لبنان.. مظاهرات تندد بتعليق التحقيق في انفجار "مرفأ بيروت"

time reading iconدقائق القراءة - 7
متظاهرون يرفعون لافتات تندد بتعليق التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، لبنان، 29 سبتمبر 2021  - REUTERS
متظاهرون يرفعون لافتات تندد بتعليق التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، لبنان، 29 سبتمبر 2021 - REUTERS
بيروت-وكالات

تظاهر مئات اللبنانيين يتقدمهم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، الأربعاء، بعد يومين من تعليق التحقيق في القضية على خلفية تدخلات سياسية وشكاوى قانونية تطالب بتنحية المحقق العدلي.

وحمل محتجون مجسمات صغيرة لأشخاص يُنفذ فيهم حكم الإعدام بالمقصلة، وكُتب في أسفلها "نهاية كل فاسد"، في حين التزم آخرون الصمت وحملوا صوراً لذويهم الذين راحوا ضحية الانفجار.

وتجمع المتظاهرون أمام قصر العدل في بيروت احتجاجاً على مرور أكثر من عام دون محاسبة أي مسؤول كبير على الانفجار الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص، وتسبب في إصابة الآلاف وتدمير مساحات كبيرة من العاصمة العام الماضي.

"لن تقتلونا مرتين"

وزعمت أطراف سياسية قوية منها جماعة "حزب الله" وغيرها في النخبة الحاكمة، أن التحقيقات شابتها "شبهة تحيز".

وتمكنت مجموعة من المتظاهرين ظهر الأربعاء، من الدخول إلى الباحة الداخلية لقصر العدل، حيث يقع مكتب المحقق العدلي. وعلقوا لافتة ضخمة تضم صور الضحايا مع تعليق "لن تقتلونا مرتين".

وقالت جمانة خليفة التي فقدت أحد أقاربها وأصدقاء لها في الانفجار "نحاول أن نعمل المستحيل للوصول إلى نتيجة قانونية في التحقيق".

أما ريما الزاهد التي قتل الانفجار شقيقها الموظف في المرفأ، فقالت: "نعاني منذ 13 شهراً من تدخلات السياسيين وأرباب الطوائف في مسار التحقيق.. ووصل بهم الأمر إلى حدّ اللعب على القانون". وأضافت: "عندما علمت بوقف التحقيق، شعرت أننا نتعرض للخيانة مرة ثانية، وكأنهم يقتلوننا مرة ثانية".

وهذه المرة الثانية التي يُعلق فيها التحقيق في الانفجار الضخم الذي وقع في الرابع من أغسطس 2020 وأدى إلى مقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع في العاصمة. وعزته السلطات إلى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم من دون إجراءات وقائية.

وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة ولم يحركوا ساكناً.

 مخاوف عزل المحقق

وتوقف التحقيق الاثنين، بسبب شكوى قانونية قدمها النائب السني ووزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق الذي يريد القاضي طارق البيطار الذي يرأس التحقيق استجوابه، للاشتباه في ارتكاب جريمة الإهمال.

وتتهم الدعوى التي قدمها المشنوق البيطار بعدم الحيادية. وإذا قبلتها محكمة التمييز فسيجري إبعاد القاضي عن التحقيق.

ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين ومسؤولين أمنيين، يخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط السياسية إلى عزل المحقق العدلي طارق بيطار، على غرار ما جرى مع سلفه فادي صوان الذي نُحي في فبراير بعد ادعائه على دياب وثلاثة وزراء سابقين. 

وقبل تنحيته، كان صوان بدوره قد علّق التحقيق بعدما تقدم وزيران ادعى عليهما بطلب نقل التحقيق من يده. 

وعلّق بيطار الاثنين التحقيق بعد تبلغه دعوى تقدم بها وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، يطلب فيها نقل القضية إلى قاض آخر رداً على طلب استجوابه كمدعى عليه في القضية.

"تسييس التحقيق"

بعد نحو خمسة أشهر من تسلمه الملف، أعلن بيطار في يوليو عزمه استجواب دياب كمدعى عليه، ووجه خطاباً إلى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن ثلاثة وزراء سابقين هم النواب علي حسن خليل (المال) وغازي زعيتر (الأشغال)، وهما ينتميان إلى كتلة "حركة أمل" المتحالفة مع "حزب الله"، ونهاد المشنوق، وكان ينتمي إلى "تيار المستقبل" بزعامة سعد الحريري.

وجاء ذلك "تمهيداً للادعاء عليهم" بتهم "جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل" و"جنحة الإهمال والتقصير" لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الأمونيوم "ولم يتخذوا إجراءات تجنّب البلد خطر الانفجار".

وفي 16 سبتمبر، أصدر بيطار مذكرة توقيف بحق وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، بعد امتناعه عن المثول أمامه لاستجوابه. وقد تقدم فنيانوس أيضاً بدعوى أمام محكمة التمييز الجزائية مطالباً بتنحية بيطار. 

وغادر دياب الشهر الحالي إلى الولايات المتحدة على الرغم من صدور مذكرة إحضار بحقّه وتحديد موعد استجوابه.

وتتهم قوى رئيسية على رأسها "حزب الله"، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، وتجمّع رؤساء الحكومات السابقين بينهم الحريري، بيطار بـ"تسييس" التحقيق.

كما جاء تعليق التحقيق في بداية أسبوع كان يفترض أن يشهد جلسات استجواب عدة لمسؤولين عسكريين وسياسيين. ورفضت الأمانة العامة لمجلس النواب الأسبوع الماضي مذكرات تبليغ أرسلها بيطار لاستجواب النواب الثلاثة انطلاقاً من استناد البرلمان إلى قانون يحصر محاكمة الرؤساء والوزراء في محكمة خاصة يُشكلها من قضاة ونواب. 

أسف فرنسي

وأعربت فرنسا "عن أسفها" الأربعاء لقرار تعليق التحقيق، وقالت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، أنييس فان دير مول، إن "الأمر يعود إلى السلطات اللبنانية للسماح باستمرار التحقيق بالموارد المالية والبشرية اللازمة، من أجل الإضاءة على ما حدث في 4 أغسطس 2020، بما يتوافق مع التوقعات المشروعة للشعب اللبناني".

ومنذ وقوع الانفجار، رفضت السلطات تحقيقاً دولياً، فيما تندد منظمات حقوقية بينها "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات، وتطالب بإنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة.