ماذا ستفعل طالبان بالطائرات العسكرية الأميركية التي استولت عليها؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
مروحيات عسكرية أميركية من طراز "بلاك هوك" في مقاطعة كونار شرقي أفغانستان، 23 أغسطس 2011 - REUTERS
مروحيات عسكرية أميركية من طراز "بلاك هوك" في مقاطعة كونار شرقي أفغانستان، 23 أغسطس 2011 - REUTERS
دبي -الشرق

أصبح جزء كبير من ترسانة الأسلحة التي زودت بها الولايات المتحدة القوات الأفغانية بين يدي عناصر طالبان التي سيطرت على معظم مناطق البلاد، ما يثير تساؤلات عما ستفعله الحركة بهذه الغنيمة.

وأقر مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، في مؤتمر صحافي الأربعاء، بأن "كمية لا بأس بها من الأسلحة الأميركية وقعت في أيدي طالبان، ولسنا متأكدين من أنهم سيعيدونها إلينا".

ونشرت طالبان الجمعة الماضية تسجيل فيديو، يظهر مقاتليها يحتفلون حول مروحيات أميركية من طراز "بلاك هوك" تابعة للجيش الأفغاني، في مطار قندهار بجنوب البلاد.

وقال سوليفان إن "الولايات المتحدة لم تمنح مروحيات بلاك هوك لطالبان. لقد أعطيت للقوات الأفغانية، بناءً على طلب الرئيس الفار أشرف غني"، مشيراً إلى أن "الرئيس جو بايدن اختار أن يستجيب لهذا الطلب، رغم إدراكه لخطر سقوط هذه المروحيات في أيدي طالبان".

قوة جوية

وأفاد موقع "ديفينس نيوز" الأميركي بأن آخر معطيات مكتب المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان" (سيغار) تفيد بأن الولايات المتحدة سلمت القوات الجوية الأفغانية 211 طائرة مروحية أو ثابتة الجناح، لكن 167 منها فقط كانت صالحة للطيران حتى 30 يونيو.

حتى الآن، لم تؤكد وزارة الدفاع الأميركية عدد الطائرات التي استولت عليها طالبان، وعدد الطائرات التي لا تزال صالحة للتشغيل، وعدد الطائرات التي نقلها طيارو القوات الجوية الأفغانية بأمان إلى مكان آمن نسبياً في البلدان المجاورة.

ونشرت مجلة "جاينز ديفانس" المتخصصة، صوراً التقطت بالأقمار الصناعية الأربعاء، تظهر نحو أربعين طائرة تابعة للقوات الجوية الأفغانية هبطت في أوزبكستان في الأيام القليلة الماضية لمنع وقوعها بأيدي طالبان. 

حتى يونيو الماضي، كانت القوات الجوية الأفغانية تشغل 23 طائرة هجومية من طراز "A-29" وأربع طائرات شحن من طراز "C-130" وما مجموعه 33 من طائرات "سيسنا كارافان" (Cessna Caravan) التي تستخدم في النقل العسكري وتنفيذ الهجمات الخفيفة.

سلاح الجو الأفغاني كان أيضاً يشغل حوالي 150 طائرة هليكوبتر، من بينها مروحيات  أميركية الصنع تشمل "بلاك هوك" (UH-60 Black Hawk) و "MD-530s" الهجومية، وهي مزودة برشاشات آلية وصواريخ.

وتمتلك مروحيات "بلاك هوك" بحوزة طالبان ميزات هجومية كبيرة، فهي مزودة بمحركين، ومخصصة لأجواء أفغانستان القاسية. وتساعد المروحية في عمليات الإخلاء والإنزال البري، وهي مصممة لتحمل 11 جندياً ومزودة بمدفع رشاش.

على الرغم من القدرات الهائلة لمروحيات بلاك هوك فإن طائرات الـA-29 المقاتلة الخفيفة، أشد فتكاً وأكثر تسليحاً. وتوفر طائرات الـA-29 دعماً جوياً للقوات البرية، ويمكنها إطلاق قنابل موجهة بالليزر، ويمكنها حمل مجموعة واسعة من الأسلحة، وهي مصممة لتكون طائرة قتالية منخفضة التكلفة تعمل في أجواء منخفضة المخاطر.

هل تستطيع طالبان تشغيل الطائرات؟

على عكس الطائرة المقاتلة المصممة للتحليق بسرعة وتنفيذ مناورات قتالية، فإن طائرات A-29 الموجودة بأفغانستان خضعت لتعديلات تمكنها من الطيران ببطء وعلى مستوى منخفض لضرب الأهداف على الأرض، وهو أمر يجعل قيادتها أمراً ممكناً حتى بالنسبة للطيارين غير المتمرسين.

بالرغم من ذلك، يقول الجنرال مارك كيلي، قائد قيادة القتال الجوي الأميركي إن طالبان ستواجه قائمة طويلة من العقبات إذا سعت إلى تشغيل المعدات بنفسها، سواء تعلق الأمر بالطائرات أو المروحيات العسكرية.

وقال كيلي لموقع "ديفينس نيوز" إن "طالبان لا تتوفر على طيارين مدربين قادرين على قيادة الطائرات بأمان واستخدام أجهزة الاستشعار وتحميل ونشر الأسلحة".

وتابع: "قد يكونون في الواقع قادرين على التحليق بالطائرات في الجو، لكن من المحتمل أن يكونوا أكثر خطورة على أنفسهم مما قد يشكلون على الناس في الأرض".

والعقبة الكبرى التي تواجه طالبان تتمثل في التكلفة والخبرة والخدمات اللوجستية المرتبطة بصيانة الطائرات، قبل وبعد الرحلة، وفقاً للجنرال كيلي.

خيارات طالبان مع الأسلحة المتطورة

وبالرغم من كل هذه العقبات، يعتبر المدير الأول لمركز القوة العسكرية والسياسية في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" بواشنطن، برادلي بومان أن تشغيل الطائرات قد لا تكون مهمة مستحيلة" بالنسبة لطالبان.

وقال بومان لموقع "ديفينس نيوز" إنه من غير المستحيل "تخيل سيناريو حيث ربما يمكنهم العثور على طيارين، وربما يجبرون طياري القوات الجوية الأفغانية السابقين على الانضمام إلى صفوفهم".

كما أشار بومان إلى أنه من المرجح أيضاً أن تقدم "القوى الأجنبية غير المتحالفة مع الولايات المتحدة يد المساعدة إلى طالبان".

وفي السياق نفسه، قال الجنرال كيلي، إنه حتى في حالة عثور طالبان على طيارين متمرسين، فإنها لن تكون قادرة على تشكيل تهديد لمصالح الولايات المتحدة أو للأمن في المنطقة، موضحاً أن الأسلحة التي تركتها الولايات المتحدة في أفغانستان غير متقدمة كفاية لتهدد الاستقرار الإقليمي.

هل تُعرض الأسلحة للبيع؟

من جانبه، قال ريتشارد أبولافية، محلل فضاء في مجموعة "تيل" للخدمات في تصريحات لـ"ديفينس نيوز"، إن طالبان قد تفكر في بيع الطائرات الأميركية التي استحوذت عليها، لكنه أشار إلى عدم توفر أي سلاح أميركي في أفغانستان على  التكنولوجيات الحساسة التي قد ترغب دول مثل روسيا والصين في الحصول عليها.

وأضاف ريتشارد: "إذا أراد الروس أو الصينيون أن يضعوا أيديهم على طائرات الـA-29  أو مروحيات بلاك هوك، فلن يكون الأمر صعباً بالنسبة إليهم"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "كل الطائرات الموجودة في أفغانستان تم تزويدها بتكنولوجية بسيطة إلى حد ما".

بدوره، أكد الجنرال كيلي أن "التكنولوجيا الموجودة في طائرات A-29 ليست متطورة، مضيفاً: "عندما تنظر إلى مدى الطائرة وسرعتها وقدرات الكمبيوتر، فتلك التكنولوجيا لا تسبب لنا أي قلق".

وكان مدير العمليات في هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال هانك تايلور، قال الاثنين الماضي في إحاطة صحافية، إنه لا يتوفر عن أي معلومات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتخذ أي إجراءات لمنع طالبان من استخدام الطائرات والمعدات أميركية الصنع التي استحوذت عليها.

لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي أكد الأربعاء، إنه حتى لو لم يكن لدى طالبان طيارون قادرون على قيادة المروحيات الأميركية، فإن البنتاجون يخطط لتدمير الأسلحة التي استولى عليها المتمردون. 

وقال كيربي: "من المؤكد أننا لا نريد أن نرى تجهيزاتنا تقع بأيدي الذين يمكن أن يعملوا ضد مصالحنا وضد مصالح الشعب الأفغاني ومفاقمة العنف وغياب الأمن في أفغانستان".