أُقيل المدعي العام في هايتي من منصبه، بعد ساعات على تقديمه طلباً لقاضٍ بتوجيه اتهام إلى رئيس الوزراء أرييل هنري، في ما يتعلّق باغتيال الرئيس جوفينيل مويس، في 7 يوليو الماضي، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".
ونشر مكتب رئيس الوزراء تغريدة على "تويتر"، تفيد بإبدال المدعي العام في بورت أو برنس، بيد فورد كلود، من دون توضيح السبب. ورجّحت "بلومبرغ" أن يؤدي ذلك إلى تفاقم التوتر في الدولة الكاريبية، التي تشهد عنفاً ولا تزال تحاول التعافي من زلزال ضربها، في 14 أغسطس الماضي.
إعلان رئاسة الوزراء جاء بعدما طلب كلود منع هنري من مغادرة البلاد، ووجّه إليه لائحة اتهام، مشيراً إلى مكالمات هاتفية زُعِم أن رئيس الحكومة أجراها مع مشبوه في الجريمة، هو جوزيف فيليكس باديو، لسبع دقائق على الأقلّ، ليلة مصرع مويس. وحُدّدت هذه المكالمات الهاتفية جغرافياً، قرب "فندق مونتانا"، القريب من المنزل الذي اغتيل فيه مويس. وباديو هو موظف سابق في وزارة العدل، ومختبئ منذ صدور مذكرة بتوقيفه، في يوليو الماضي.
واعتُقل أكثر من 40 شخصاً، يُشتبه في صلتهم بالجريمة، لكن هنري قال مرات إن العقول المدبّرة لعملية الاغتيال لا تزال طليقة. وكتب على "تويتر" خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، تغريدات اتهم فيها قوى لم يُسمّها، باستخدام "مناورات تحريفية للتشويش وإحباط العدالة". وأضاف: "سيُحدّد الجناة الحقيقيون، والمحرّضون ورعاة الاغتيال البغيض للرئيس جوفينيل مويس، ويُسلّمون إلى العدالة ويُعاقبون على جريمتهم".
"مسرحية سياسية"
وأوردت صحيفة "نيويورك تايمز" أن كلود استدعى هنري، عبر الشرطة، وطلب منه الإدلاء بشهادته بشأن اتصاله بباديو، الذي وصفته بأنه "مسؤول استخباراتي سابق"، في الساعات التي تلت مصرع مويس.
وأضافت أن بين المعتقلين في القضية، ضباط أمن كانوا يعملون مع مويس، ورجال أعمال وثلاثة أميركيين من أصل هايتي، و18 مرتزقاً كولومبياً، اتُهموا بقيادة الهجوم على منزل الرئيس. وأصدرت الشرطة ما لا يقلّ عن 12 مذكرة اعتقال أخرى، بينها واحدة تطاول باديو، الذي تتهمه السلطات الهايتية بتسليح المرتزقة الكولومبيين وتوجيههم ليلة الهجوم.
ووصف مكتب رئيس الوزراء طلب كلود منع هنري من السفر، بأنه غير قانوني و"مسرحية سياسية"، مشيراً إلى أن المدعي العام لم يُبلّغه مباشرة بهذه الخطوة. وأشارت الصحيفة إلى شكوك بامتلاك كلود السلطة لقيادة التحقيق، والمطالبة باستجواب هنري أو توجيه اتهام إليه في عملية الاغتيال. وأضافت أن لا سلطة للمدعي العام على التحقيق، الذي بات الآن في يد قاضٍ، علماً أن القانون في هايتي يحظّر على المسؤولين القضائيين مقاضاة أبرز موظفي الخدمة المدنية، من دون إذن من زعيم البلاد، وهو الآن هنري.
ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن التحقيق ينزلق إلى صراع سياسي على السلطة، إذ أن فصائل متنافسة من النخبة تستخدم اغتيال مويس لمهاجمة معارضيها. ونقلت عن بيار إسبيرانس، وهو ناشط حقوقي هايتي يحقق بشكل مستقلّ في مصرع مويس، قوله: "إنهم يقاتلون من أجل السلطة، وأعداء أرييل يستخدمون النظام القضائي ضده. ما حدث في البلاد اليوم، هو أمر لم نشهده سابقاً".
طموحات رئيس مجلس الشيوخ
وفي خضم هذه الاضطرابات، سعى رئيس مجلس الشيوخ، جوزيف لامبرت، إلى أن يصبح الرئيس المقبل لهايتي، علماً أنه حاول تولّي هذا المنصب، في الأيام التي تلت اغتيال مويس.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين ومسؤولين من هايتي، إن مكتب لامبرت دعا وسائل الإعلام المحلية إلى البرلمان، لتغطية بثّ مباشر لأداء لامبرت القسم الدستورية. ولكن قبل أن يتمكّن من فعل ذلك، اندلعت معركة بأسلحة نارية، ممّا منع لامبرت من دخول المبنى.
ونسبت الصحيفة إلى دبلوماسي في بورت أو برنس، إن المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، شكّل جبهة موحدة، محذراً لامبرت من تولّي الرئاسة من دون إجماع وطني، بعدما علِم بخططه.
جاء اتهام هنري بعد يوم على استدعاء القاضي المسؤول عن القضية، أرملة الرئيس الراحل، مارتين مويس، لاستجوابها في 20 سبتمبر، علماً أنها كانت في غرفة النوم مع زوجها عندما اغتيل، وأُصيبت بجروح خطرة خلال الهجوم. ومنذ ذلك الحين، أعلنت ترشّحها لانتخابات الرئاسة المقبلة.
اقرأ أيضاً: