باكستان.. نشأة مضطربة وحدود رسمت في 5 أسابيع

time reading iconدقائق القراءة - 12
صورة غير مؤرخة تعود لعام 1947 - 1948 أفرجت عنها وزارة الإعلام الهندية في 13 يونيو 2017 احتفالاً بمرور 70 عاماً على استقلال الهند تظهر نازحين مسلمين بجوار مقبرة سلطان مغول الهند نصير الدين همايون في أعقاب اضطرابات تقسيم الهند بعد انتهاء حكم الراج البريطاني  - AFP
صورة غير مؤرخة تعود لعام 1947 - 1948 أفرجت عنها وزارة الإعلام الهندية في 13 يونيو 2017 احتفالاً بمرور 70 عاماً على استقلال الهند تظهر نازحين مسلمين بجوار مقبرة سلطان مغول الهند نصير الدين همايون في أعقاب اضطرابات تقسيم الهند بعد انتهاء حكم الراج البريطاني - AFP
دبي-الشرق

ألقت الأحداث السياسية الأخيرة في باكستان، الضوء على الدولة المسلحة نووياً، والتي يبلغ تعداد سكانها حوالى 230 مليون نسمة، وتشهد نظاماً سياسياً مضطرباً وسمته الانقلابات العسكرية والاغتيالات السياسية منذ نشأتها في أربعينات القرن الماضي، وهي النشأة التي تلتها واحدة من أفظع الحوادث في تاريخ الإنسانية.

وجاء قرار حل البرلمان الباكستاني والحكومة، الأحد، يسبقه تاريخ طويل ومضطرب مشوّب بالانقلابات العسكرية والعنف والاغتيالات، وتثير القرارت الجديدة مخاوف من أن تؤدي إلى موجة جديدة من الاضطراب تنهي حالة الاستقرار النسبي التي تعيشها باكستان منذ نحو عقدين، إذ شهد البلد آخر انقلاب عسكري بالمعنى التقليدي عام 1999.

نشأة باكستان

نشأت باكستان عام 1947، نتيجة للتقسيم البريطاني للهند في العام نفسه، بالتزامن مع استقلال الهند عن الحكم البريطاني، ليصبح للمسلمين الهنود دولتهم المستقلة في شرق الهند مع حلول منتصف ليل 15 أغسطس 1947 وهو تاريخ استقلال الهند أيضاً.

ولكن ما كان يجب أن يكون مناسبة للفرح والاحتفال تحول إلى صراع دموي عنيف لا يمكن تخيله طبقاً لما ذكره مشروع "الناجين وذاكرتهم" التابع لجامعة "ستانفورد" الأميركية، والذي يسرد شهادات ناجين من التقسيم.

وفقد ما يزيد عن مليوني شخص حياتهم في الأحداث التالية للتقسيم، وسط مشاهد مروعة لقطارات مليئة بالجثث وأجساد بلا رؤوس وأطراف بشرية ملقاة على جانبي الطرقات وانتشار للنهب واعتداءات جنسية وجسدية.

وترافقت مع هذه الفظائع والتقسيم، واحدة من أكبر موجات الهجرة الجماعية في التاريخ. ففيما قسم القرار ولايات هندية ضخمة (البنجاب والبنغال)، بين الهند وباكستان الوليدة، وجد ما يزيد عن 7 ملايين من الهنود والسيخ، ومثلهم من المسلمين، أنفسهم في البلد الخطأ، وبدأت موجة نزوح الهنود والسيخ إلى الهند والمسلمين إلى باكستان.

وتشير بعض التقديرات إلى تهجير ما بين 10 إلى 20 مليون شخص بسبب قرار التقسيم.

 إعادة رسم حدود جنوب آسيا

وبحسب مشروع "ستانفورد"، فإن الكثير من النازحين لم يصلوا أبداً إلى وجهتهم. ويلقي مؤرخو المشروع، اللّوم في هذه المأساة على قرار بريطانيا تسليم السلطة للسلطات الهندية في 15 أغسطس 1947، قبل 10 أشهر كاملة من الموعد المفترض.

كما عُزي ذلك إلى الرسم المتعسف والمتسرّع للحدود بين الدولتين قام به المحامي البريطاني، سيريل رادكيلف، والذي افتقد للمعلومات الأساسية عن الهند، ومنح مهلة 5 أسابيع فقط لإعادة رسم حدود جنوب آسيا، بعدما أقرّ البرلمان البريطاني في يوليو 1947 قانون استقلال الهند، وأمر بترسيم حدود البلدين بحلول 15 أغسطس 1947.

ويشير مؤرخو ستانفود أيضاً، إلى الخطاب العدائي المتزايد الذي رافق صعود المد القومي بين الهنود والمسلمين وسياسات بريطانيا التي كانت تحكم الهند وقتذاك.

 ما قبل التقسيم

ومع إضعاف الحرب العالمية الثانية لقبضة بريطانيا على إمبراطوريتها، والانتفاضة التي قادها المهاتما غاندي ضد الحكم البريطاني، قررت بريطانيا إنهاء وجودها في شبه القارة وتسليم السلطة إلى إدارة هندية، في وقت كانت الهند منقسمة بين أكبر قيادتين في البلاد: جواهر لا نهرو ومحمد علي جناح الذي ترأس رابطة مسلمي الهند، وفقاً لدائرة المعارف البريطانية.

وأوفدت بريطانيا بيثيك لورانس وكان وزير دولة لشؤون الهند وبورما، إلى نيودلهي لحل الأزمة بين أكبر قوتين في البلاد، وحمل معه مقترحاً يقضي بتقسيم البلاد إلى اتحاد من فيدراليات، بحكومة مركزية في دلهي تتولى مهمات الخارجية والاتصالات والدفاع والشؤون المالية. 

واقترحت الخطة أيضاً تقسيم شبه القارة الهندية إلى 3 مجموعات رئيسية، أولها تشمل المقاطعات ذات الأغلبية الهندوسية في بومباي، ومدراس، وبيهار، وأوريسا، والمقاطعات الوسطى، وهي كل ما أصبح الهند بعد الاستقلال.

أما المجموعة الثانية، فتشمل مقاطعات ذات الأغلبية المسلمة في البنجاب والسند والحدود الشمالية الغربية وبلوشستان، وهي التي أصبحت باكستان في ما بعد. أما المجموعة الثالثة، فتشمل البنغال ذات الأغلبية المسلمة، التي أصبحت باكستان الشرقية، وباتت في عام 1971 دولة بنغلاديش، وآسام ذات الأغلبية الهندوسية.

ورغم موافقة جناح على الخطة، إلا أن نهرو أبدى ملاحظات عليها فسرها الأول على أنها رفض كامل، وهو ما دفعه بالمطالبة بقيام "الأمة الإسلامية"، وإطلاق تحرك منتصف أغسطس لتحقيق هذا الهدف، وهي الشرارة التي أطلقت الحرب الأهلية، لتتخذ بعدها بريطانيا قراراً بالتقسيم، وسحب قواتها من شبه القارة بسرعة.

ولاحقاً أصبح نهرو أول رئيس وزراء للهند ومحمد علي جناح، الحاكم العام لباكستان حتى وفاته في عام 1948.

جغرافيا باكستان

من ناحية الجغرافيا، تحتل باكستان موقعاً وسطاً في جنوب آسيا، بين آسيا الوسطى والشرق الأوسط، وهو ما يمنحها موقعاً استراتيجياً هاماً.

تبلغ مساحة باكستان الإجمالية 796.095 كيلومتر مربع باستثناء إقليم كشمير المتنازع عليه، وتحد باكستان من الشرق، جارتها الهند، وتحدها إيران من الغرب، وأفغانستان من الشمال والصين من جهة الشمال الشرقي.

لكن المساحة التي تشكل باكستان اليوم، ليست هي ذاتها التي كانت تشكلها وقت انفصالها عن الهند، إذ انفصل البنغال عن باكستان ليشكلوا ما بات يعرف اليوم بـ"بنجلاديش" في عام 1971 في أعقاب ما عرف بـ"حرب التحرير البنجلاديشية".

وتعد أخطر حدود لباكستان، تلك المشتركة مع الهند والتي شهدت حروباً بشأن إقيم كشمير المتنازع عليه، وكذلك مناوشات لا تنتهي.

ويبلغ طول الحدود الباكستانية مع الصين 523 كيلو متراً فيما تمتد حدودها مع الهند لـ2912 كيلومتراً و2430 كيلومتراً مع أفغانستان و909 كيلومترات مع إيران. ويبلغ طول سواحلها 1046 كيلومتراً. ويعد ميناء كراتشي نقطة هامة على طريق التجارة.

 التشكيل الديموغرافي

تملك باكستان، تشكيلة ديموجرافية متنوعة، يغلب عليها البنجابيون ونسبتهم 52.6% والبشتون ونسبتهم 13.2% من إجمالي السكان، والسنديون ونسبتهم 11.7% والمهاجير وهم يتحدثون الأردية ونسبتهم 7.5% والبلوشيون ونسبتهم 4.3%.

فيما تشكل باقي المجموعات العرقية الأصغر حجماً 10.7% من إجمالي عدد السكان طبقاً للموسوعة البريطانية "بريتانيكا".

وطبقاً لإحصاء عام 2021 بلغ تعداد باكستان نحو 230 مليون نسمة، وهو ما يجعلها الدولة الخامسة عالمياً من حيث التعداد السكاني، و36.4% من مساحتها حضر، و63.6% ريف بحسب "بريتانيكا".

وبلغ متوسط أعمار الذكور الباكستانيين في عام 2020 نحو 67.7 عاماً و68.7 عاماً للإناث. ويشكل الذكور 51.4% من إجمالي عدد السكان، وفق البنك الدولي.

وعملة باكستان الرسمية هي الروبية الباكستانية، ولغاتها الرسمية هي الأردو والإنجليزية، ويتحدث بعض سكانها لغات محلية مثل البشتو والبنجابية والبلوشية، ودينها الإسلام.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات