حقائق وأرقام عن الخلاف النفطي بين بغداد وأربيل

time reading iconدقائق القراءة - 10
حقل لاستخراج النفط في أربيل بإقليم كردستان العراق، 16 أغسطس 2014. - REUTERS
حقل لاستخراج النفط في أربيل بإقليم كردستان العراق، 16 أغسطس 2014. - REUTERS
دبي-الشرق

دخل الخلاف على إدارة الموارد النفطية بين الحكومة العراقية الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، مرحلة جديدة من التصعيد، الأسبوع الجاري، بإصدار أعلى سلطة قضائية في البلاد أمراً يعطي الحكومة المركزية حق التصرف في النفط المنتج في الإقليم.

وألزمت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، الثلاثاء، حكومة إقليم كردستان بتسليم كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في الإقليم إلى الحكومة الاتحادية ممثلة في وزارة النفط الاتحادية.

ورفضت حكومة كردستان العراق، الأربعاء، الأمر القضائي، معتبرة أنه "غير دستوري"، وقالت إنها ستتخذ "جميع الإجراءات الدستورية والقانونية والقضائية، لضمان وحماية جميع العقود المبرمة في مجال النفط والغاز".

وإزاء هذا الوضع، دعا الرئيس العراقي برهم صالح، الخميس، لإطلاق حوار "جاد وعاجل" بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان.

"الشرق" تستعرض الخلاف الشائك والمستمر منذ عام 2007 بين بغداد وأربيل، من دون أن يصل حتى الساعة إلى حل توافقي.

1 - ما سبب الأزمة؟

تصر حكومة بغداد على أنها الوحيدة صاحبة الحق في استغلال ثروات البلاد النفطية وبيعها، بما في ذلك الثروات النفطية بإقليم كردستان.

 في المقابل، تصر حكومة إقليم كردستان، الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1991، هي الأخرى على حقها في بيع النفط المستخرج من الأراضي الخاضعة لسيطرتها.

وتتباين ترجمة الحكومتين لبعض مواد الدستور العراقي الصادر عام 2005، خصوصاً ما يتعلق بصلاحيات كل طرف في إنتاج النفط  وتصديره والتعامل مع الشركات الأجنبية.

ومع بقاء قانون النفط والغاز العراقي حبيساً في مرحلة الصياغة منذ عام 2007 بسبب خلافات بين الفرق البرلمانية، فإن الجمود السائد على مدى السنوات الماضية، سمح لحكومة إقليم كردستان (إلى حد كبير) بضخ النفط والغاز وبيعهما، من دون معوقات.

2 - كيف يفسر الطرفان المواد الخاصة بالنفط في الدستور؟

الحكومة الاتحادية تركز على المادة 111 من الدستور العراقي التي تنص على أن "النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات"، كما تستند إلى تفسير المادة 110 من الدستور التي تنص على أن "تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الآتية: أولاً، رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي، والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية وسياسات الاقتراض والتوقيع عليها وإبرامها، ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية".

وتعتبر الحكومة أن تصدير النفط ومشتقاته، يدخل في إطار السياسة الاقتصادية والتجارية.

في المقابل، تستند حكومة كردستان في البداية على المادة 117 من الدستور والتي تنص على الآتي: "يقر هذا الدستور عند نفاذه، إقليم كردستان وسلطاته القائمة إقليماً اتحادياً".

وبالتالي، تعتبر حكومة إربيل أن الإقليم له سيادة ويمارس كامل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبالطبع من بينها سلطة تصدير منتجاته.

كما تستند على تفسيرها الخاص للمادة 112 والتي تقول: "تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدة محددة للأقاليم المتضررة والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق والتي تضررت بعد ذلك بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد وينظم ذلك بقانون".

وترى حكومة الإقليم أن المادة الدستورية "اعترفت بحق إقليم كردستان في استخراج و استكشاف وتطوير  حقول نفط والغاز في الإقليم".

3-  متى بدأت الأزمة؟

تفجرت الأزمة في مايو 2014، حين بدأ إقليم كردستان تصدير النفط من خلال خط أنابيب مستقل عبر تركيا، على الرغم من احتجاجات بغداد التي تقول إنها وحدها هي التي تملك السلطة لبيع النفط.

وجاء قرار إقليم كردستان بالبدء في بيع النفط بمعزل عن الحكومة الاتحادية، بعد أزمة مالية خانقة، فضلاً عن الخلافات مع بغداد، التي دفعت الحكومة المركزية إلى إيقاف صرف رواتب موظفي الإقليم، بحسب وكالة "رويترز".

وكانت الحكومة المركزية في بغداد تصرف شهرياً 453 مليار دينار (نحو 380 مليون دولار) لرواتب موظفي الإقليم، لكنها أوقفتها بعد إجراء الإقليم استفتاء على الاستقلال من جانب واحد، وبسبب ما قالت بغداد إنه "عدم التزام الإقليم بتسليم إنتاجه النفطي وفقاً لبنود الموازنة الاتحادية".

4  - على أي أساس قانوني يصدّر إقليم كردستان النفط؟

قبل الشروع في تصدير النفط بشكل مستقل عن الحكومة الاتحادية، سبق لحكومة كردستان أن أصدرت في فبراير 2007 قانوناً خاصاً بها أرسى التوجيهات التي تدير من خلالها ملف الطاقة، هو قانون النفط والغاز لإقليم كردستان.

وقالت حكومة كردستان إنها قررت تصدير وبيع نفط الإقليم بشكل منفرد، بعد "قطع حصة الإقليم من الميزانية الاتحادية، بقرار من الحكومة الفيدرالية عام 2014"، مشيرةً إلى أن تلك الحصة كانت تستخدمها لتأمين رواتب الموظفين، وتقديم الخدمات العامة وواجباتها تجاه المواطنين.

ولفتت إلى أن القرار جاء بناء على قانون النفط والغاز لإقليم كردستان، والذي ينص على أنه "على حكومة الإقليم اتخاذ ما تراه مناسباً من الإجراءات، بموجب أحكام هذا القانون لتحصيل حقوق الإقليم المالية، لتغطية كل المستحقات التي تمتنع الحكومة الاتحادية عن أدائها".

5 - ما موقف القضاء؟

في 15 فبراير الجاري، أصدرت المحكمة الاتحادية، أعلى سلطة قضائية في العراق، حكماً بعدم دستورية قانون النفط والغاز الخاص بإقليم كردستان، وألزمت الحكومة بـ"تسليم النفط إلى الحكومة الاتحادية" في بغداد.

وألزم الحكم "حكومة الإقليم بتسليم كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في الإقليم والمناطق الأخرى التي استخرجت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم النفط منها، وتسليمها إلى الحكومة الاتحادية، وتمكين الحكومة العراقية من استخدام صلاحياتها الدستورية بخصوص استكشاف النفط واستخراجه وتصديره"، بحسب وكالة الأنباء العراقية.

6 - كم يبلغ إنتاج النفط في كردستان؟

يملك إقليم كردستان احتياطيات نفطية ضخمة تصل إلى ثلث إجمالي إنتاج العراق، بحسب وكالة "رويترز".

وذكر تقرير لشركة "ديلويت" المكلفة بالتدقيق في حسابات القطاع النفطي الكردي، أن الإقليم "صدر خلال النصف الأول من عام 2021 أكثر من 77 مليون برميل من النفط عبر الأنابيب، فضلاً عن 4 ملايين برميل للاستهلاك المحلي، بمعدل سعر يصل إلى 53 دولاراً للبرميل".

وأوضح أن "قيمة العائدات بلغت 4 مليارات و100 مليون دولار، وحصلت حكومة الإقليم على مليار و737 مليون دولار، فيما كان المبلغ المتبقي من حصة الشركات العاملة ونفقات النقل وغيرها".

7 - ما حصة بغداد من النفط الكردي؟

في عام 2019، وقعت بغداد وأربيل، اتفاقاً على آلية تصدير نفط الإقليم يقضي بتسليم بغداد 250 ألف برميل نفط من أصل ما يزيد على 400 ألف برميل يومياً إلى بغداد، مقابل حصتها في الميزانية الاتحادية التي تستخدمها حكومة كردستان لدفع رواتب الموظفي.

وعلى الرغم من الاتفاق، إلا أن وزير النفط إحسان عبد الجبار، قال لوكالة الأنباء العراقية في سبتمبر 2020، إن إقليم كردستان ظل يصدر النفط من دون تشاور مع الحكومة الاتحادية.

8- كيف تصرف كردستان عائدات النفط؟

تقول حكومة كردستان، إنها تنفق إيرادات النفط "وفقاً للميزانية السنوية التي تعتمدها الحكومة"، مشيرةً إلى أنها استخدمتها في السنوات الأخيرة "من أجل دفع رواتب أكثر من 1.3 مليون موظف في القطاع العام، بالإضافة إلى مقاتلي البشمركة وقوات الأمن الداخلي وعوائن الشهداء والمتقاعدين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعية.

وفي ديسمبر الماضي، نقلت صحيفة "إندبندنت" عن رئيسة برلمان إقليم كردستان ريواز فائق، قولها إن "عائدات النفط الشهرية تُقدّر بـ900 مليون دولار، لكن ما يدخل الخزانة لا يتجاوز 350 مليوناً".

9 - لماذا يباع النفط الكردي بثمن أقل؟

بحسب وكالة "رويترز"، فإن إقليم كردستان يبيع النفط بسعر 20 دولاراً للبرميل تقريباً، فيما قالت المعارضة في برلمان كردستان إن الإقليم يحصل على 22 دولاراً فقط من السعر البالغ 53 دولاراً.

وتفسر حكومة كردستان هذا الأمر بقولها إن "جزءاً كبيراً من النفط في كردستان ثقيل حمضي، ما يفسر جزئياً سبب بيعه بسعر مخفض"، فضلاً عن أن "التنافس هو سبب آخر، إذ أن الخلاف مع حكومة بغداد وطرق التصدير المحدودة أوجب على حكومة إقليم كردستان جعل صادراتها النفطية أكثر تنافسية من أجل بيعها وإنتاجها".

وفي في يناير 2021، أكد علاء الياسري، المدير العام الشركة الوطنية لتسويق النفط في العراق "سومو"، لوكالة الأنباء العراقية،  أن "أغلب العقود التي تم الاطلاع عليها تشير إلى أن نفط إقليم كردستان يباع بسعر أقل بما بين 6 و 9 دولارات عن سعر البيع عن طريق الشركة، وهذا يُعدُّ خسارة".

10 - ما دور تركيا في الأزمة؟

تصدر كردستان إنتاجها النفطي بشكل رئيسي عبر خط الأنابيب الخاص بها، الذي يمر عبر أراضي الإقليم باتجاه ميناء جيهان التركي، والذي يمكنه نقل مليون برميل يومياً.

ويشحن إقليم كردستان النفط الخام إلى صهاريج للتخزين في ميناء جيهان عبر خط الأنابيب الذي بناه وبدأ تدفق النفط فيه في ديسمبر 2013، بحسب وكالة "رويترز".

وانتقدت بغداد الدور الذي تلعبه تركيا المجاورة، واعتبرت أن تحميل نفط كردستان من ميناء جيهان عمل "غير شرعي" من جانب السلطات التركية. 

وكانت أنقرة تنتظر موافقة بغداد قبل السماح لكردستان بتصدير النفط بشكل مستقل، لكنها عادت واعترفت في 2014 بأنها تسلّم للأسواق العالمية نفطاً مصدره كردستان العراق.

واعتبرت تركيا أنها أتاحت وقتاً كافياً للدبلوماسية وأنه لا فائدة تذكر من تأجيل الصادرات في ظل امتلاء الصهاريج، بحسب وكالة "رويترز".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات