في استمرار لمسلسل الأزمات.. مالي تنسحب من مجموعة "الساحل"

time reading iconدقائق القراءة - 7
جندي مالي ضمن قوات مجموعة الخمس يقف في قاعدة عسكرية للمجموعة في منطقة موبتي بمالي 30 مايو 2018 - AFP
جندي مالي ضمن قوات مجموعة الخمس يقف في قاعدة عسكرية للمجموعة في منطقة موبتي بمالي 30 مايو 2018 - AFP
بامكو/ دبي-أ ف بالشرق

أعلنت مالي، الأحد، في بيان انسحابها من مجموعة دول الساحل الخمس ومن قوّتها العسكرية لمكافحة المسلحين، احتجاجاً على رفض توليها رئاسة هذه المنظمة الإقليمية التي تضم موريتانيا وتشاد وبوركينا فاسو والنيجر.

وأشار البيان إلى أن "حكومة مالي قررت الانسحاب من كل أجهزة مجموعة دول الساحل الخمس، وهيئاتها بما فيها القوة المشتركة" لمكافحة المسلحين.

وتشكلت مجموعة دول الساحل الخمس في عام 2014 فيما أطلقت قوّتها لمكافحة المسلحين في عام 2017.

وكان من المفترض أن تستضيف باماكو في فبراير 2022 مؤتمراً لقادة دولها على أن "تكرّس بدء (ولاية) الرئاسة المالية لمجموعة دول الساحل الخمس" لكن "بعد مرور نحو ثلاثة أشهر" على هذا الموعد "لم يعقد" الاجتماع، وفق البيان.

وأعلنت باماكو في البيان "رفضها بشدة ذريعة دولة عضو في مجموعة دول الساحل الخمس تستند إلى الوضع السياسي الداخلي، لمعارضة تولي مالي رئاسة مجموعة دول الساحل الخمس"، وذلك بحسب ما نقلته وكالة "فرانس برس".

وبحسب الحكومة المالية "تتصل معارضة بعض دول مجموعة دول الساحل الخمس رئاسة مالي بمناورات دولة خارج الإقليم ترمي بشدة إلى عزل مالي" من دون توضيح هوية هذه الدولة.

ويأتي هذا القرار امتداداً لسلسلة من القرارات التي اتخذتها الحكومة المالية في خضم خلافاتها مع فرنسا التي قادت منذ 2013 عمليات عسكرية لمحاربة انتشار المجموعات المسلحة في مالي، وسط اتهامات متبادلة بين الجانبين بنقض الأسس التي قامت عليها العلاقات التاريخية.

الانقلابات العسكرية 

وتدهورت العلاقات بين باريس وبامكو بشكل كبير بعد انقلاب 24 مايو 2021 الذي جاء بعد أقل من عام من انقلاب آخر أطاح بالرئيس المالي السابق إبراهيم أبوبكر كيتا الذي انتخب في 2013 بعد أشهر من أزمة سياسية.

ودانت فرنسا حينها "الانقلاب" الذي قام به الكولونيل أسيمي غويتا إثر إعلانه تجريد الرئيس الانتقالي باه نداو ورئيس الوزراء مختار وان من "صلاحياتهما".

وفي 10 يونيو 2021، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرحيل التدريجي لخمسة آلاف عنصر من قوة برخان لإبقاء قوة مخفضة من 2500 الى 3000 رجل.

ورداً على هذا الإجراء، اتهم رئيس الوزراء المالي فرنسا "بالتخلي في منتصف الطريق" مبرراً ضرورة "البحث عن شركاء آخرين"، ليرد ماكرون واصفاً هذه التصريحات بأنها "مخزية".

مجموعة "فاجنر"

وتصاعدت الخلافات في ديسمبر 2021 مع حديث القوى الغربية عن بدء انتشار محموعة "فاجنر" الروسية شبه العسكرية في مالي.

ووفقاً لتقارير غربية، تعتمد القيادة المالية تحديداً على مجموعة "فاجنر" الروسية، التي يعتقد أنَّ علاقات وثيقة تربطها بالكرملين، لتعزيز موقفها السياسي على المستوى المحلي، وضمان التصدي لأي انقلابات محتملة ضد النظام.

كما تحدثت تقارير عن صفقة بين الحكومة المالية وروسيا، تقوم بموجبها المجموعة بتدريب قوات الجيش المالي، وتقديم خدمات الحماية الأمنية لكبار القادة السياسيين في البلاد.

في المقابل، تؤكد بامكو وموسكو أن هؤلاء المتعاقدين ليسوا "مرتزقة"، بل مدربين يساعدون القوات المحلية بتجهيزات تم جلبها من روسيا.

إبعاد السفير الفرنسي

وشهدت العلاقات تصعيداً آخر في يناير الماضي عندما طالب المجلس العسكري الحاكم في مالي الدنمارك بالسحب الفوري لجنودها المئة الذين كانوا قد وصلوا إلى البلاد كجزء من التجمع الأوروبي للقوات الخاصة "تاكوبا"، قائلاً إنه لم يعطِ موافقته على هذا الانتشار.

ثم في 31 يناير، قرر المجلس العسكري في تصعيد غير مسبوق، طرد السفير الفرنسي في باماكو جويل ميير، وذلك رداً على ما وصفه بتصريحات معادية للمسؤولين الفرنسيين بما في ذلك تصريح لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان وصف فيه المجلس بأنه "غير شرعي".

مراجعة الانتشار العسكري

وقد دفع هذا القرار غير المسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين فرنسا إلى مراجعة وجودها العسكري في مالي الذي بدأ منذ عام 2013 لمحاربة انتشار المجموعات المسلحة في مالي وفي منطقة الساحل والصحراء.

وفي مطلع فبراير الماضي، أمهلت باريس نفسها أسبوعين لاتخاذ قرار مع شركائها الأوروبيين بشأن مستقبل وجودهم العسكري في مالي، لتقرر باريس وشركاؤها في الشهر نفسه الانسحاب العسكري الكامل من مالي، احتجاجاً على ما وصفته بالهيمنة العسكرية على المشهد السياسي في البلاد، وعلاقات حكومة باماكو بالمجموعات الروسية.

ورداً على القرار، وصفت الحكومة المالية الانسحاب الفرنسي بأنه "انتهاك فاضح" للاتفاقات بين البلدين، معتبرة أن نتائج الوجود العسكري الفرنسي لـ9 سنوات في مالي "لم تكن مرضية".

وضمن انسحاب تدريجي من البلاد، تعمل فرنسا على إعادة توزيع جنودها على تشاد والنيجر وبوركينا فاسو على شكل قوات خاصة، علماً بأنه منذ 2013، سقط 53 جندياً فرنسيا في منطقة الساحل، بينهم 48 في مالي وحدها.

إلغاء الاتفاقيات الدفاعية

وفي استمرار للأزمات، أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي مطلع مايو الجاري، إلغاء اتفاقات وضع القوات التي تحدد الإطار القانوني لوجود قوات "برخان" الفرنسية وقوات "تاكوبا" الأوروبية في مالي، وكذلك اتفاقية تعاون دفاعي أبرمت عام 2014 بين مالي وفرنسا.

وبرر المجلس الخطوة بـ"الموقف الأحادي الجانب" لفرنسا عندما علقت العمليات المشتركة مع القوات المالية في يونيو 2021، وإعلانها في فبراير -"دون أي تشاور مع الجانب المالي"- انسحاب قوات "برخان" و"تاكوبا".

كما بررها أيضاً بما وصفها بـ"الانتهاكات المتعددة" للمجال الجوي من قبل الطائرات الفرنسية على الرغم من إنشاء منطقة حظر جوي واسعة فوق البلاد.

مجازر جماعية

كما تبادل الجانبان اتهامات بشأن ارتكاب مجازر جماعية، حيث اتهم المجلس العسكري الجيش الفرنسي بـ"التجسس" و"التخريب" بعدما نشرت رئاسة الأركان الفرنسية مقاطع فيديو التقطتها طائرة مسيرة قرب قاعدة غوسي (وسط) التي سلمتها فرنسا في أبريل الماضي، تظهر بحسب قوله "مرتزقة روس يدفنون جثثاً لاتهام فرنسا بارتكاب جرائم حرب".

وكان الجيش المالي، أعلن في 23 أبريل الماضي عثوره على مقبرة جماعية قرب قاعدة أعادها الجيش الفرنسي قبل أربعة أيام في جوسي بشمال البلاد. 

ومنذ يناير الماضي تخضع مالي لسلسلة تدابير اقتصادية ودبلوماسية فرضتها دول غرب-إفريقية رداً على توجّه المجلس العسكري الحاكم للبقاء في السلطة سنوات عدة.

وكان المجلس العسكري قد أعلن عن فترة انتقالية لمدة عامين فيما طالبت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا باماكو بتنظيم انتخابات خلال 16 شهراً على الأكثر.

تصنيفات