبراطورية تجارية مترامية الأطراف.
واقترح محللون أن أحد خيارات التسوية بالنسبة للولايات المتحدة، هو رفع "التصنيف الإرهابي" عن الحرس الثوري وإبقاؤه على "فيلق القدس"، وهو الوحدة المسؤولة عن عمليات الحرس في الخارج التي تسلّح وتدعم الجماعات المسلحة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وأدرج "فيلق القدس" منذ عام 2007 في قائمة التنظيمات الإرهابية، بينما أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تصنيف الحرس الثوري "منظمة إرهابية" في 2019، بعد عام من انسحابه من الاتفاق النووي.
وفرض ترمب مئات العقوبات على إيران في إطار حملة "الضغط الأقصى" على البلاد. وردت طهران بتكثيف نشاطها النووي، وهي تخصب الآن اليورانيوم بأعلى مستوياته على الإطلاق، قرب مستوى تصنيع الأسلحة.
ووعد الرئيس الأميركي جو بايدن بالانضمام إلى الاتفاق إذا عادت إيران للامتثال له، وأمضى الاتحاد الأوروبي شهوراً في التوسط في محادثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران في فيينا.
ويصر مسؤولون غربيون على أن الاتفاق جاهز للتوقيع، لكن لم تُجرَ أي مفاوضات في فيينا منذ مارس الماضي، بينما قالت طهران مراراً إنها مستعدة للتوقيع، إذا لبت واشنطن مطالبها.
"تردد" إدارة بايدن
ويقول محللون إن إدارة جو بايدن كانت مترددة في إزالة تصنيف "الحرس الثوري" لأنها ستواجه رد فعل عنيفاً في الداخل، وبالقدر نفسه من جانب حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
ومضى بوريل قائلاً: "في لحظة معيّنة، يجب عليّ أن أقول، بصفتي منسقاً (لمحادثات فيينا)، إنني أطرح هذا الاقتراح على الطاولة رسمياً.. ستكون هذه نقطة التوازن الوحيدة الممكنة".
وتابع محذراً: "لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو إلى الأبد، لأن إيران في هذه الأثناء تواصل تطوير برنامجها النووي".
وأردف: "الملف مطروح على طاولة الرئيس بايدن نفسه، ومناقشاتي مع (وزير الخارجية الأميركي أنتوني) بلينكن وصلت إلى الحدود القصوى".
في المقابل، نقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية،لم تذكر اسمه، قوله إن واشنطن لا تتفق مع إيران في أنه ينبغي لها ربط التصنيف الإرهابي بالمحادثات النووية.
وأضاف المسؤول: "إذا كان يهم الإيرانيين أن نرفعها، فسنحتاج إلى شيء يبدد مخاوفنا غير النووية في المقابل"، محذراً من أنه في حال "أصرت إيران على أنه لا بد من رفع التصنيف، ورفضت جميع الأفكار التي طرحناها، فسيحدث انهيار في المحادثات".
تداعيات غزو أوكرانيا
في إشارة إلى تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على المحادثات، قال بوريل إن المفاوضين لن يمنحوا إيران مهلة نهائية.
ويقول محللون إنهم قلقون من إثارة أزمة منفصلة مع إيران، وإنهم حريصون على إبرام اتفاق يمكّن طهران من زيادة صادراتها النفطية للمساعدة في وقف ارتفاع أسعار الطاقة واستبدال الخام الروسي، بحسب الصحيفة.
وأشار بوريل إلى أن الولايات المتحدة وإيران تريدان إبرام اتفاق، مضيفاً: "سنستفيد نحن الأوروبيين كثيراً من هذا الاتفاق، لقد تغيّر الوضع الآن. بالنسبة لنا كان أمراً حسناً.. لكن لسنا بحاجة إليه. أما الآن ففي غاية الأهمية أن يكون لدينا مورد (خام) آخر. والأميركيون بحاجة إلى نجاح دبلوماسي".
دخلت طهران العام الماضي في محادثات غير مباشرة مع واشنطن من أجل إنهاء العقوبات الأميركية التي قلّصت الإيرادات بشدة وفاقمت الصعوبات الاقتصادية على الإيرانيين، ما أثار استياء عاماً. لكن المحادثات متوقفة منذ مارس الماضي لأسباب أهمها إصرار طهران على أن ترفع الولايات المتحدة "الحرس الثوري" الإيراني من على قائمتها للمنظمات الإرهابية في الخارج.
مورا يزور طهران
وذكرت وكالة "نور نيوز" شبه الرسمية في إيران، السبت، أن منسق الاتحاد الأوروبي بشأن المحادثات النووية إنريكي مورا سيزور طهران، الثلاثاء.
وقالت الوكالة على تويتر: "قد تعتبر هذه الرحلة خطوة جديدة في المشاورات البناءة بخصوص القضايا القليلة المهمة الباقية في محادثات فيينا".
وكانت مصادر دبلوماسية أوروبية أكدت في وقت سابق أن الاتحاد الأوروبي يسعى لكسر جمود محادثات فيينا، وثني طهران عن مطلب رفع تصنيف "الحرس الثوري" من قائمة التنظيمات الإرهابية الأميركية.
وأضافت المصادر الدبلوماسية أن الاتحاد الأوروبي يرغب في وضع عبء المفاوضات على طهران، إذ إن الأطراف المشاركة في المحادثات تقترح على إيران طريقاً للخروج من هذه الأزمة دون "شرط الحرس الثوري".
في حين أفادت مصادر لـ"رويترز" بأن المسؤولين الغربيين "فقدوا الأمل" إلى حد كبير في إمكانية إحياء الاتفاق النووي، ما أجبرهم على التفكير في كيفية الحد من برنامج إيران النووي، حتى في الوقت الذي أدى فيه الغزو الروسي لأوكرانيا إلى حدوث انقسام بين القوى الكبرى.
وعلى الرغم من أن الغرب لم يفقد الأمل كلياً في إحياء الاتفاق الذي تقوم طهران بموجبه بتقييد برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية، فإن هناك اعتقاداً متزايداً بأن "الأوان قد فات لإنقاذه".
وأعرب أربعة دبلوماسيين غربيين عن شعور مماثل بقرب انهيار جهود إحياء الاتفاق الذي أبرمته إيران مع بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة عام 2015، قبل أن ينسحب منه الرئيس الأميركي السابق في 2018.
اقرأ أيضاً: