"معضلة بوتين".. أزمة كازاخستان تزيد من تحديات روسيا بشأن أوكرانيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
قوات روسية تصل كازاخستان للمساعدة في السيطرة على الاضطرابات التي تشهدها البلاد - 8 يناير 2022 - REUTERS
قوات روسية تصل كازاخستان للمساعدة في السيطرة على الاضطرابات التي تشهدها البلاد - 8 يناير 2022 - REUTERS
دبي -الشرق

لا تزال الاضطرابات التي تشهدها كازاخستان تحمل قدراً كبيراً من الغموض بشأن ما يمكن أن تؤول إليه نتائجها، لا سيما في ظل تسارع وتيرة الأحداث في المشهد الإقليمي الأوسع، إذ يرى بعض المحللين، أن هذا الوضع الجديد يمثل تحدياً للمصالح الروسية خاصة ما يتعلق بالتعامل مع أوكرانيا.

منظمة "المجلس الأطلسي" البحثية الأميركية، اعتبرت أن هذه الاضطرابات يمكن أن تغير من حسابات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن أوكرانيا، إذا سارت الأحداث بعيداً عن السيناريو الذي يريده الكرملين.

وطرحت المنظمة في تقريرها، عدة تساؤلات بشأن ما يجب على الرئيس الروسي التفكير فيه.. هل يجب أن يواصل حملته التخويفية على جناحه الغربي في أوكرانيا؟ أم يتعامل مع الأخطار المحدقة بجنوبه في كازاخستان؟ أم يمكنه فعل كلا الأمرين معاً؟

وذكر  التقرير أن "تركيز بوتين الحالي على أوكرانيا التي يتواجد قرب حدودها نحو 100 ألف جندي روسي، لا يمكن أن يأتي على حساب أهدافه الجيوسياسية الأخرى في منطقة أوراسيا".

واعتبر تقرير المنظمة الأميركية، أن الرئيس الروسي "يرغب إلى أقصى حد ممكن في استعادة نفوذ الكرملين عبر أراضي الاتحاد السوفيتي السابق، ضماناً للأمن القومي الروسي من ناحية، وإرساءً لسياسات متوافقة مع مصالح الكرملين في الجوار من ناحية أخرى".

استراتيجيات جديدة

"المجلس الأطلسي" اعتبر في تقريره، أن هذه المعادلة ستنتقص حتماً من تركيز بوتين على أوكرانيا حالياً، لصالح إعداد استراتيجيات جديدة تتعامل مع التطورات الراهنة في كازاخستان، مشيراً إلى أن تداعيات هذا الوضع قد تكون وخيمة على جهود روسيا لإرضاء الغرب وإخضاع أوكرانيا، بالنظر إلى علاقات موسكو الدقيقة مع الصين.

ولفتت المنظمة في تقريرها، إلى أن هذه المنطقة كانت مستقرة إلى حد كبير منذ نهاية الحرب الأهلية الطاجيكية في أواخر التسعينيات، وأثبتت بالفعل أنها منطقة عازلة للأطراف الفاعلة الرئيسية في الصين والهند.

واستدرك التقرير: "لكن عدم الاستقرار في كازاخستان يوفر فرصاً لهذه الدول لتعزيز موقعها في آسيا الوسطى، مما سيشكل مصدر قلق للكرملين".

استعادة النظام

وطلب رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف من منظمة معاهدة الأمن الجماعي (تحالف عسكري مكون من ست دول سوفيتية سابقة تقوده روسيا) المساعدة في استعادة النظام، قبل أن يعلن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، الذي يتولى الرئاسة الدورية للجماعة، إرسال قوات.

وبحسب التقرير، فإن هذا يدخل بالتأكيد ضمن تفضيل الكرملين، لأن موسكو رأت أن التعزيز العسكري الطويل والتهديدات لأوكرانيا قد أسفرت بالفعل عن محادثات مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والتي قد تحقق بعض التنازلات بشأن قضايا مثل الحد من توسع الناتو وأنشطة الحلف في أوروبا الشرقية، أو محادثات مينسك بشأن إنهاء حرب موسكو في منطقة دونباس بأوكرانيا.

"معضلة بوتين"

ومع ذلك، رأى التقرير أنه إذا فشل النشر الأولي لقوات من منظمة معاهدة الأمن الجماعي، فقد يواجه بوتين، الذي على ما يبدو لا يرغب في تخفيف الضغوط، "معضلة".

وقال "المجلس الأطلسي"، إن موقف موسكو في آسيا الوسطى سيتدهور، "إذا أسفرت ثورة شعبية عن حكومة ذات خلفية إصلاحية في كازاخستان، أو إذا دعا توكاييف الصين ومنظمة شنجهاي للتعاون للمساعدة للبقاء في السلطة".

ويصبح السؤال حينها: هل سيسحب بوتين القوات من حدود أوكرانيا للتعامل مع الفوضى في كازاخستان وتعزيز مكانة روسيا في آسيا الوسطى؟

ورأى التقرير أنه من المؤكد أن القيام بذلك ينطوي على مخاطر أقل من شن هجوم عسكري تقليدي كبير في أوكرانيا.

وأوضح أن المخاطر التي يواجهها بوتين كبيرة في كل من كازاخستان وأوكرانيا، وقد يكون من الصعب على بوتين أن يتعامل مع كلا الوضعين بنجاح في نفس الوقت.

وفي سياق متصل، رأت صحيفة "كييف بوست" الأوكرانية، أن الجانب المهم للأحداث في كازاخستان هو أنها ستصرف إلى حد ما على الأقل انتباه روسيا عن أوكرانيا.

وقالت إن ذلك "لن يؤدي إلى إزالة مخاطر العدوان الروسي بالنسبة لنا، ولكن سيتعين على الكرملين إبقاء عينيه على كرة العمليات السياسية الصعبة في كازاخستان، وسط مخاوف من أن يزيد الغرب، أو حتى الصين وتركيا، من نفوذهما على كازاخستان".

"تمرد في روسيا"

وأوضحت الصحيفة، أنه علاوة على ذلك، تتوجس موسكو من أن تتسبب هذه الاضطرابات في نشر "التمرد" في موسكو أيضاً.

لكنها حذرت من خطر روسي في حالة حدوث أزمة سياسية حادة في كازاخستان، إذ قد يضطر الكرملين إلى أن يفعل في الجزء الشمالي من البلاد الشيء نفسه الذي فعله في شبه جزيرة القرم في عام 2014، أو تطبيق سيناريو دونباس.

وأوضحت أن بعض السياسيين الروس أثاروا هذه القضية بالفعل خلال انتخابات مجلس "الدوما" العام الماضي.

ورأت أنه في هذه الحالة، قد تنشأ حالة صراع حاد أخرى في منطقة ما بعد الاتحاد السوفيتي.

وقالت إنه "حتى الاستخدام المحدود" لـ "قوات حفظ السلام التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي" في كازاخستان سيكون له عواقب متناقضة، وقد يشكل سابقة خطيرة للغاية.

واختمت الصحيفة بالقول، إن مسار الوضع السياسي في هذا البلد الواقع في آسيا الوسطى، قد يؤثر على بعض العمليات الجيوسياسية المهمة في منطقة ما بعد الاتحاد السوفيتي بأكملها.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات