روسيا: تركيا قد تتراجع عن عملية برية مقررة في سوريا

time reading iconدقائق القراءة - 8
المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف يحضر اجتماعا خلال المشاورات حول سوريا في جنيف بسويسرا- 11 سبتمبر 2018.  - REUTERS
المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف يحضر اجتماعا خلال المشاورات حول سوريا في جنيف بسويسرا- 11 سبتمبر 2018. - REUTERS
دبي- الشرق

قال مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، الخميس، إن موسكو على استعداد لتوفير منصة للقاء رئيسَي سوريا وتركيا، مشيراً إلى أن أنقرة "قد تتراجع" عن القيام بعملية عسكرية برية مقررة شمالاً.

وأضاف لافرينتييف في تصريحات لوكالة "سبوتنيك": "أعتقد أن موسكو ستكون مستعدة لتوفير منصة للقاء الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والسوري بشار الأسد، إذ كانت هناك رغبة مشتركة بين الجانبين. أنا لا أشك في ذلك".

وتابع: "مثل هذا الاجتماع مهم للغاية، ولكن يجب التحضير له بشكل صحيح، وتجب تهيئة ظروف معينة لذلك"، مشدداً على أهمية أن ترسل نتائج هذا الاجتماع "الإشارة الصحيحة" إلى جميع أطراف النزاع، بحيث يسهم في التسوية السورية.

وعلى الرغم من عدم وجود تأكيدات من قبل أنقرة حول إمكانية التراجع عن عملية برية في سوريا، فإن المبعوث الروسي قال إن "هناك احتمالاً لعدول تركيا عن القيام بعمليتها البرية".

وأردف: "موضوع العملية البرية التركية ترك بصماته على مسار الاجتماع الدولي الـ 19 بشأن سوريا في أستانا (عاصمة كازاخستان) ، حيث ناقشته روسيا مع الوفدين التركي والإيراني ومع ممثلين عن دمشق".

وقال لافرينتييف: "أريد أن أقول إننا بشكل عام حاولنا استخدام هذه المنصة للتحدث بقدر كبير من التفصيل مباشرة مع شركائنا الأتراك، طبعاً لم نتلق تأكيدات بأن العملية البرية لن تنفذ، لكن مع ذلك يبدو أن هناك احتمالية بأن يعدلوا عن تنفيذ هذه العمليات".

وأردف: "هذا يعتمد إلى حد كبير على تصرفات تلك التشكيلات الموجودة في شمال شرق سوريا، وعلى الأعمال الجديدة المحتملة والهجمات الإرهابية"، موضحاً أن روسيا "تتواصل بشكل وثيق للغاية من خلال وزارات الدفاع وتحاول إقناع الجميع بضرورة الامتناع عن هذه الخطوات".

وأكد لافرينتييف أن "لا أحد يريد تصعيد التوتر ليس فقط في منطقة شمال شرق سوريا، ولكن أيضاً في جميع أنحاء المنطقة، وربما أكثر، في جميع المناطق. لذلك لا يزال هناك أمل في أن تتخلى تركيا عن العملية".

يأتي ذلك، إثر إعلان الرئيس التركي، الأربعاء، أنّ بلاده "مصممة أكثر من أي وقت مضى" على حماية حدودها الجنوبية مع سوريا بوجه المسلحين الأكراد، في حين لفت إلى أنّ عملية للقوات البرية ستبدأ هناك في "الوقت الملائم"، فيما أبدى استعداداً للقاء نظيره السوري، معتبراً أنه "لا توجد خلافات أبدية" في السياسة.

اتفاقات سارية

وعلّق لافرينتييف على إمكانية مراجعة الاتفاقات مع تركيا بشأن سوريا، قائلاً إنه "لا توجد حاجة لمراجعة الاتفاقيات مع تركيا بشأن سوريا فهي تبقى سارية المفعول".

وأضاف: "جميع الاتفاقات واضحة وصالحة. نحن فقط بحاجة، كما يقولون، للعزم على التوصل للنتائج السلمية"، موضحاً أن روسيا "تبذل كل ما في وسعها للوفاء بالتزاماتها بموجب هذه الاتفاقات، التي تنص على أن وحدات الدفاع الذاتي الكردية من الأراضي السورية يجب ألا تقوم بأي أعمال استفزازية ضد تركيا، وأنه يجب إخراجها جميعاً من المنطقة على بعد 30 كيلومتراً".

وشدد لافرينتيف على أن العمل في هذا الاتجاه "مستمر"، وسيكون من الخطأ القول إن روسيا في هذه الحالة بالذات "لا تفي بالتزاماتها".

وأضاف أنه بالمقابل "هناك التزامات تقع على عاتق تركيا وتنطوي على انسحاب الجماعات المسلحة غير الشرعية مثل (هيئة تحرير الشام) المحظورة في روسيا و(الجيش الوطني السوري) خلف الطريق السريع (إم-4) إلى الشمال".

وتابع: "لكن كما نعلم، لم يتمكن الجانب التركي بعد من الوفاء بهذه الالتزامات. نأمل أيضاً أن تواصل تركيا، من جانبها، بذل قصارى جهدها للوفاء بالتزاماتها"، مشدداً على أن موسكو "مستعدة" لتقديم الوساطة لسوريا وتركيا في تنظيم المفاوضات على مستويات مختلفة.

وقال في هذا الصدد: "بالطبع نحن على استعداد لتقديم كل دعم ممكن، والمساعدة بالوساطة لتنظيم مثل هذه المفاوضات على مختلف المستويات"، مؤكداً أن روسيا ترى أن على رؤساء أجهزة الاستخبارات في كلا البلدين "مواصلة الاتصالات على الرغم من تفاقم الأوضاع".

التوتر بين دمشق وأنقرة، يأتي على وقع اتهام الأخيرة وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا بقتل شخصين في هجمات بمدافع المورتر شنتها من شمال سوريا، الاثنين الماضي، في أعقاب عمليات جوية قامت بها تركيا في مطلع الأسبوع، وهجوم بقنبلة وقع في شارع تجاري مزدحم في إسطنبول قبل أسبوع.

يشار إلى أن تركيا نفذت عمليات عدة في شمال سوريا في السنوات القليلة الماضية، واستخدمت مسيرات في العديد من الضربات الجوية، في حين أن واشنطن المتحالفة مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وموسكو، حليفة دمشق، تسيطران على جزء كبير من المجال الجوي السوري.

واشنطن تحض على وقف التصعيد

من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة أنّها تتفهم ما سمته "المخاوف الأمنية المشروعة" لتركيا في ما يتعلق "بالإرهاب"، لكن دعتها إلى "الوقف الفوري" للتصعيد في شمال سوريا.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان، إن "الولايات المتحدة تدعو إلى وقف فوري للتصعيد في شمال سوريا".

وأضاف: "نشعر بقلق بالغ إزاء الأعمال العسكرية الأخيرة التي تزعزع استقرار المنطقة، وتهدد هدفنا المشترك لمحاربة داعش، وتُعرّض المدنيين والجنود الأميركيين للخطر"، معرباً عن خالص التعازي لوقوع خسائر في أرواح المدنيين في سوريا وتركيا.

وتابع: "نتفهم أن تركيا لديها مخاوف أمنية مشروعة في ما يتعلّق بالإرهاب. في الوقت نفسه، عبرنا باستمرار عن مخاوفنا الجدية بشأن تأثير التصعيد في سوريا على أهدافنا (لمحاربة) داعش، وعلى المدنيين على جانبي الحدود".

من جهتها، أفادت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، الأربعاء، بأن الضربات الجوية التركية الأخيرة في شمال سوريا "هددت سلامة العسكريين الأميركيين"، مشيرة إلى أن "الوضع المتصاعد يعرِض للخطر سنوات من التقدم ضد مقاتلي تنظيم داعش".

وقال المتحدث باسم البنتاجون، البريجادير جنرال بات رايدر، في بيان، إن "الضربات الجوية الأخيرة في سوريا هددت بشكل مباشر سلامة الأفراد الأميركيين الذين يعملون في سوريا مع شركاء محليين لهزيمة تنظيم داعش".

وفي وقت سابق، الأربعاء، قالت القيادة المركزية للجيش الأميركي، إنَّ غارة تركية في شمال سوريا عرَّضت قواتها "للخطر".

واستهدفت مسيّرة تركية، الثلاثاء، قاعدة عسكرية مشتركة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، والتحالف الدولي بقيادة واشنطن في محافظة الحسكة (شمال شرقي)، وفق ما أعلنته "قسد"، مشيرة إلى سقوط اثنين من عناصرها.

وقال المكتب الإعلامي للقيادة المركزية لوكالة "فرانس برس"، الأربعاء: "تلقينا معلومات.. أفادت بأنه كان ثمة خطر على القوات والأفراد الأميركيين" جراء القصف التركي، من دون تسجيل أي إصابات في صفوفهم.

والتحالف الدولي هو الداعم الرئيس لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، وعمودها الفقري "وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تصنّفها أنقرة منظمة "إرهابية"، وتعتبرها امتداداً لـ"حزب العمال الكردستاني".

وينتشر بضع مئات من عناصر قوات التحالف الدولي، وأبرزها القوات الأميركية، في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد، ويتمركزون في قواعد في محافظة الحسكة والرقة (شمال) ودير الزور (شرق).

اقرأ أيضاً:

تصنيفات