بعد تعديلات قسرية فرضتها كورونا في السنتين الماضيتين، تعود حفلة الأوسكار الأحد، إلى قاعتها التقليدية في هوليوود، وسط منافسة محتدمة للغاية تبدو فيها أفلام "كودا - Coda" و"قوة الكلب - The Power Of The Dog" و"بلفاست - Belfast" الأوفر حظاً لنيل المكافأة الهوليوودية الأبرز.
بقي فيلم الويسترن السوداوي النفسي "قوة الكلب" متصدراً السباق فترة طويلة، بعدما أظهرت الترجيحات في الأشهر الماضية أنه الأوفر حظاً لنيل جائزة أفضل فيلم روائي طويل، ما سيشكل في حال حصوله فوزاً تاريخياً لشبكة نتفليكس العملاقة التي لم تحصد بعد أي جائزة في هذه الفئة الرئيسية.
"كودا" يتصدر الجوائز
لكن منذ بضعة أسابيع، عادت أسهم فيلم "كودا" الكوميدي الدرامي المليء بالتفاؤل المقتبس من الفيلم الفرنسي الناجح "La Famille Belier"، إلى الارتفاع بقوة.
واكتسح هذا العمل الذي يروي قصة طالبة في المدرسة الثانوية ممزقة بين شغفها الجديد بالغناء، وعائلتها التي يعاني جميع أفرادها من الصمم ويعتمدون عليها للتواصل مع سائر العالم، جوائز النقابات السينمائية الأميركية واحدة تلو الأخرى.
وتصدر الفيلم ذو الميزانية الإنتاجية المنخفضة الذي بدأت رحلته في مهرجان "ساندانس" في يناير 2021، الجمعة، لأول مرة توقعات الخبراء في هذا القطاع، متخطياً فيلم "قوة الكلب".
وحل في المرتبة الثالثة فيلم "بلفاست" الذي يسترجع مخرجه كينيث براناه بالأبيض والأسود طفولته في خضم موجة أعمال العنف في أيرلندا الشمالية في نهاية ستينيات القرن العشرين.
وقال المتخصص في الجوائز السينمائية كلايتون ديفيس لمجلة "فاراييتي" المرجعية في المجال "السباق يدور بين عملين أو ثلاثة".
وتحدث ديفيس عن "دينامية قوية" تصب في مصلحة فيلم "كودا". وأوضح لوكالة فرانس برس أن "السنتين الأخيرتين كانتا صعبتين للجميع. وفيلم كودا إيجابي ويعطي راحة نفسية. أظن أن المصوّتين يرغبون في دعم فيلم يبث الإيجابية".
نتفليكس في مواجهة أبل
وكال كثر المديح لفيلم "قوة الكلب" للمخرجة جين كامبيون، خصوصاً لجمالية مشاهده وقوة أداء ممثليه الذين رُشح 4 منهم، بنديكت كامبرباتش وكيرستن دانست وجيسي بليمونز وكودي سميث ماكفي، لنيل جوائز في هذه النسخة الـ94 من الأوسكار.
لكنّ آخرين انتقدوا العمل لجهة ما اعتبروه ضعفاً في المشاعر التي يثيرها، وقال الصحافي في مجلة "هوليوود ريبورتر" سكوت فينبرج، إن الفيلم "لا يروق للجميع".
وربما يكون ذلك عائقاً مع اعتماد أسلوب التصويت التفضيلي على دورات عدة، في فئة أفضل فيلم روائي طويل، إذ يصب ذلك في مصلحة الأعمال التي تحصد أكبر مقدار من الإعجاب لدى أكثرية المصوّتين.
لكن المفاجآت ممكنة دائماً في الأوسكار، إذ إن المسابقة "لم تكن يوماً مفتوحة كما هي حالياً"، وفق ما قال مصدر له حق التصويت في أكاديمية فنون السينما وعلومها، وهي الجهة المسؤولة عن منح جوائز الأوسكار، طالباً عدم ذكر اسمه.
ومن المزايا التي تصبُّ في مصلحة "كودا" هو أنه فيلم مستقل مع ميزانية متواضعة (15 مليون دولار)، ما قد يشكّل عاملاً إيجابياً بالنسبة للمصوّتين، رغم أنه يُبث على "أبل تي في+".
وقال صاحب الحق في التصويت لوكالة فرانس برس إن "بعض أعضاء الأكاديمية الذين أتحدث معهم لا يزالون مترددين في التصويت لفيلم من إنتاج نتفليكس في فئة أفضل فيلم طويل".
ويل سميث وجيسيكا شاستين
وفي الممثلين، يبقى الأوفر حظاً هذا العام أيضاً النجم ويل سميث الذي يتمتع بشعبية كبيرة، عن دوره كأب بطلتي التنس سيرينا وفينوس وليامز في فيلم "الملك ريتشارد - King Richard".
كما ينافس تروي كوتسور، أحد نجوم "كودا"، لنيل جائزة أوسكار أفضل ممثل في دور ثانوي. هذا الممثل الأصمّ الذي يؤدي دور أب محب، ولكن فاقد الحيلة أحياناً لمراهقة لا تعاني مشكلات سمعية، حقق نجاحاً كبيراً في مختلف مهرجانات الجوائز السينمائية هذا الموسم، لكن المنافسة أقوى بكثير في صفوف الممثلات.
ورأى سكوت فينبرج أن "المرشحات الخمس لديهن جميعاً حظوظ فعلية للفوز" هذا العام، رغم أن جيسيكا شاستين التي تؤدي دور مبشّرة تلفزيونية في "عيون تامي في - The Eyes Of Tami Fay"، تبدو "الأوفر حظا".
وأقر كلايتون ديفيس بأن هذا الخيار يبدو الأقل مجازفة، لكنه أشار إلى أن حظوظ بينيلوبي كروز ليست ضعيفة، وهي قد تُحدث مفاجأة بفضل أدائها في فيلم "أمهات موازية - Parallel Mothers" لبيدرو ألمودوفار.
ويُتوقع أن تفوز أريانا دوبوز بأوسكار أفضل ممثلة في دور ثانوي عن أدائها في النسخة الجديدة من فيلم "قصة الحي الغربي - West Side Story" لستيفن سبيلبرج، لكن الأخير يواجه صعوبة في التغلب على جين كامبيون التي تملك حظوظاً قوية للفوز بثاني أوسكار في مسيرتها الإخراجية بعد جائزتها الأولى عن فيلم "البيانو -The Pianno".
ومن المتوقع أن يتمايز فيلم "كثيب - Dune" في فئات تقنية كثيرة، بينها التصوير الفوتوغرافي والصوت والمؤثرات الخاصة.
ويأمل المنظمون وقناة "إيه بي سي" الناقلة للحدث بأن تستعيد المناسبة جمهورها بعد التراجع الكبير في أعداد المشاهدين خلال السنوات الأخيرة.
واستقطبت نسخة 2021 نحو 10 ملايين مشاهد، في انخفاض نسبته 56% عن العام السابق الذي سجل بدوره أدنى مستوى قياسي لأعداد المشاهدين.
ولاستقطاب المتابعين، أطلق المنظمون هذا العام "جائزة المعجبين" التي يمنحها المتابعون من خلال تصويتهم عبر الشبكات الاجتماعية.
وقال كلايتون ديفيس إن القائمين على الأوسكار اتخذوا هذه المبادرة "سعياً لجذب جمهور جديد من جيل تيك توك".
كما يأمل المنظمون في جذب المشاهدين بفضل العرض الذي ستقدمه ملكة البوب بيونسيه والمغنية بيلي أيليش خلال أمسية الأوسكار، التي تتنافس خلالها أغنيتان لهما للفوز عن فيلمي "الملك ريتشارد" و"لا وقت للموت - No Time To Die" (أحدث أفلام جيمس بوند).