هل يصل البشر قريباً إلى المريخ؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
صورة توضيحية  للمركبة "برسفيرانس روفر" التي تم إنزالها إلى سطح المريخ بواسطة مركبة هبوط "رافعة السماء" التي تعمل بالطاقة النفاثة. - REUTERS
صورة توضيحية للمركبة "برسفيرانس روفر" التي تم إنزالها إلى سطح المريخ بواسطة مركبة هبوط "رافعة السماء" التي تعمل بالطاقة النفاثة. - REUTERS
واشنطن-أ ف ب

بات الروبوت الجوال "برسفيرانس" التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) بعد هبوطه الخميس بنجاح على سطح المريخ، خامس مركبة من هذا النوع تحقق إنجاز الرحلة إلى الكوكب الأحمر. لكنّ دور الإنسان لم يحِن بعد، ومن غير المتوقع أن يكون الموعد قريباً، بالرغم من كون الرحلات البشرية إلى المريخ هدفاً قديماً وُضِع منذ عقود.

وقال مدير "ناسا" بالإنابة ستيف جورشيك الخميس: "بحلول منتصف العقد الثالث من القرن الجاري، قد نبدأ في استخدام الوسائل التي نستخدمها للوصول إلى القمر لإرسال رواد فضاء إلى المريخ".

وإذا كانت الصعوبات التكنولوجية الكبيرة عولجت تقريباً، فإن عوامل كثيرة لا تزال غائبة من المعادلة.

صعوبات تقنية

فالرحلة إلى المريخ تستغرق نحو سبعة أشهر، وعلى رواد الفضاء أن يمضوا هناك 30 يوماً في البداية، بحسب "ناسا".

ويبلغ متوسط درجة الحرارة على الكوكب الأحمر 63 درجة مئوية تحت الصفر، بينما توجد هناك إشعاعات كثيرة، والجو يحتوي على 95% من ثاني أكسيد الكربون.

أما الجاذبية فلا تتعدى 38% من جاذبية الأرض. لكنّ جي سكوت هابارد الذي كان يعمل في "ناسا" وقاد أول برنامج يتعلق بالمريخ، قال: "تعلمنا الكثير عن الجاذبية الصغرى بفضل محطة الفضاء الدولية". 

إلاّ أن تقنيات ومعدات كثيرة لا تزال بحاجة إلى الاختبار.

إنتاج الأوكسجين

وحمل "برسفيرانس" إلى المريخ أدوات عدة بهدف التحضير للبعثات البشرية في المستقبل، من أبرزها جهاز بحجم بطارية سيارة سميّ "موكسي" سيحاول إنتاج الأوكسجين مباشرة في الموقع، من خلال امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي للمريخ، على غرار ما تفعل النباتات. وهذا الأوكسجين سيمكّن مستوطنين بشريين مستقبلاً من التنفس، وسيُستخدَم كذلك كوقود.

ويُعتبَر برنامج "أرتيميس" الذي تركّز "ناسا" جهودها عليه بهدف إعادة إرسال رواد فضاء إلى القمر، حقل تجارب لإرسال بعثات بشرية إلى المريخ. 

وسيتم على القمر اختبار بزة فضائية جديدة تتيح قدرة حركية أفضل، وتقي من درجات الحرارة المتدنية جداً. كذلك تشمل الاختبارات محطة طاقة نووية صغيرة لإنتاج الكهرباء، بما في ذلك خلال العواصف الترابية التي يمكن أن تحجب الشمس لأشهر على المريخ، ما يدفع إلى صرف النظر عن استخدام الألواح الشمسية. وتكمن الفائدة من اختبار كل شيء أولاً على سطح القمر في إمكان إرسال المساعدة إليه. 

ورأت المحللة في قطاع الفضاء لورا فورشيك، أن إرسال بشر إلى كوكب المريخ "قابل للتحقيق"، لكنّها شددت على أن "إرسال روبوتات في الوقت الراهن أكثر أماناً" إذ إن معايير السلامة المطلوبة تكون أقل.

إرادة سياسية

إلا أن العقبة الكبيرة تبقى الإرادة السياسية والتمويل المصاحب لها. في عام 1990، أعلن الرئيس السابق جورج بوش عن هدف يتمثل في إرسال إنسان إلى المريخ قبل الذكرى الخمسين لأول خطوة على سطح القمر في يوليو 2019.

ولم تثمر وعود مماثلة أطلقها ثلاثة رؤساء خلفوه (جورج بوش الابن وباراك أوباما ودونالد ترمب) عن أي برنامج ملموس.

هل يتحقق الهدف في ثلاثينات القرن الجاري؟ أجاب جي سكوت هابارد عن هذا السؤال قائلاً: "هذا ممكن (...) ولكن من دون الإرادة السياسية للإدارة والكونغرس، لن يحدث ذلك".

ولم يعين الرئيس جو بايدن بعد مديراً أصيلاً لوكالة الفضاء، ولم يعلن رؤيته الفضائية في الوقت الراهن. واكتفى الناطق باسمه بتأكيد "دعم" برنامج "أرتيميس".

وتوقعت لورا فورشيك "تأخيراً" عن الموعد المحدد في 2024 لتحقيق هدف عودة رواد الفضاء إلى القمر، ما سيؤدي بفعل "تأثير الدومينو" إلى تأخير مماثل لبرنامج المريخ، معتبرة أن ثمة صدقية أكبر في التطلع إلى تحقيق هدف إرسال بشر إلى الكوكب الأحمر خلال أربعينات القرن الجاري.

"سبايس إكس" قد تسبق "ناسا"

في ضوء ذلك، هل يمكن أن تتمكن شركة "سبايس إكس" التي يملكها أغنى رجل في العالم إيلون ماسك، من أن تسبق وكالة "ناسا"، علماً أن الهدف الصريح لتأسيس الشركة هو إتاحة استيطان المريخ؟.

تسعى "سبايس إكس" إلى تطوير الصاروخ "ستارشيب" الذي تحطم نموذجان منه أخيراً خلال اختبارهما، محدثَين كرتي لهب كبيرتين. 

وعلى عكس الوكالات الممولة من دافعي الضرائب، يستثمر إيلون ماسك أمواله الخاصة، وبالتالي يمكنه أن يجازف بقدر ما يشاء.

وقال جي سكوت هابارد الذي يرأس لجنة خبراء في مجال الأمن في الشركة، إن "سبايس إكس" قد تتمكن بفضل "نهجها السريع"، من امتلاك "مركبة فضائية جاهزة قبل وكالة ناسا". لكنه أوضح أن "جعل بشر يشاركون في الرحلة يحتاج إلى معدات متطورة" تبقيهم على قيد الحياة، وهو ما استثمرت فيه "ناسا" لعقود، وهو ما يعني انتقال الشركة إلى الشراكة مع الوكالة الأميركية لتحقيق هذا الهدف.