وسط توتر مع الصين.. أميركا والهند ستعززان "شراكتهما الاستراتيجية"

time reading iconدقائق القراءة - 8
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يلقي خطاباً خلال جلسة مشتركة للكونغرس في واشنطن، وبدا وراءه نائب الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن - 8 يونيو 2016 - REUTERS
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يلقي خطاباً خلال جلسة مشتركة للكونغرس في واشنطن، وبدا وراءه نائب الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن - 8 يونيو 2016 - REUTERS
واشنطن - وكالات

اتفق الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، خلال اتصال هاتفي الاثنين، على تعزيز الشراكة بين بلديهما، اللذين يواجهان توتراً في علاقاتهما مع الصين، بالتزامن مع إجراء طائرات أميركيتان تدريبات في بحر الصين الجنوبي.

وتخوض الهند منذ 9 أشهر، مواجهة عسكرية مع الصين في لاداخ بجبال الهمالايا، على حدودهما المتنازع عليها. ويتواجد عشرات الآلاف من الجنود، من الجانبين، عند نقاط احتكاك في المنطقة.

وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن بايدن مصمّم على إنهاء العلاقة الملتبسة، التي نسجها سلفه دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وتودّد ترمب إلى بكين، ساعياً إلى إبرام اتفاق تجاري ضخم، مقلّلاً في الوقت ذاته من أهمية جهود الصين لإسكات الناشطين المؤيّدين للديمقراطية في هونغ كونغ.

وطمأن ترمب أيضاً الأميركيين في البداية إلى أن فيروس كورونا المستجد "تحت السيطرة جيداً" في الصين، قبل أن يحمّلها مسؤولية أسوأ أزمة صحية عامة تشهدها الولايات المتحدة منذ أكثر من قرن.

ترمب ومودي

وجمعت علاقة وثيقة بين ترمب ومودي. وقبل تفشي الفيروس بشكل واسع في العالم العام الماضي، أجرى ترمب زيارة استمرت يومين للهند، شملت تجمّعاً ضخماً في ملعب للكريكيت يتسع لـ 110 آلاف فرد.

جاء ذلك بعدما استضاف الرئيس الأميركي السابق مودي، في الولايات المتحدة عام 2019، في زيارة شملت رحلة إلى هيوستن، استقطبت نحو 50 ألف شخص، كثيرون منهم من الجالية الهندية الضخمة في الولايات المتحدة.

وأعلن البيت الأبيض أن بايدن ومودي "اتفقا على مواصلة التعاون الوثيق، لتعزيز الحرية والانفتاح في المحيطين، الهندي والهادئ". وأضاف أن الزعيمين "مصمّمان على ضرورة التمسك بسيادة القانون والعملية الديمقراطية" في ميانمار، بعد أيام على انقلاب عسكري شهدته الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا.

أما مودي فكتب على "تويتر" أنه يتمنى النجاح للرئيس الأميركي، وتابع: "الرئيس جو بايدن وأنا ملتزمان بنظام دولي قائم على القواعد. نتطلّع إلى تعزيز شراكتنا الاستراتيجية، لتعزيز السلام والأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وما وراءها".

اتفاق نووي مدني

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن بايدن كان، بصفته عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي، من أبرز المدافعين عن اتفاق نووي مدني، أبرمته واشنطن ونيودلهي في عام 2008، ومهّد لتزويد الولايات المتحدة الهند بمعدات متطوّرة وتكنولوجيا.

وأنهى الاتفاق عزلة فُرضت على الهند، بعدما نفذت اختبارات نووية في عام 1998، ورفضت التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي. كذلك تدعم واشنطن انضمام نيودلهي إلى "مجموعة مورّدي المواد النووية"، في خطوة عارضتها بكين.

يأتي الاتصال بين بايدن ومودي في وقت يتصاعد التوتر بين الهند والصين، إذ شهدت حدودهما، في يناير الماضي، صدامات عنيفة بين جيشي البلدين، في ولاية سيكيم بجبال الهمالايا.

وأفادت وكالة "فرانس برس" بأن وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكر أقرّ الشهر الماضي بأن "العلاقات مع الصين تضرّرت كثيراً، نتيجة حوادث العام الماضي".

أما هارش بانت، وهو أستاذ العلاقات الدولية في معهد "كينغز كولدج" في لندن، فاعتبر أن "الهمالايا ليست بالنسبة إلى بكين سوى مسرح آخر ضمن مشهد أوسع نطاقاً"، مضيفاً: "يريد الصينيون، من خلال التحرّك بهذه الطريقة مع الهند، والتدابير حيال تايوان، أن يروا كيف ستردّ إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن على هذه الجبهات المتعددة".

صدامات عنيفة

وكانت سيكيم، الواقعة على الشريط الحدودي بين الصين والهند، شهدت في مايو 2020 عراكاً بالأيدي ورشقاً بحجارة، بين عسكريين من البلدين. وقُتل في يونيو الماضي 20 جندياً هندياً وعدد غير معروف من القوات الصينية، خلال صدام في منطقة لاداخ، على الحدود التي يبلغ طولها 3500 كيلومتر.

وكتب كونستانتينو خافيير، وهو باحث في معهد "بروكينغز" في نيودلهي، في مجلة "فورين أفيرز" أواخر عام 2018، أن "الصين قلبت توازن القوى التقليدي في جنوب آسيا، من خلال عرض عضلات اقتصادي في منطقة كانت الهند تسيطر عليها منذ القرن التاسع عشر".

وأضاف: "باستثناء باكستان، سقطت الدول الأصغر حجماً المجاورة للهند تحت تأثير (بكين)، من نيبال وبوتان شمالاً إلى بنغلاديش وسريلانكا وجزر المالديف جنوباً. منذ التسعينيات، ضعفت قبضة الهند على المنطقة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن جيرانها يتجهون بشكل متزايد إلى الصين بوصفها مصدراً بديلاً لدعم التنمية".

تقارب أميركي - هندي

ودفع ذلك نيودلهي إلى التقارب مع واشنطن، لموازنة تزايد نفوذ بكين. وفي هذا الصدد، أبرمت الهند والولايات المتحدة اتفاقاً دفاعياً، في أكتوبر الماضي، يشمل "تبادل الطرفين معلومات عسكرية"، كما أورد موقع "إيجا تايمز".

وأضاف أن "واشنطن ستساعد الهند في تحديد مواقع أهداف العدو واستباق أعماله، من خلال استخدام صواريخ كروز وصواريخ باليستية وطائرات بلا طيار".

وتابع أن "الموقع الاستراتيجي للهند سيسهّل جهود الولايات المتحدة لاحتواء الصين، التي تجهد لإقامة قواعد بحرية في كل ميناء محتمل على المحيط الهندي".

تدريبات في بحر الصين الجنوبي

وفي الإطار، أجرت حاملتا طائرات أميركيتان تدريبات مشتركة في بحر الصين الجنوبي الثلاثاء، بعد أيام من إبحار سفينة حربية أميركية بالقرب من جزر تسيطر عليها الصين في المياه المتنازع عليها، أصبحت نقطة ساخنة أخرى في العلاقات المتوترة بين بكين وواشنطن.

وقالت البحرية الأميركية إن حاملتي الطائرات "تيودور روزفلت" و"نيميتز" ومجموعتيهما القتاليتين "أجريتا العديد من التدريبات بهدف زيادة التوافق العملياتي بين القطع، فضلاً عن قدرات القيادة والتحكم"، وذلك في أول عمليات ثنائية لحاملتي طائرات في الممر المائي المزدحم منذ يوليو 2020.

وتأتي التدريبات بعد أيام من تنديد الصين بإبحار المدمرة الأميركية "جون إس. ماكين" بالقرب من جزر باراسيل الخاضعة لسيطرة بكين. ووصفت واشنطن إبحار مدمرتها بأنه عملية لحرية الملاحة. وهذه أول مهمة من نوعها للبحرية الأميركية منذ تولي جو بايدن الرئاسة.

ويثير إبحار السفن الأميركية المتكرر بالقرب من الجزر، التي تحتلها بكين وتسيطر عليها في البحر، غضب الصين. وتقول الصين إن سيادتها لا يمكن دحضها، وتتهم الولايات المتحدة بتعمد إذكاء التوتر.

اقرأ أيضاً: