زعيمة ميانمار تحضّ الشعب على رفض "الانقلاب" وسط إدانات دولية للجيش

time reading iconدقائق القراءة - 7
جنود على طريق مغلق يؤدي إلى برلمان ميانمار في نايبيداو في 1 فبراير 2021 - AFP
جنود على طريق مغلق يؤدي إلى برلمان ميانمار في نايبيداو في 1 فبراير 2021 - AFP
دبي-الشرقوكالات

وصلت التوترات المتصاعدة بين جيش ميانمار والحكومة المدنية في البلاد إلى نقطة تحول جديدة، بعد إعلان الجيش حالة الطوارئ، واعتقال رئيس البلاد، وكبار قادة الحكومة، ما أثار موجة انتقادات وإدانات دولية.

واستيقظت البلاد، في وقت مبكر الاثنين، على انقطاع اتصالات واسع النطاق، وإغلاق البنوك، وجنود في زي الجيش يقومون بدوريات في شوارع يانغون، أكبر مدن ميانمار.

ولم يكن بوسع السكان الذين شغلوا أجهزة التلفاز لمعرفة ماذا يجري، سوى مشاهدة قناة "مياوادي" التلفزيونية المملوكة للجيش فقط، بعد حظر جميع القنوات الإخبارية الأخرى على ما يبدو، حسب وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.

بيان الجيش

قال الجيش في بيان أذاعته قناة "مياوادي"، إنه سيطر على البلاد لمدة عام واحد، وأشار إلى جزء من الدستور الذي صاغه الجيش، يسمح له بالحكم في أوقات الطوارئ الوطنية.

والاستيلاء على السلطة يُعزى جزئياً، بحسب بيان الجيش، إلى عدم اتخاذ الحكومة إجراءات بشأن مزاعمه حول "تزوير" انتخابات نوفمبر الماضي، وعدم تأجيل الانتخابات بسبب أزمة فيروس كورونا.

اعتقال قادة الحكومة

في وقت لاحق، أعلن المتحدث باسم حزب "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" الحاكم في ميانمار، اعتقال رئيس البلاد، يو وين مينت، ومستشارة الدولة (رئيسة الحكومة) الزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي، ومسؤولين كباراً آخرين في الحزب الحاكم، حسبما نقلت وكالة "رويترز"، خلال مداهمة في وقت مبكر من صباح الاثنين.

وتأتي هذه الاعتقالات في وقتٍ كان مُقرّراً أن يعقد مجلس النوّاب المنبثق عن الانتخابات التشريعيّة الأخيرة، أولى جلساته خلال ساعات. 

"تشي" تدعو لرفض "الانقلاب"

وبعد ساعات من اعتقالها برفقة عدد من المسؤولين، جاء أول رد من أونغ سان سو تشي، التي حضت الشعب على عدم القبول بـ"الانقلاب"، داعية إلى احتجاجات ضده.

وقال حزب المعارِضة السابقة، التي كانت تدير البلاد قبل إعلان الجيش لحالة الطوارئ، إن أونغ سان سو تشي أصدرت بياناً، نشره على صفحته عبر "فيسبوك"، أكدت فيه أن "الجيش يعيد البلاد مجدداً إلى حكم الديكتاتورية".

وقالت تشي في البيان الذي صدر باسمها: "أحث الناس على عدم قبول ذلك، والرد بكل إخلاص للاحتجاج على الانقلاب العسكري".

إغلاق المصارف

في الإطار نفسه، أعلن اتحاد المصارف في البلاد، إغلاق المصارف كافة في ميانمار على خلفية "الانقلاب العسكري" الذي قاده الجيش وإعلانه حال الطوارئ، وحتى إشعار آخر. 

وبعد الإعلان، بدأ صفوف الناس بالتشكل أمام ماكينات الصرف الآلي لسحب النقود، كما شاهد صحافيون في وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس". 

وقال شهود في مدينة يانغون، إن الجيش نشر جنوداً خارج مقر مجلس المدينة، فيما أعلن تلفزيون "إم أر تي"، الذي تديره الدولة، في صفحته على "فيسبوك"، عجزه عن البث "بسبب مشكلات فنية".

انتخابات جديدة

لكن الجيش تراجع في وقت لاحق، وتعهّد بإجراء انتخابات جديدة ما إن تنتهي فعالية حال الطوارئ التي أعلنها لمدة عام بعد تنفيذه "انقلاباً" في البلاد.

وقال العسكريون في بيان نُشر على صفحتهم على موقع "فيسبوك": "سنقيم ديمقراطية حقيقية متعددة الأحزاب"، مضيفاً أنه سيجري انتقالاً للسلطة بعد تنظيم "انتخابات عامة حرة وعادلة".

وقاد الجيش البورمي النافذ الاثنين انقلاباً وأوقف الزعيمة أونغ سان سو تشي، معلناً حال الطوارئ لعام، فيما تولى جنرالات المناصب الرئيسية. 

إدانات دولية

ودانت عواصم أجنبية عدة، على رأسها الولايات المتحدة على الفور "الانقلاب"، لتضم صوتها إلى الأمم المتحدة التي دانت اعتقال جيش ميانمار، الزعيمة أونغ سان سو تشي وزعماء سياسيّين آخرين.

قالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، في بيان إنّ "الولايات المتحدة تُعارض أيّ محاولة لتغيير نتائج الانتخابات الأخيرة أو عرقلة التحوّل الديمقراطي في بورما، وستتخذ إجراءات ... إذا لم يتم التراجع عن هذه الخطوات (الاعتقالات)".

ودان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون "الانقلاب" في ميانمار، والتوقيف "غير القانوني" لأونغ سان سو تشي، وقال في تغريدة إنه "يجب احترام تصويت الشعب والإفراج عن القادة المدنيين".

ودعا وزراء الخارجية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفرنسا، والصين، وأستراليا، واليابان، والهند، وسنغافورة، جيش ميانمار إلى "احترام إرادة شعب ميانمار التي عبّر عنها خلال الانتخابات"، و"حلّ الخلافات عبر الآليات القانونية"، والإفراج فوراً عن جميع القادة المعتقلين".

 

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان مساء الأحد، إنّه مع "الإعلان عن نقل كلّ السلطات التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة إلى الجيش"، فإنّ "هذه التطوّرات تشكّل ضربة قويّة للإصلاحات الديمقراطيّة في بورما".

اتهامات بـ"تزوير الانتخابات"

تأتي هذه الخطوة بعد أيام من تصاعد التوتر بين الحكومة المدنية وجيش ميانمار، الذي أثار المخاوف من حدوث انقلاب في أعقاب انتخابات يعتبرها الجيش "مزورة"، بعد أن جاءت بقادة المعارضة في البلاد.

وقبل أقل من يوم، نفى جيش ميانمار الذي حكم البلاد 5 عقود، أن يكون قائده هدّد بتنفيذ انقلاب، بعد شكوى المؤسسة العسكرية من تزوير الانتخابات النيابية، معتبراً أن وسائل الإعلام أساءت تفسير أقواله.

وتصاعد التوتر السياسي الأسبوع الماضي، في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، بعدما اعتبر ناطق باسم الجيش، أن "تنفيذ انقلاب ليس مستبعداً"، إذا ما تجاهلت السلطات شكاويه من تزوير واسع شهدته الانتخابات، التي نُظمت في الـ8 من نوفمبر الماضي.

فوز ساحق

وحقق حزب "الرابطة الوطنية للديمقراطية"، فوزاً ساحقاً، وهو الحزب الذي تتزعمه أون سان سو تشي، ابنة الجنرال أون سان الذي قاد مفاوضات استقلال البلاد.

ووصلت أونغ سان سو تشي، مستشارة الدولة، البالغة من العمر 75 عاماً، والحاصلة على جائزة نوبل للسلام إلى السلطة عقب فوز ساحق في انتخابات عام 2015 بعد خضوعها للإقامة الجبرية لعقود، وذلك في صراع من أجل الديمقراطية جعل منها أيقونة دولية، لكن مكانتها الدولية تضررت بعد فرار مئات الآلاف من مسلمي الروهينجا من عمليات عسكرية بإقليم راخين في غرب البلاد عام 2017.