محللون: الهجمات على الأميركيين في العراق تكشف نفاد صبر إيران

time reading iconدقائق القراءة - 6
دخان يتصاعد من مدخل السفارة الأميركية في بغداد إثر هجوم للحشد الشعبي، 31 ديسمبر 2019 - AFP
دخان يتصاعد من مدخل السفارة الأميركية في بغداد إثر هجوم للحشد الشعبي، 31 ديسمبر 2019 - AFP
بغداد-أ ف ب

اعتبر محللون ومسؤولون، أن الهجمات الصاروخية المتجددة ضد منشآت أميركية في العراق، مؤشر على تصعيد من جانب الفصائل الموالية لإيران على حكومة بغداد، في ضوء نفاد صبر طهران تجاه الإدارة الأميركية الجديدة.

وشهدت بغداد، 3 هجمات بالقذائف الصاروخية على مصالح غربية، خلال أسبوع، بعد هدوء استمر 4 أشهر.

عودة الهجمات

وقال مسؤول عسكري أميركي كبير في العراق (لم تسمه)، لوكالة "فرانس برس" الثلاثاء، غداة إطلاق قذائف صاروخية على السفارة الأميركية بالمنطقة الخضراء في بغداد: "يبدو أننا عدنا إلى أحداث العام الماضي".

واستهدفت قاعدة بلد شمال بغداد، السبت، بهجوم صاروخي أدى إلى إصابة متعاقد عراقي في شركة أميركية مكلفة بصيانة طائرات (إف-16) التي حصل عليها العراق من الولايات المتحدة، وفق ما أفادت مصادر أمنية. 

وسبق ذلك هجوم مماثل، الأسبوع الماضي، استهدف قاعدة جوية في كردستان العراق في شمال البلاد، تؤوي جنوداً أميركيين، ما تسبّب في مقتل مدنيين أحدهما عراقي، والآخر أجنبي وجرح آخرون، بينهم عسكري أميركي.

وقال المسؤول الأميركي، إن الحوادث الأخيرة تشبه الهجمات التي وقعت العام الماضي، واستخدمت فيها عشرات الصواريخ من طراز (107 ملم) التي تطلق من مركبات صغيرة.

لكن اللافت للنظر، هو أن المجموعات المتهمة بتنفيذ هذه الهجمات، كانت أول الجهات المستنكرة لها، إلا أن المصادر الأمنية لا تبدو مقتنعة بهذا التنديد.

وأضاف المسؤول الأميركي: "المؤشرات تدلّ على أن الهجمات تعتمد الأسلوب السابق، والمعلومات الاستخباراتية تقول بأن هناك المزيد في المستقبل".

إثبات وجود

ويرى محللون وخبراء، أن استئناف الهجمات ضد المصالح الأميركية في العراق، مرتبط بعوامل محلية ودولية، فعلى المستوى المحلي، تتحدى الفصائل المسلحة العراقية، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي سبق أن وعد بضبط هذه الفصائل، وفق ما تقول أنيسة البصيري، من "المعهد الملكي لخدمات الأمن والدفاع".

وأضافت، في تصريح لـ"فرانس برس": "يريدون أن يذكّروا الجميع بأنهم موجودون، وأن يظهروا لرئيس الوزراء بأنهم يملكون حرية التحرك متى شاؤوا".

وتسعى هذه الفصائل التي لها ممثلون في البرلمان، إلى إبراز عضلاتها مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة التي يجري التحضير لها في أكتوبر المقبل.

وتابعت البصيري: "الانتخابات المقبلة تلعب دوراً مفصلياً. وهذه المجموعات تستعدّ لها".

رسالة لواشنطن

وتشير البصيري، إلى أن الصواريخ قد تحمل أيضاً رسالة من طهران إلى واشنطن، إذ تسعى إدارة الرئيس جو بايدن، إلى إحياء الاتفاق النووي الذي خرج منه الرئيس السابق دونالد ترمب، عام 2018. 

وبينما تطالب واشنطن بالعودة إلى المفاوضات في شأن الاتفاق الذي أعقب انسحاب واشنطن منه، فرض عقوبات أميركية على إيران، تريد الأخيرة رفع العقوبات قبل أي تفاوض جديد.

وحذّر المرشد الإيراني علي خامنئي، الاثنين، من أن بلاده ستخصب اليورانيوم بنسبة 60%، وهي نسبة أعلى بكثير من الحد الأقصى البالغ 3,67% الذي قبلت به إيران بموجب اتفاق 2015.

وتقول البصيري: "الهجمات المتجددة قد تكون محاولة من المقربين من إيران لزيادة نفوذ حليفتهم، في ضوء المحادثات التي تلوح في الأفق مع الولايات المتحدة".

أموال مجمدة

وقد تكون لدى إيران أسباب مالية للضغط على بغداد بشكل مباشر، وفق مسؤولين محليين وغربيين. 

فمع تقلص اقتصادها وتداعيات العقوبات، تحتاج طهران إلى الوصول إلى حسابها في "بنك التجارة العراقي" المملوك للدولة، إذ كانت الحكومة العراقية تدفع لها ثمن الغاز الإيراني المستورد.

لكن مسؤولين عراقيين قالوا إنهم يخشون دفع ديون مستحقة لطهران بقيمة نحو 2 مليار دولار، خشية أن يثير ذلك غضب الولايات المتحدة. 

وأثيرت القضية في أواخر يناير الماضي، عندما سافر وفد يضم وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، ورئيس ديوان رئيس الوزراء، رائد جوحي، إلى طهران. 

وبحسب مسؤول عراقي كبير مطلع على الرحلة، حمل جوحي رسالة من الكاظمي تطلب من طهران كبح جماح الجماعات المسلحة في العراق، بعد هجمات صاروخية شملت السفارة الأميركية.

والتقيا بعد مقتل الأخير في غارة أميركية بطائرة مسيّرة العام الماضي.

تهديد ضمني

وصرح المسؤول لوكالة "فرانس برس"، بأن إسماعيل قاآني الذي خلف قاسم سليماني، في قيادة "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" الإيراني، أبلغهما أن إيران "لن تتمكن من السيطرة على نشاطات الجماعات المسلحة في العراق، ما لم تحصل على أموال من حساب المصرف العراقي للتجارة".

وأكد مسؤول عراقي ثان، ودبلوماسي غربي، أن المناقشات خلصت إلى ارتباط قضايا حساب مصرف التجارة العراقي بالهجمات الصاروخية. 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، الاثنين، إن الولايات المتحدة "ستحمّل إيران المسؤولية عن تصرفات وكلائها الذين يهاجمون الأميركيين"، لكنها لن تخاطر بزعزعة استقرار العراق. 

وأضاف: "قدمنا خيارات للرد، بما في ذلك الضرب داخل وخارج العراق، لكننا لم نتسلم أي أوامر جديدة من الإدارة".