فشل انتخاب رئيس مجلس النواب يثير مخاوف بشأن الأمن القومي الأميركي

time reading iconدقائق القراءة - 9
لوحة تعرض عدد الأصوات لاقتراح بتأجيل انتخاب رئيس مجلس النواب الأميركي بسبب فشل انتخابه لليوم الثالث على التوالي بمبنى الكابيتول في واشنطن. 5 يناير 2023 - AFP
لوحة تعرض عدد الأصوات لاقتراح بتأجيل انتخاب رئيس مجلس النواب الأميركي بسبب فشل انتخابه لليوم الثالث على التوالي بمبنى الكابيتول في واشنطن. 5 يناير 2023 - AFP
دبي -الشرق

تسبب فشل الأعضاء الجمهوريين بمجلس النواب الأميركي في انتخاب رئيس للمجلس على الرغم من عقد 11 جلسة تصويت في تعطيل بعض الأعمال المرتبطة بالغرفة الثانية من الكونجرس، إذ إن رئيس المجلس هو الشخص الثالث في تراتبية رئاسة البلاد، بعد نائب الرئيس، في حال خلو المنصب الذي يأتي تالياً في تراتبية رئاسة البلاد.

وحذّر بعض الأعضاء الجمهوريين من "تداعيات هذا المأزق على الإحاطات والإشراف المتعلقين بالأمن القومي للبلاد"، حسبما أوردت "سي إن إن". 

وأشارت الشبكة إلى أنه عادة ما يتم شغل منصب رئيس مجلس النواب في اليوم الأول من عمر المجلس الجديد، ويتبعه أداء الأعضاء للقسم الدستوري، ولكن مع استمرار الخلاف بشأن محاولة كيفين مكارثي الحصول على رئاسة المجلس حتى الخميس، وهو اليوم الثالث من عمر المجلس، لم يؤدِ الأعضاء المنتخبون اليمين الدستورية بعد.

وقال العديد من القادة الجمهوريين الذين يرغبون في رؤية مكارثي على مقعد رئاسة المجلس، لـ "سي إن إن"، إن هذا التأخر "أعاق إنجاز أعمال بالغة الأهمية".

"لا رقابة" على إدارة بايدن

ولفت رؤساء العديد من اللجان، ومنها لجنة الشؤون الخارجية ولجنة القوات المسلحة، في بيانٍ صباح الخميس، إلى أن "إدارة (الرئيس جو) بايدن تعمل حالياً دون رقابة، ولا يوجد إشراف على البيت الأبيض أو وزارة الخارجية أو وزارة الدفاع أو الأجهزة الاستخباراتية".

وأضافوا في البيان أنه "لا يمكننا أن ندع السياسات الشخصية تعرّض سلامة وأمن الولايات المتحدة للخطر"، وفقاً لـ"سي إن إن". 

وقال النائب الجمهوري عن ولاية ويسكونسن، مايك جالاجر، إنه مُنع حضور اجتماع مع رئيس هيئة الأركان المشتركة لأن أمن مجلس النواب أخبره بأنه "لم يتم استخراج تصريح له حتى الآن".

وأضاف جالاجر، في مؤتمر صحافي، الأربعاء: "أنا عضو في لجنة الاستخبارات ولجنة القوات المسلحة بالمجلس، ولا يمكنني حضور اجتماع في منشأة حماية المعلومات الحساسة لأداء أعمال أساسية"، في إشارة إلى المكان الذي يستخدمه المسؤولون العسكريون والأمنيون للتعامل مع المعلومات الحساسة والسرية، لافتاً إلى أنه لم يُسمح له بالدخول لمقابلة رئيس هيئة الأركان المشتركة، مارك ميلي، لأنه لم يحصل بعد على تصريحه الأمني.

وكالات خارج نطاق الخدمة

قال النائب الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا، وعضو لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، بريان فيتزباتريك، الخميس، لـ "سي إن إن"، إنه "قلق بشأن تداعيات هذا المأزق على الأمن القومي بعد فشل مكارثي في الفوز برئاسة المجلس".

ووصف الأمر بأنه "سيئ حقاً. لا أملك الآن حق الوصول إلى منشأة حماية المعلومات الحساسة لأنني لم أؤد ِ القسم الدستوري. ولا يمكنني الحصول على الإحاطة الخاصة بي عن الصين أو أوكرانيا أو إيران".    

وأضاف: "ثالث فروعنا الحكومية خارج نطاق الخدمة الآن، ما يشكل خطراً داهماً على بلدنا، ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع لفترة أطول".

وتابع فيتزباتريك: "أنا عضو في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، حيث نقوم بالإشراف على جميع وكالات الاستخبارات الأميركية الـ19، ولكننا الآن خارج نطاق الخدمة".

قطع الإنترنت

وكشفت "سي إن إن" أن المواقع الإلكترونية الخاصة بلجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب ولجنة الشؤون الخارجية للحزب الجمهوري "لا تزال غير متصلة بالإنترنت حتى الخميس"، وهو ما وصفته الشبكة بأنه "تفصيلة صغيرة ولكنها مهمة". 

في هذا السياق قال الموظف السابق بلجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب، والذي يشغل حالياً منصب مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز "نيو أميركان سيكيوريتي"، جوناثان لورد، لـ "سي إن إن"، إن "اللجان لا تعد موجودة حقيقة في هذا الكونجرس حتى تجتمع ويصوّت أعضاؤها على القواعد المنظمة للعمل داخل اللجنة". 

وأضاف: "لذلك، فإن جميع الأعمال الإشرافية التي تضطلع بها هذه اللجان على أساس يومي لا يمكن أن تستمر بشكل رسمي".

إحاطات "غير رسمية"

وقال أشخاص مطلعون لـ "سي إن إن"، إن البيت الأبيض أخبر الوكالات والوزارات، في وقت سابق هذا الأسبوع، بأن إدارة بايدن "ستواصل عملها مع الكونجرس كالمعتاد"، وستقدم "بعض الإحاطات غير الرسمية للموظفين الذين لم يتم استخراج التصاريح الخاصة بهم"، على الرغم من حالة الضبابية التي تخيّم على سباق رئاسة مجلس النواب. 

ومع ذلك، فإنه في حال تم تصنيف معلومات على أنها سرية "فلن يتمكن هؤلاء الموظفون من إطلاع رؤسائهم عليها لعدم حصولهم على تصاريح أمنية حتى الآن"، وفقاً لما نقلته "سي إن إن" عن المصادر.

وأضاف لورد أنه "على مستوى أكثر رسمية، إذا أرادت وزارة الخارجية، على سبيل المثال، إخطار لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب رسمياً بمبيعات أسلحة لدولة أجنبية، فإنه "لا يوجد على أرض الواقع حتى الآن لجنة لاستلام هذا الإشعار".

وأشارت "سي إن إن" إلى أن "هذا الوضع يلفت نظر العالم خارج الولايات المتحدة أيضاً"، ووصفه دبلوماسي غربي بأنه "عرض مثير". 

في هذا السياق، قال الدبلوماسي للشبكة الإخبارية الأميركية: "بأمانة هذا ما كتبناه أمس في برقية إلى عاصمتنا"، موضحاً أن العاصمة اتفقت معهم "بشأن هذا التقييم".

تأثير على قضايا عالمية

أشار الدبلوماسي إلى أن "هناك حالة من القلق لأن هذا الوضع له تداعياته على تعامل مجلس النواب مع القضايا الملحة في جميع أنحاء العالم، وعلى العلاقات الثنائية التي تربط الولايات المتحدة بشركائها في أرجاء العالم".

وقال دبلوماسي أجنبي آخر للشبكة إنهم ينتظرون ليروا ما سيحدث، واصفاً هذا الوضع بأنه "استثنائي"، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة ليست الدولة الغربية الوحيدة التي تعاني من الجمود السياسي".

وأضاف: "ما أبحث عنه شخصياً هو التنازلات السياسية التي يتعين على مكارثي تقديمها، وما إذا كانت ستؤثر على الدور الذي تضطلع به الولايات المتحدة في جميع أرجاء العالم". 

سلطات الحرب

رأت الشبكة أن الأهم هو أنه في حال قرر الرئيس الأميركي إدخال القوات الأميركية في صراعات، فإن قانون سلطات الحرب يتطلب أن يخطر الكونجرس "في غضون 48 ساعة" ليقرر الأخير قانونية هذا العمل من عدمه "في غضون 60 يوماً"، ولكن وفقاً للوضع الراهن، فإن الكونجرس "لن يكون في وضع يسمح له بمنع أو تخويل استخدام القوة في الحال".

وقال جوناثان لورد: "هذا أمر لا يستطيع الكونجرس اتخاذ قرار بشأنه في وضعه الحالي".

وقال أحد موظفي الكونجرس لـ"سي إن إن": "لا شيء يمكن أن يحدث حتى يتم اختيار رئيس المجلس ثم إجراء انتخابات رؤساء اللجان، وبعدها اختيار أعضاء اللجان ورؤساء اللجان الفرعية. وبعد ذلك فقط يمكن أن يحدث أي شيء جوهري، مثل جلسات الاستماع والتشريع والإحاطة على مستوى الأعضاء. وبخلاف ذلك يظل كل شيء في حالة جمود. وفي الحال سيتحوّل الأمر إلى قضية أمن قومي، وستتأثر أيضاً لجان مثل لجنة القوات المسلحة ولجنة الاستخبارات. وهذا أمر يثير قلقنا جميعاً".

"ليست نهاية العالم"

في المقابل يري البعض أن هذه المخاوف "يشوبها بعض التهويل"، على الأقل في الوقت الحالي. 

وقلّل النائب الجمهوري عن ولاية كنتاكي جيمس كومر، الرئيس القادم للجنة الرقابة بمجلس النواب، من أهمية بدء مباشرة أعمال اللجنة، وقال لـ"سي إن إن"، إن التأخير "يوماً أو يومين لن يكون نهاية العالم".

وأضاف: "كنتُ أفضل لو وصلنا إلى الرقم 218 أمس (عدد الأصوات اللازم لاختيار رئيس المجلس)، ولكن لسوء الحظ لم نفعل ذلك".

وقال النائب الجمهوري السابق، الذي يشغل حالياً منصب كبير المحللين السياسيين في "سي إن إن"، آدم كينزينجر، لبرنامج "سي إن إن هذا الصباح":  "في حين أن الوضع خطير"، إلا أنه لا يعتقد أن "أياماً قلائل لم يتم خلالها اختيار رئيس مجلس النواب تمثل نهاية العالم حقاً". 

وأضاف: "لنأخذ في الاعتبار أن هناك دولاً تقضي شهوراً دون أن تشكل حكومة".  

وتابع: "في غضون أيام قليلة أو حتى أسابيع قليلة، يمكننا تدارك الأمر، أما إذا استمر الوضع على هذا النحو فسينذر ببدء تداعيات خطيرة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات