قالت وزارة الخارجية السودانية الأربعاء، إن "طائرة عسكرية إثيوبية اخترقت الحدود، في تصعيد خطير وغير مبرر"، وهو ما قد يؤدي إلى "عواقب خطيرة، ويتسبب في المزيد من التوتر في المنطقة الحدودية".
ودانت الوزارة في بيان عبر تويتر "التصعيد من الجانب الإثيوبي"، وطالبته بتجنب "تكرار مثل هذه الأعمال العدائية مستقبلاً، نظراً لانعكاساتها الخطيرة على مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين وعلى الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي".
في هذا السياق، كشفت مصادر سوادنية رفيعة لـ"الشرق" أن الخرطوم بصدد رفع شكوى لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، بخصوص ملف الحدود مع إثيوبيا، التي يتهمها السودان بالتعدي على حدوده.
وقالت مصادر "الشرق"، إن الخرطوم تتجه لمواجهة ما وصفته بـ"الرفض الإثيوبي لأي اتفاق بشأن وضع العلامات على حدود البلدين"، إضافة إلى إلزام أديس أبابا بمنع "التعديات على المواطنين والمزارعين السودانيين".
وأشارت إلى أن المجلس السيادي الانتقالي، برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، تلقى توضيحاً خلال الأيام الماضية من رئيس مفوضية الحدود السودانية معاذ أحمد تنقو، بشأن الوثائق والمستندات التي تسند موقف السودان دولياً.
وكانت مصادر سودانية رفيعة أوضحت لـ"الشرق"، الأربعاء، أن البرهان زار الحدود السودانية - الإثيوبية، بعدما شهدت هذه المناطق خلال الفترة الماضية، مواجهات مع مسلحين إثيوبيين، آخرها ما أعلنته الخرطوم بوقوع هجوم، الاثنين، أودى بحياة 5 نساء في ولاية القضارف الحدودية، فيما قالت أديس أبابا إن "السودان يواصل نشاطاته غير المشروعة على الحدود".
وقال وزير الإعلام السوداني فيصل محمد صالح، الثلاثاء، لـ"الشرق" إن "التعديات الإثيوبية داخل الحدود السودانية ترد عليها القوات المسلحة بحسم، بعدما فشلت لجنة الحدود المشتركة في إحراز أي تقدم"، مضيفاً أن "ادعاءات أديس أبابا بتوغل القوات السودانية إلى داخل أراضيها غير صحيحة".
وأكد صالح أن "الخرطوم دائماً مع الحل السلمي"، لافتاً إلى أن سلطات بلاده "تتطلع إلى وضع علامات الحدود، وليس إلى اتفاق على الترسيم"، وأن "الحدود مع إثيوبيا متفق عليها دولياً، ولا خلاف".
وثارت الخلافات العسكرية بين الطرفين بعد تعرّض عناصر من الجيش السوداني لـ"كمين من القوات والميليشيات الإثيوبية"، أثناء عودتها من "تمشيط المنطقة بشأن جبل أبوطيور داخل الأراضي السودانية"، ما أسفر عن "خسائر في الأرواح والمعدات"، حسب الخرطوم.
وتستمر قوات الجيش السوداني في تكثيف وجودها على طول الشريط الحدودي مع إثيوبيا، إذ يتمركز الجيش في الأراضي التي تمت السيطرة عليها، وهي اللكدي وتومات اللكدي، جبل أبوطيور، جبل طياره، وشرق بركة نورين، شرق ود كولي، أم قزازه خورشين قلع اللبان، ودعروض، بينما ستستمر العمليات العسكرية إلى حين إتمام السيطرة على الشق السوداني، في منطقة بني شنقول وعبدالرافع.
اتفاق 1947
من جهته، قال رئيس المفوضية القومية للحدود معاذ محمد تنقو إن إثيوبيا اعترفت بالحدود بين البلدين منذ عام 1947، مضيفاً أن هذا مثبت في المذكرات المتبادلة بين البلدين بخصوص الحدود التي تم وضعها في عام 1972 مقابل حل قضية المزارعين الإثيوبيين التي وصفت حينها بـ (الوضع الراهن) في بنود الاتفاق.
وأوضح تنقوا خلال مؤتمر صحافي الأربعاء أن عدد المزارعين الإثيوبيين داخل الأراضي السودانية كان 52 مزارعاً، مضيفاً أن وزير الخارجية الإثيوبية وقتها ألزم نفسه ودولته بعدم زيادة عدد المزارعين.
واستكمل تنقو قائلاً "مسألة الحدود ليست جديدة، وهناك مسيرة كبيرة من العمل الميداني والتفاوضي حول الحدود، بمشاركة دولة السودان ودولة إثيوبيا والحكومة البريطانية بصفتها مستعمرة لتلك المناطق منذ عام 1902"، حيث قدم سرداً تاريخياً عن العلاقات السودانية الإثيوبية، مؤكداً عمق العلاقات بين البلدين.
وأضاف أن الأطراف اتفقت على تشكيل مفوضية مشتركة لوضع العلامات بين البلدين، مشيراً إلى أنه لم توضع العلامات في ذلك الوقت لظروف سياسية في البلدين، وأخرى تتعلق بالتكلفة المالية المرتفعة لترسيم الحدود، موضحاً أن الأمر استمر على هذا النحو دون إحياء هذه اللجنة.