من أين تحصل طالبان على المال والسلاح؟

time reading iconدقائق القراءة - 10
عناصر من حركة طالبان في العاصمة الأفغانية كابل، 16 أغسطس 2021 - AFP
عناصر من حركة طالبان في العاصمة الأفغانية كابل، 16 أغسطس 2021 - AFP
دبي-الشرق

أعاد الصعود الأخير لحركة طالبان وسيطرتها على معظم المدن الأفغانية بما في ذلك العاصمة كابول، الجدل حول تجهيزات الحركة العسكرية ومواردها المالية، والمصادر التي مكنتها من حشد القدرات اللازمة لتمددها العسكري.

وفي حين تشير وكالات استخباراتية إلى صعوبة تحديد حجم الأموال التي تمكنت حركة طالبان من جمعها بدقة، إلا أنه يعتقد أن أنشطة الحركة الموجهة لخدمة أغراض تمويلية تدر دخلاً سنوياً يتراوح ما بين 300 مليون إلى 1.6 مليار دولار أميركي.

الأفيون

ووفقاً لتقرير حديث لـ"الأمم المتحدة" صدر في يونيو الماضي، تصدَّرت الأنشطة المتعلقة بتجارة المخدرات والأفيون موارد الحركة المالية.

ونقل التقرير عن تقديرات لبعض الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، أن الحركة حققت عوائد بنحو 460 مليون دولار من تجارة الأفيون فقط خلال عام 2020.

ولفت التقرير إلى أن جائحة كوفيد-19 لم تؤثر على هذه التجارة، وذلك مع احتفاظ ما يسمى بالطرق الجنوبية ومنطقة البلقان بوضعهما كقنوات تهريب رئيسة للمواد الأفيونية من أفغانستان إلى الأسواق الأوروبية وغيرها.

وقال رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في كابول سيزار جودس: إن "طالبان تعتمد على تجارة الأفيون كأحد مصادر دخلها الرئيسية"، مشيراً، بحسب وكالة "رويترز"، إلى أن زيادة الإنتاج تجعل المخدرات أرخص وأكثر جاذبية، وهو ما يتيح توزيعها على نطاق واسع، على حد وصفه.

وعادة ما تنكر طالبان تورطها في صناعة المخدرات، وتفخر بالحظر التام على زراعة الأفيون الذي فرضته إبان حكمها في عام 2000.

الضرائب

وإلى جانب الأفيون، اتهم التقرير الأممي الحركة باستخدام ابتزاز الأموال مصدراً للدخل، وذلك من خلال استغلال توسع مناطق سيطرتها لفرض الضرائب على نطاق واسع من خدمات البنية التحتية، بما في ذلك بناء الطرق، والاتصالات، والنقل، مشيراً إلى أن الضرائب اليومية التي تجمعها الحركة من نقاط تفتيشها بين مدينتي بل خمري ومزار شريف فقط تمثل مبلغاً كبيراً من المال.

وكانت شبكة "بي بي سي" البريطانية نقلت في عام 2018 عن رئيس شركة الكهرباء الأفغانية، أن طالبان تكسب أكثر من مليوني دولار سنوياً، فقط من خلال فواتير مستهلكي الكهرباء في أجزاء مختلفة من البلاد.

التعدين والمناجم

ضمن خطط الحركة لتعزيز استقلالها المالي، عمل المُلَّا يعقوب، النائب الثاني لقائد الحركة هبة الله أخوند زاده، على تركيز الجهود للسيطرة على المناطق الغنية بالمعادن غير المكتشفة في أفغانستان، وقد أثمرت هذه الخطط عن تحقيق أرباح تقدر بـ464 مليون دولار من قطاع التعدين فقط خلال عام 2020، بحسب التقرير الأممي.

وتشير بيانات أصدرتها حكومة الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، إلى أن الحركة تسيطر على أكثر من 280 منطقة غنية بالمعادن منتشرة في 26 ولاية حول البلاد.

كما يعتقد أن الحركة تحقق مداخيل مالية بشكل غير مباشر من مناطق المعادن الأخرى التي يسيطر عليها القادة العسكريون، والتي يقدر عددها بـ148 منطقة في 12 ولاية.

الدعم الخارجي

يتهم مسؤولون أميركيون دولاً مثل باكستان وإيران وروسيا بتقديم الدعم المالي للحركة، على الرغم من إنكار هذه الدول لهذه الادعاءات.

وفي عام 2020، خلص مسؤولون استخباراتيون أميركيون إلى أن وحدة استخبارات عسكرية روسية عرضت سراً مكافآت على مسلحين مرتبطين بطالبان لقتلهم قوات التحالف في أفغانستان، بما في ذلك استهداف القوات الأميركية، وذلك بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

وأشارت الصحيفة إلى أن عدداً من مقاتلي الحركة استفادوا من هذه المكافآت الروسية. علماً بأن موسكو نفت مراراً هذه الاتهامات.

وإلى جانب الدول، يستفيد قادة طالبان بشكل كبير من التبرعات، بما في ذلك ما تصفه الأمم المتحدة بأنه "شبكة من المؤسسات الخيرية غير الحكومية" ومن الداعمين الأثرياء.

السلاح الأميركي

وكما تتعدَّد مصادر المال، تتعدد مصادر السلاح أيضاً، إذ تعتمد الحركة على موارد مختلفة في الحصول على عتادها العسكري.

وتعتمد الحركة بشكل كبير في تسليحها على الأسلحة التي تستولي عليها خلال معاركها مع القوات الأفغانية، والتي تعد الولايات المتحدة مصدرها الرئيس.

وقال الخبير في شؤون أفغانستان بجامعة "ستانفورد" الأميركية روبرت كروز: إن من "أولى الخطوات التي تتخذها طالبان عند الانتقال إلى منطقة جديدة هي التوجه إلى القواعد العسكرية والاستيلاء على الأسلحة".

ونقلت شبكة "فوكس نيوز" الأميركية عن الزميل الأول في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأميركية بيل روجيو، قوله إن الحركة "تحصل على أسلحتها الأكثر تعقيداً وتطوراً مثل أجهزة الرؤية الليلية وسيارات الهمفي الأميركية العسكرية من خلال الغارات على القواعد الأفغانية، أو عند هزيمة وحدات النخبة الأفغانية في الميدان".

في يوليو الماضي استعرضت طالبان حاويات مليئة بالأسلحة والمعدات العسكرية التي تم الاستيلاء عليها من الجيش الأفغاني، شملت 900 بندقية و30 مركبة تكتيكية خفيفة و20 شاحنة نقل عسكرية.

ومع تقدم طالبان الواسع خلال الأيام القليلة الماضية في أنحاء البلاد، استولت على مجموعة من الأسلحة الأميركية المتطورة، بما في ذلك مركبات مصفحة مضادة للألغام، وطائرات بدون طيار.

كما أظهرت لقطات متداولة مقاتلي الحركة وهم يستولون على عدد من المروحيات وإن بدا معظمها متضرراً وخارج الخدمة.

تسليح روسي

وكما هو الحال في التمويل المالي، يتهم مسؤولون أميركيون باكستان وروسيا وإيران، بتقديم الأسلحة إلى حركة طالبان.

وفي مقابلة مع شبكة "بي بي سي" البريطانية، اتهم قائد القوات الأميركية السابق في أفغانستان الجنرال جون نيكلسون، روسيا بتهريب الأسلحة إلى طالبان عبر الحدود الطاجيكستانية، مشيراً إلى أسلحة قدمها له مسؤولون أفغان قائلين إن الروس أعطوها لطالبان.

ونقلت الشبكة البريطانية عن مسؤولين في الجيش الأفغاني، أن المعدات العسكرية الروسية شملت نظارات للرؤية الليلية، ومدافع رشاشة متوسطة وثقيلة، وأسلحة صغيرة.

لكن روسيا وأيضاً طالبان، نفيا هذه الاتهامات، لافتين إلى أنهما لا يعملان سوياً، وأن الجنرال الأميركي لا يملك دليلاً على مزاعمه.

الإمدادات المحلية  

ووفقاً لـ"معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"، يعتقد أن ورش الأسلحة الواقعة داخل منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية، تظل مصدراً رئيسياً للأسلحة والذخيرة لطالبان.

كما تحصل الحركة أيضاً، بحسب صحيفة "إندنبندنت" البريطانية على السلاح من المجموعات المحلية المتعاطفة معها. 

وفي ما يبدو أن طالبان جمعت ما يكفي من الأموال والعتاد للسيطرة على أفغانستان بالقوة، إلا أن هناك بعض الشكوك، بحسب "إذاعة صوت أميركا"، في أن لديهم التمويل الكافي لحكم أفغانستان بأنفسهم، في ظل الوضع الاقتصادي والأمني الهش للبلاد.

وتشير أحدث البيانات الصادرة عن البنك الدولي، إلى أن الحكومة الأفغانية أنفقت 11 مليار دولار في عام 2018، 80% منها مصدرها المساعدات الخارجية، ما يعني أن طالبان لن تستطيع الاستغناء عن الدعم الخارجي في إدارة البلاد.

لكن  بيل روجيو من "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" يشير إلى أن "طالبان لا تهتم بالمساعدات الدولية والشرعية الدولية"، معتبراً، بحسب "إذاعة صوت أميركا"، أن هدف الحركة الأساسي "هو الحكم".