أمين عام الناتو السابق: الحلف بالغ في تقدير قوة الجيش الروسي

time reading iconدقائق القراءة - 9
 الأمين العام السابق لحلف الناتو أندرس فوج راسموسن يتحدث خلال مؤتمر ميونخ للأمن في ألمانيا- 16 فبراير 2019 - REUTERS
الأمين العام السابق لحلف الناتو أندرس فوج راسموسن يتحدث خلال مؤتمر ميونخ للأمن في ألمانيا- 16 فبراير 2019 - REUTERS
دبي -الشرق

قال رئيس الوزراء الدنماركي السابق والأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، أندرس فوج راسموسن، إن الحلف "بالغ في تقدير" قوة الجيش الروسي قبل حرب أوكرانيا، وأخطأ عندما قلل من تقدير ما وصفه بـ"وحشية وطموحات" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأضاف راسموسن في حديث خلال منتدى تنظمه مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، رداً على سؤال بشأن احتمال إعادة تقييم الحلف القوة العسكرية الروسية في ضوء هذه الحرب، أن حسابات الناتو "كانت خاطئة، إذ بالغنا في تقدير قوة الجيش الروسي". 

وأوضح أنه على الرغم من الاستثمارات الهائلة في المعدات العسكرية وإعادة تشغيل القواعد العسكرية السوفيتية القديمة، "فقد رأينا جيشاً هزيلاً، ولم يبق إلا أن نبحث أسباب ذلك"، معتبرا أن "الفساد قد يكون أحد هذه الأسباب". 

واعتبر أمين عام الحلف السابق، أن "الحسبة الخاطئة الثانية" التي ارتكبها الناتو فتتمثل، بعكس الأولى، في "عدم تقدير وحشية وطموحات الرئيس بوتين".

وقال إن الروس "تراجعوا بالطبع" عن خيار استخدام الأسلحة النووية، مضيفاً أنه، في الوقت الحالي "ليس قلقاً بالدرجة"، لأن بوتين يعلم جيداً أنه إذا لجأ إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل، والأسلحة النووية التكتيكية، والأسلحة الكيميائية، والأسلحة البيولوجية، فسيكون هناك "رد فعل عسكري حازم من قبل الناتو". 

وفي تعليق على دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "عدم إذلال" روسيا، وترك مجال أمام الدبلوماسية لحل الأزمة، أعرب راسموسن عن رفضه لهذه المقاربة، قائلاً: "لا يمكننا إنقاذ بوتين من الإذلال"، مبرراً ذلك بأن "تكلفة حفظ ماء وجه الرئيس الروسي ستكون أفدح بكثير من إلحاق هزيمة نكراء بجيشه في أوكرانيا". 

وخلص راسموسن إلى ضرورة أن تكسب أوكرانيا هذه الحرب، لأن "نجاح بوتين هناك يعني استمراره على هذا النهج"، و"مواصلة عدوانه في مولدوفا وجورجيا، وفرض ضغوط على دول البلطيق الثلاث".

أردوغان "يستغل" ورقة الناتو

وفيما يتعلق برؤيته لمعارضة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتوسع الناتو، واحتمالية وقوفه "حجر عثرة" أمام انضمام السويد وفنلندا للحلف، توقع رئيس الوزراء الدنماركي السابق أن فنلندا والسويد "ستنضمان في نهاية المطاف إلى الناتو".

وأعرب عن اعتقاده بأن ما يفعه الرئيس التركي هو "محاولة لاستغلال هذه الورقة لحل بعض مشكلاته مع الولايات المتحدة"، مؤكداً أن "الأمر يتعلق بتركيا والولايات المتحدة أكثر منه بتركيا والدولتين الشماليتين". 

وعن مطالب أردوغان لتغيير موقفه، قال راسموسن إنه لا يحتاج سوى إلى "بعض التصريحات والإقرارات، وربما بعض الخطوات" من فنلندا والسويد للتأكيد على أن الدولتين تقفان "ضد الإرهاب". 

وأوضح أن الرئيس التركي يريد أن ترفع فنلندا والسويد "حظر الأسلحة" الذي تفرضانه على تركيا، ومع ذلك أكد أن الأمر يتعلق أساساً "ببعض التنازلات من قبل الولايات المتحدة" فيما يتعلق بمفاوضات تزويد أنقرة بمقاتلات F 16 وF 35.

ولدى سؤاله عن تأثير "سلطوية" أردوغان، بحسب المجلة، وما قام به الرئيس التركي من "تقويض للمؤسسات الديمقراطية في بلاده"، على الناتو، وما إذا كانت عضوية تركيا تؤدي إلى "إضعاف الحلف"، أجاب راسموسن أنه يستبعد كل "التكهنات حول إمكانية استبعاد تركيا من الحلف".

وحذّر من أن هذا سيكون "خطأً استراتيجياً فادحاً" على حد وصفه، إذ سيدفع بتركيا إلى "مزيد من التوجه صوب روسيا"، مضيفاً: "أعتقد أننا بحاجة إلى تركيا كجسر بين الغرب والشرق". 

ولفت راسموسن إلى أن الرئيس التركي يستعد لخوض انتخابات رئاسية "شديدة التنافسية" في العام المقبل، وأنه يحاول "تعزيز موقفه" عبر اتخاذ "موقف حازم من الولايات المتحدة والدولتين الشماليتين".

توسعات الناتو 

وعلى صعيد توسع الناتو وضم السويد وفنلندا، قال راسموسن إنه "كان يأمل ذلك" عندما كان رئيساً لوزراء الدنمارك لأنه يعرف "منهجية التفكير في الدولتين".

ولفت إلى أن السويد، على سبيل المثال، ظلت محايدة على مدى قرنين من الزمان، فيما حرصت فنلندا بقوة، و"لأسباب معروفة للجميع"، على عدم استفزاز جيرانها. لكن هجوم بوتين على أوكرانيا أحدث تغييرات جذرية في موقف الدولتين بين عشية وضحاها".

وحول ما إذا كان يتفق مع الفرضية التي طرحها محللون سياسيون، بشأن "الأسباب التي جعلتنا هنا اليوم"، ومن بينها "القرار السطحي وغير المستند إلى أسس معلوماتية" الذي اتخذته الولايات المتحدة بشأن دعم توسع الناتو في العقد الأخير من القرن الماضي والأول من القرن الحالي، أعرب راسموسن أيضاً عن رفضه البات لهذه الفرضية. 

وأوضح أن الناتو لم يشن "حملة توسعات"، وأن "ما حدث هو أن الديكتاتوريات الشيوعية السابقة في شرق ووسط أوروبا طلبت عضوية الناتو من أجل الحصول على ضمانات أمنية، وبمجرد أن استوفت المعايير، تم دعوتها للانضمام إلى منظمتنا، وفقاً لسياسة الباب المفتوح التي ننتهجها".

ومن ثم، فبدلاً من توزيع الاتهامات على الناتو، يعتقد راسموسن أنه "من باب أولى أن يفكروا في الأسباب التي تدفع جيران روسيا، مرة تلو الأخرى، إلى طلب عضوية الناتو للحصول على ضمانات أمنية"، مؤكداً أن الأسباب واضحة، وهي "بالطبع التهديدات التي تفرضها روسيا".

"أخطاء كثيرة"

وبشأن ما إذا كان الناتو ارتكب خطأً بعدم قبوله أوكرانيا في وقت سابق، قال الأمين العام السابق للحلف، إنه "بالنظر إلى حوادث الماضي، فقد ارتكبنا هذا الخطأ عدة مرات". 

وتابع: "كانت أول مرة في عام 2008 عندما عقدنا قمة الناتو في بوخارست، حيث قررنا منح أوكرانيا وجورجيا عضوية المنظمة، لكننا لم نتمكن من الاتفاق على منحهما ما يعرف بخطة العمل المتعلقة بالعضوية".

وأردف: "ولعل هذه الشقاق داخل الناتو هو ما بعث برسالة خاطئة إلى بوتين، فقام بمهاجمة جورجيا بعد بضعة أشهر، في أغسطس 2008"، على حد قوله.

وزاد: "وكررنا الخطأ نفسه في عام 2014، بعدما انتهكت روسيا كل القوانين بضمها شبه جزيرة القرم إلى الاتحاد الروسي، ولم يتجاوز ردنا حينها فرض بعض العقوبات الطفيفة، ما منح بوتين انطباعاً بأن بإمكانه، وقتما شاء، ودون تحمل أي تكلفة، الاستمرار في مسلسل ضم الأراضي بالقوة"، معترفاً: "لقد ارتكبنا بالفعل أخطاءً كثيرة، وكنا سُذج أكثر مما ينبغي". 

وعن ما إذا "كان بالإمكان أفضل مما كان" في فترة توليه أمانة الحلف، قال راسموسن إن منصب أمين عام حلف الناتو يمثل عملاً "شاقاً للغاية"، لأنه يتعين على من يشغل هذا المنصب أن يصل دائماً إلى "الإجماع"، مضيفاً: "لا أعلن سراً إذا قلت إنني طوال الوقت كنت أحاول التوصل إلى مقاربة جديدة للعمل داخل الناتو".

وأوضح: "في عام 2008، كنت رئيساً لوزراء الدنمارك، وأيدت منح خطة العمل المتعلقة بالعضوية لجورجيا وأوكرانيا، لكننا لم نتمكن من تحقيق الإجماع داخل الناتو".

وتابع: "وفي عام 2014، كنت أؤيد اتخاذ تدابير أكثر قوة، لكننا لم نصل أيضاً إلى إجماع بهذا الشأن. وبالطبع كان عليّ قبول ذلك".

وواصل: "علينا الاستفادة من درس التاريخ، فاسترضاء المستبدين لا يحقق السلام، وإنما يؤدي إلى الحرب ويؤزم الصراعات لأن المستبدين لا يقدرون سوى لغة القوة والتعاضد والوحدة".

"نظام عالمي جديد"

ومضى راسموسن قائلاً: "أعتقد أننا الآن بصدد صياغة نظام عالمي جديد لعالم يضم معسكرين، هما المعسكر الاستبدادي الذي تقوده الصين، والمعسكر الديمقراطي الذي تقوده الولايات المتحدة".

وأضاف: "يجب أن نخوض غمار هذه المواجهة قبل أن يدرك الاستبداديون أن التعاون البناء أفضل من المواجهة المدمرة".
 
وتابع: "عندما يتعلق الأمر بالقوة الاقتصادية، فإن العالم الحر يمثل 60% من الاقتصاد العالمي، ومن ثم فإنه يشكل قوة هائلة"، ما سيساعد "وحدتنا وتضامننا" على خلق "بعض الاحترام" لدى بكين. 

لكنه أشار أيضاً إلى وجود ما سماه بـ"المنطقة الرمادية.. فبعض الدول لا تشعر بالارتياح تجاه وجوب الاختيار بين المعسكرين". 

وضرب راسموسن مثلاً لهذه الدول بالهند "التي تطالع الشأن العالمي من منظور صراعها مع الصين"، ما جعلها "تعتمد على روسيا في الحصول على السلاح على مدى سنوات طويلة"، وفي الوقت نفسه "تمد جسور علاقة أمنية مع الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".

واعتبر رئيس وزراء الدنمارك السابق أن "ما ينبغي عمله الآن هو جعل المشاركة في المعسكر الديمقراطي أكثر جاذبية للهند" ولغيرها من الدول من أجل مساعدتها على "ترسيخ أقدامها في هذا المعسكر الذي تنتمي إليه"، مضيفاً: "يجب علينا أن نوفر لهذه الدول شحنات أسلحة في حال قطعت علاقاتها بروسيا". 

وأوضح: "إننا نشهد تراجعاً في الحريات والديمقراطية في جميع أنحاء العالم، وعلينا أن نغير مجرى المد"، مضيفاً أن تحقيق ذلك يحتاج إلى "ما أسميه (تحالف الديمقراطيات)، حيث يمنح بعضنا بعضاً معاملة اقتصادية تفضيلية".
 
وتابع: "علينا أن نصيغ المعايير الدولية لاستخدام التكنولوجيات الناشئة، وأن ننشئ تسهيلات ائتمانية للشركات الخاصة التي ترغب في مراجعة، وتحويل خطوط إمدادها بعيدا عن الدول الاستبدادية باتجاه دول ديمقراطية أكثر استقراراً".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات